حملة في الأردن للحدّ من تزويج الأطفال

18 ابريل 2024
من إحدى مدارس الأردن في الثاني من سبتمبر 2018 (EPA)
+ الخط -
اظهر الملخص
- أطلقت جمعية "تضامن" حملة لمكافحة تزويج الأطفال في الأردن، مستهدفة رفع الوعي حول تداعياته والتأكيد على سن الثامنة عشرة كشرط للزواج لتقليص الاستثناءات القانونية.
- في 2022، بلغت عقود زواج القاصرات 5824، مشكلة 9.1% من إجمالي الزواج، مع تأكيد "تضامن" على دور التشريعات وشروط منح الإذن بزواج القاصرات للحد من الظاهرة.
- تعزو "تضامن" الانخفاض النسبي في زواج القاصرات إلى الجهود الوطنية وخطة العمل الوطنية، مشيرة إلى تأثير الثقافة والأوضاع الاقتصادية، وتؤكد على أهمية تكاثف الجهود لحماية الفتيات وضمان حقوقهن.

أطلقت جمعية معهد تضامن النساء الأردني "تضامن"، اليوم الخميس، حملة للحدّ من تزويج الأطفال تتضمن عددًا من الأنشطة والفعاليات الهادفة إلى زيادة وعي المجتمع، والعمل على مكافحة هذه الظاهرة لما لها من تداعيات على شتى مناحي الحياة.

ووفقاً للإحصائيات التفصيلية لتقرير دائرة قاضي القضاة لعام 2022، بلغت عقود زواج القاصرات (من هن دون سن 18 سنة)، 5824 عقداً عام 2022 وبنسبة 9.1 بالمائة من مجموع عقود الزواج العادي والمكرر.

وأوضحت "تضامن" في بيان اليوم الخميس، أن الحملة تندرج ضمن (الأسبوع الوطني للحدّ من مناهضة تزويج القُصّر)، داعية إلى اعتماد تاريخ 18إبريل/ نيسان يوماً من أجل تأكيد التمسك بإتمام سن الثامنة عشرة كشرط من الشروط القانونية للخطبة والزواج، انطلاقًا من الجهود الوطنية المبذولة على مدار سنوات وبشكل مستمر في موضوع تزويج الأطفال، سواء كان على مستوى المؤسسات الرسمية والمجتمع المدني.

وحثّت المؤسسات والمنظمات المحلية والدولية على مواصلة عملها واستكمال الجهود الوطنية المبذولة من أجل تضييق الاستثناءات التي تجيز تزويج الأطفال، علمًا بأنها تُسمّى "تعليمات منح الإذن بالزواج لمن أكمل الخامسة عشرة سنة شمسية من عمره ولم يكمل الثامنة عشرة رقم (1) لسنة 2017 صادرة بموجب الفقرة "ب" من المادة (10) من قانون الأحوال الشخصية الأردني رقم (36) لعام 2010".

وبحسب "تضامن"، فإن التشريعات الوطنية هي الفيصل الأساسي للحدّ من تزويج القُصّر لكل من الذكور والاناث؛ إذ تحتوي تعليمات منح الإذن بزواج من هم دون سن 18 على عدد من المواد القانونية التي تنظم تعليمات منح الإذن. وأوضحت: جاء في المادة 4 من هذه التعليمات عدد من الشروط التي يجب على المحكمة مراعاتها عند منح الإذن منها: أن يكون الخاطب كفؤاً للمخطوبة، وأن يتحقق القاضي من الرضا والاختيار، وأن تتحقق المحكمة من الضرورة التي تقتضيها المصلحة وما تتضمنه من تحقيق منفعة أو درء مفسدة وبما تراه مناسباً من وسائل التحقق، على أن ألا يتجاوز فارق السن بين الطرفين الخمسة عشر عاماً.

ومن الشروط الأخرى أيضا، أن لا يكون الخاطب متزوجاً، وأن لا يؤدي الزواج إلى الانقطاع عن التعليم المدرسي، وإثبات مقدرة الخاطب على الإنفاق ودفع المهر وتهيئة بيت الزوجية. وتنصّ المادة (3) من التعليمات على أنه "يجوز للقاضي أن يأذن بزواج من أكمل الخامسة عشرة من عمره ولم يكمل الثامنة عشرة إذا كان في زواجه ضرورة تقتضيها المصلحة، وفقاً لأحكام هذه التعليمات.

