حلول ترقيعية لأزمة المياه المستمرة في جبلة السورية

19 يوليو 2022
أزمة مياه في مختلف المناطق السوريّة (لؤي بشارة/ فرانس برس)
+ الخط -

يعاني سكان مدينة جبلة في محافظة اللاذقية شمال غربي سورية من أزمة مياه منذ أكثر من عام. لكنّ الردّ على شكاوى هؤلاء يأتي في الغالب على شكل وعود أو حلول ترقيعية من قبل النظام السوري والجهات المسؤولة عن الخدمات في المدينة.

ويبرّر النظام أزمة المياه بانقطاع الكهرباء الذي يمثّل أزمة أخرى للمواطنين، الذين يرى معظمهم أنّ الحلول التي يقترحها المسؤولون المعنيون لا تحاكي الواقع.

ولعلّ الحلّ الأخير الذي خرج به النظام هو زيادة ساعات تزويد كلّ منطقة على حدة بالتيار الكهربائي، وبالتالي زيادة ساعات ضخّ المياه في كلّ منطقة، بحسب ما جاء في تصريح أخير لرئيس مجلس بلدية جبلة أحمد قناديل. وأوضح المسؤول البلدي في تصريح إذاعي أنّ اجتماعاً عُقد يوم أمس الإثنين، تقرّر في خلاله زياد التغذية "من الساعة الثالثة فجراً حتى الساعة السابعة صباحاً، مع الحفاظ على كميّة الضخ ذاتها من نبع السنّ". أضاف قناديل أنّه سوق يُعمَل بذلك حتى الأوّل من شهر أغسطس/ آب المقبل، شارحاً أنّ هذه الآلية سوف تساعد على وصول مياه الشرب إلى المناطق الواقعة عند أطراف المدينة. وشدّد قناديل على أنّ "المشكلة كانت بالتيار الكهربائي وليس بالوارد المائي، وتحسّن الكهرباء سوف ينعكس على واقع المياه في المدينة".

ويشتكي سكان جبلة من أنّ آلية التغذية بالكهرباء غير عادلة في منطقة الساحل عموماً، إذ إنّ التيار يؤمَّن لمدّة أربع ساعات في مناطق معيّنة، في حين تُزوَّد أخرى بخمس ساعات وقد يحصل عدد منها على 12 ساعة. ويُحكى أنّ الكهرباء توفَّر أحياناً لساعة ونصف ساعة بعد انقطاع على مدى خمس ساعات، ويعود ذلك إلى فساد المسؤولين في حكومة النظام. 

بالنسبة إلى يسرى وهي من سكان جبلة، فإنّ "لا فارق إن أتت الكهرباء ليلاً أو نهاراً، في ما يخصّ الضغط على الشبكة". تضيف لـ"العربي الجديد" أنّها سوف تضطر إلى البقاء مستيقظة طوال الليل من أجل القيام بالأعمال المنزلية المرتبطة بالمياه، لافتة إلى أنّ "الحلّ الذي تقدّمه البلدية غير منطقي".

من جهته، يرى عارف أبو عبد الله وهو كذلك من سكان جبلة، أنّ "الحلّ الذي قدّمه النظام لن يكون ذا فائدة، لأنّ زيادة التغذية، في أيّ وقت كان، ليلاً أو نهاراً، سوف تؤدّي إلى ضغط كبير على الشبكة، لأنّ السكان كلهم ينتظرون ذلك لإنجاز أعمالهم". يضيف لـ"العربي الجديد" أنّ "الحلّ الحقيقي هو في وقف تمويل الحرب وصرف المال على الخدمات وإعادة الكهرباء 24 ساعة. وكلّ ما عدا ذلك لا يكون حلاً يفيد المواطن في سورية".

أمّا الناشط حسام الجبلاوي فيقول لـ"العربي الجديد" إنّ "النظام يريد زيادة ساعات التغذية بالكهرباء ما بين الثالثة فجراً والسابعة صباحاً، أي في حين يكون الناس نياماً، وهذا ما يدعوهم إلى الاستيقاظ وانتظار الكهرباء وتشغيل مضخّات المياه". يضيف أنّ من شأن ذلك أن "يضع السكان تحت ضغط وتعب شديدَين، وسوف يؤدّي كذلك إلى زيادة الضغط على المضخّات".

في سياق متصل، توضح مصادر محلية لـ"العربي الجديد" أنّ "ثمّة مناطق تابعة لجبلة مثل الحويز التي لا تحصل على تغذية بالتيار الكهربائي إلا لنصف ساعة كلّ خمس ساعات، وفي بعض الأحيان نصف ساعة طوال اليوم". وتلفت في الوقت نفسه إلى أنّ "مناطق في اللاذقية تُزوَّد بالكهرباء على مدى 24 ساعة، بما يُعرف بخطّ الطاحون الذي تتقاضى عليه حكومة النظام رسوماً أعلى".

وترى المصادر نفسها أنّ "قدرة النظام على تغذية هذا الخط 24 ساعة كاملة بأسعار مرتفعة تعني قدرته على تزويد بقية الخطوط بالكهرباء يومياً بأسعار مناسبة"، وأنّ "مزاعم النظام في ما يتعلق بالأزمة هي فقط للتغطية على تحويله كلّ مقدّرات الدولة صوب الحرب الذي يشنّها". تضيف المصادر إلى أنّه "في حال كانت الكهرباء سبب أزمة المياه، فإنّ تخفيض ساعات قطعها ليلاً لن يكون حلاً مناسباً، لأنّه في الوقت الذي تتوفّر فيه الكهرباء يُسجَّل ضغط على الشبكة من خلال تشغيل مضخّات المياه المنزلية، وبالتالي يكون وصول المياه صعباً".

تجدر الإشارة إلى أنّ مجلس مدينة اللاذقية عمد في السابق إلى تقنين المياه ليتزامن ضخّها مع التغذية بالكهرباء، وقسّم تلك التغذية مداورة بين كلّ أحياء المدينة. لكنّ هذا الأمر فشل بسبب انقطاع الكهرباء وعدم الالتزام بساعات ضخّ منتظمة في تلك الأحياء. وهكذا ما زالت مناطق محافظة اللاذقية بمعظمها، بما فيها مدينة جبلة، تعاني من أزمة مياه.

المساهمون