ندد جرحى الثورة التونسية وعدد من عائلات الشهداء، اليوم الجمعة، بعدم تطبيق المرسوم الرئاسي رقم 20 لسنة 2022 الذي أصدره الرئيس قيس سعيّد، والمتعلق بإنشاء مؤسسة "فداء" التي لم تر النور إلى حد الآن، وسط تدهور الوضع النفسي والصحي للعديد من الجرحى.
وقال جريح الثورة رضا زلفاني (34عاماً)، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إنّ "وضع الجرحى لم يتغير، وحتى المرسوم الرئاسي رقم 20 ومؤسسة فداء المعلن عنها من قبل رئيس الجمهورية لا تزال حبراً على ورق"، مبيناً أنّ وضعه الصحي صعب وبصدد التدهور يوماً بعد يوم، وأصيب أخيراً بتعفن جرثومي جراء فقدان أبسط المستلزمات وهي الحفاضات، مؤكداً أنه يعاني ويواجه صعوبات في الحصول على الدواء والعلاج.
وأصيب زلفاني، وكان يعمل في مجال السياحة، في 15 يناير/كانون الثاني 2011، برصاصة عندما كان بصدد مساعدة جرحى ومصابين في أحداث سجن المسعدين بالمنستير وسط شرق تونس، وقال إنّ حياته تغيرت منذ ذلك الوقت، حيث فقد عمله واليوم هو عاجز عن تأمين أبسط حاجياته، لا سيما أنّ والده متوفٍ ويعيش برفقة والدته المسنة ولا مورد لهما.
وتابع أنّ جرحى الثورة "مرّوا بالأسوأ واليوم يطالبون بالكرامة، فلو كانت الدولة تحترم الذات البشرية لجرت الإحاطة بهم"، مشيراً إلى أنه "يفقد الجريح تلو الآخر جراء الإهمال".
وفي 9 إبريل/نيسان الماضي، صدر المرسوم عدد 20 لسنة 2022 الذي نصّ في باب الأحكام العامة على أنّ "شهداء الثورة وجرحاها، الأشخاص الواردة أسماؤهم في القائمة المنشورة بالرائد الرسمي عدد 26 الصادر في 19 مارس/ آذار 2021، وكلّ من اكتسب تلك الصفة طبق القانون من الأشخاص الذين استشهدوا أو أصيبوا بسقوط بدني في الفترة الممتدة من 17 ديسمبر/كانون الأول 2010 إلى 28 يناير/كانون الثاني 2011".
ونصّ كذلك على "بعث مؤسسة فداء، وهي مؤسسة عمومية تتمتع بالشخصية القانونية والاستقلالية الإدارية والمالية، وتخضع لإشراف رئاسة الجمهورية ويكون مقرّها تونس العاصمة، وتهتمّ إلى جانب الإحاطة بضحايا الاعتداءات الإرهابية من الأمنيين والعسكريين بأولي الحق من شهداء الثورة وجرحاها وتدعمهم وترعاهم في المجالات كافة، خصوصاً منها الصحية والمادية والاجتماعية والتعليمية".
وقالت رئيسة جمعية النساء الديمقراطيات نائلة الزغلامي، خلال مؤتمر صحافي اليوم الجمعة، إنّ "قائمة الجرحى والشهداء وُضعت بطريقة متسرعة وخوفاً من ردات الفعل"، مبينة أنه "في حالات المرض والإصابة في أحداث الثورة، فإنّ المعايير واضحة ولا تحتاج كل هذا الوقت والجهد"، مضيفة "طالما أن هناك من أصيب في الثورة، والبعض لا يزال يحمل الرصاص في جسده، فعلى الدولة تحمل مسؤوليتها وتوفير الإحاطة النفسية والصحية وسن التعويضات للجرحى وعائلات الشهداء" .
ولفتت إلى أنّ "الجرحى مواطنون ولا مبرر لاستثنائهم وحرمانهم من أبسط حقوقهم"، مؤكدة أنه "في كل فترة سياسية تتغير القائمة ويسقط أشخاص هم بأمسّ الحاجة للعلاج وهذا غير مقبول".
وأكد جريح الثورة أيمن الشيحي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنه تقدم بقضية في المحكمة الإدارية للمطالبة بإدراج اسمه في القائمة، ويأمل أن ينصفه القضاء برفقة زملائه الذين جرى استثناؤهم من القائمة الرسمية.
بدوره، أوضح جريح الثورة محمد السنوسي أنّ هذا التحرك يأتي قبيل تاريخ الاستفتاء الذي حدده الرئيس سعيّد، في 25 يوليو/تموز المقبل، على الدستور الجديد "لكي لا يتم نسيان هذا الملف وتجاهله"، مضيفاً، في حديث لـ"العربي الجديد"، أنّ عدة تحركات تصعيدية من وقفات احتجاجية واعتصامات برمجت في العاصمة خلال شهر يوليو.
ويشار إلى أنه صدرت بالجريدة الرسمية للجمهورية التونسية، بتاريخ الجمعة 19 مارس/آذار 2021، القائمة النهائية لشهداء الثورة ومصابيها، بقرار من رئيس الهيئة العليا لحقوق الإنسان والحريات الأساسية ورئيس لجنة شهداء الثورة ومصابيها، مؤرخة في 10 مارس/آذار 2021 وتضم 129 شهيداً و634 جريحاً.
وكانت اللجنة الوطنية لاستقصاء الحقائق حول التجاوزات والانتهاكات رصدت، في تقريرها الصادر في 2012 ، 2147 مصاباً ومصابة و 338 شهيداً وشهيدة.