وتقول "تضامن": إنه منذ عام 2012 لغاية 2022 شهد انخفاضًا على صعيد النسب والأرقام، لكن بقيت نسبة زواج القاصرات من مجموع حالات الزواج العادي والمكرر مرتفعة. ووصلت نسبة تزويج القصر حسب الإحصاءات الرسمية الصادرة عن دائرة قاضي القضاة إلى 12.6 بالمائة عام 2012، وكانت أعلاها عامي 2015-2016 حيث وصلت إلى 13.4 بالمائة، ثم عادت إلى 13.3 بالمائة عام 2017، وبدأت بالانخفاض إلى أن وصلت إلى 9.1 بالمائة عام 2022.

وعزت الجمعية الانخفاض النسبي إلى الجهود الوطنية المبذولة من قبل كافة ومنظمات المجتمع المدني ذات العلاقة، بالإضافة إلى نتائج التطبيق العملي لخطة العمل الوطنية لتنفيذ توصيات دراسة "زواج القاصرات" في الأردن والتي يشرف عليها المجلس الوطني لشؤون الأسرة. ورأت تضامن أنه لا يجب الاكتفاء فقط بتوفير الخدمات الصحية والنفسية للمتزوجات مبكرًا، بل ضمان الوصول إلى هذه الخدمات بمختلف أشكالها سواء كانت صحية، نفسية، إنجابية، ضرورة حتمية، من أجل زيادة وعيهنّ والمجتمع المحلي.

وأشارت إلى أن الخطة الوطنية تضمنت نتائج وأهدافا مهمة تعمل على تنفيذها المؤسسات ذات العلاقة وأبرزها وضع تشريعات داعمة للحدّ من زواج من هم دون سن 18 سنة، وتقديم خدمات صحية ونفسية متوفرة لدعم الحالات المتأثرة سلبا بزواج من هم دون سن 18 سنة وأسرهم، وإحداث تغيير إيجابي في معتقدات وسلوكيات أفراد المجتمع اتجاه زواج من هم دون سن 18 سنة.

بدورها قالت رئيسة الهيئة الإدارية لجمعية معهد "تضامن"، نهى محريز، لـ"العربي الجديد":  إنه رغم انخفاض زواج الأطفال في السنوات الأخيرة، لكن النسبة لا زالت مرتفعة نتيجة مجموعة من الفجوات والإجراءات المتعثرة، فرغم دراسة الحالات وأخذ الموافقات من وزارة الأوقاف ودائرة قاضي القضاة، إلا أن هذا غير كاف.

وأشارت المتحدثة إلى أن من أهم أسباب انتشار زواج الأطفال في الأردن، الثقافة المجتمعية السائدة والأوضاع الاقتصادية الصعبة خاصة لدى اللاجئين السوريين، فهناك رغبة كبيرة بتزويج الفتيات مبكرا بسبب الفقر، فهم يعتبرون أن هذه الخطوة من شأنها أن تخفف عنهم عبئاً اقتصادياً يتحمله الزوج، لكن في كثير من الحالات يكون فقيراً مثلها  فيدخلون في دائرة أكبر من الفقر العائلي.

وأوضحت أنه من النادر أن يحصل الزواج المبكر في العائلات ذات الوضع الاقتصادي الجيد، والفئات ذات المستوى التعليمي المرتفع، مقابل انتشار الظاهرة لدى الأسر المفككة والتي تشهد طلاق الزوجين. وأشارت محريز أيضا إلى انتشار مفهوم  "السترة" المرتبط بالثقافة المجتمعية، ومحاولة السيطرة وفرض ال000000رقابة على تصرفات الأنثى عبر تزويجها مبكرا، وهذا يفقدها استقلاليتها وقدرتها على رسم مستقبلها وطريقها في الحياة وشخصيتها الحقيقية.

وترى أنه يجب حماية الفتيات من الخلافات الأسرية والأوضاع الاقتصادية الهشة، وعدم تحميلهن مسؤوليات أكبر من عمرهن، وحرمانهن من التعليم، وربما مشاكل صحية، تتعلق بالولادة والحمل، ولاحقا العنف الجنسي والجسدي مما يعرض حياتهن للخطر، مشددة على أهمية تكاثف جهود كل الجهات المعنية ضمن منظومة متكاملة للعمل على تحجيم تزويج الأطفال.

المساهمون