كانت لدى حضرت خان (35 عاماً)، أحلام كثيرة لم تتحقّق. فهذا الشاب الأفغاني الذي ولد وعاش في باكستان، ما زال يرغب حتى اليوم في العودة إلى بلاده. كان والده قد تزوّج من باكستانية بعدما ترك أفغانستان. مع ذلك، لم يحصل هو وأشقاؤه على الجنسية حتى اليوم، بسبب الإجراءات الصعبة التي فرضتها الحكومة الباكستانية من جهة، وتأخّر والده في بداية الأمر من جهة أخرى. يقول لـ"العربي الجديد": "سئمنا الحياة في باكستان. بدأتُ العمل في السوق مذ كنت صغيراً. ثم عملت في حفر الآبار لتأمين لقمة العيش لا أكثر. الآن، نأمل أن يحل الأمن في بلادنا لنعود إليها، وهذا أفضل من البقاء هنا. لا يمكن أن تتغير الأحوال المعيشية إلى الأفضل نظراً للظروف التي نعيش فيها".
يخرج في الصباح الباكر بهدف العمل، ويعود بعد المغرب، وقد قضى يومه في الطين. يقول إنه لا يشعر بالرضا على حياته، ولا يستطيع توفير ما تحتاج إليه أسرته، لا سيما تغيير المنزل وتعليم الأطفال. لذلك، يأمل بالرحيل من باكستان. يضيف: "هنا، أخرج قبل الفجر وأعود إلى المنزل في الظلام بعد المغرب. ولا يمكنني إرسال أولاد أشقائي إلى المدرسة كي تكون حالة أسرتنا أفضل مما هي عليه الآن".
جاء كمال الدين (78 عاماً)، والد حضرت خان، إلى باكستان في عام 1960، أي قبل نحو 60 عاماً، حين كان شاباً. تزوج من امرأة باكستانية من دون أن يحصل على الجنسية، قائلاً إنه سيعود إلى بلاده في القريب العاجل، إلا أنه لم يكن يعلم أن الحرب ستقضي على كل أحلامه.
يقول: "جئت إلى باكستان مع بعض أقراني بهدف العمل والتجارة وتزوجت هنا على أن آخذ زوجتي معي إلى بلادي. بداية، كنت أتنقل بين أفغانستان وباكستان بهدف التجارة. لكنني ما كنت أدري أن الأمور ستؤول إلى ما نحن عليه الآن"، مضيفاً: "الحياة أصبحت صعبة في هذه البلاد وأولادي يواجهون مشاكل في الحصول على الجنسية. كما أن تعامل الشرطة معي كان قاسياً. وأخشى أن أقضي أيامي الأخيرة في باكستان، وألا أدفن في مقبرة آبائي في مقاطعة باغرام في ضواحي العاصمة الأفغانية كابول".
كان عمل حضرت خان جيداً إلى حين تفشي وباء كورونا، ما أدى إلى توقف عمله كلياً وصرف كل ما ادخره من مال، الأمر الذي اضطره إلى الاقتراض من أقاربه، ويسعى الآن إلى تسديد ديونه. لديه ثلاثة أشقاء، يعمل اثنان منهم معه في حفر الآبار، والثالث مريض يتولى بعض الأعمال المنزلية، علماً أنّه متزوّج ولديه أربعة أولاد. وبالتالي، يتولى حضرت رعايتهم.
تعيش العائلة في منزل صغير في منطقة ترامي بر في ضواحي العاصمة الباكستانية إسلام أباد. لكل واحد منهم غرفته، ويتولّى حضرت خان تأمين بدل إيجار المنزل وهو 5000 روبية باكستانية (نحو 31 دولاراً). ويقول حضرت خان: "نعيش في هذا البيت المتواضع لأنّنا لا نستطيع تأمين منزل أفضل بسبب بدلات الإيجار المرتفعة".