لا يجد خريجو "جامعة حلب" في المناطق المحررة، التي تأسست عام 2016، مقاعد تستقبلهم لإتمام تحصيلهم العلمي العالي، أو حتى الاعتراف بشهاداتهم للعمل خارج سورية (مناطق سيطرة المعارضة)، ما يجعل مصير أكثر من سبعة آلاف طالب، من بينهم 800 بكلية الطب البشري، بالإضافة إلى خريجيها الحديثين، رهناً بالمجهول، مع مساعي الوزارة لإيجاد توأمة أو تعاون مع جامعات خارجية، تمنح الاعتراف للخريجين.
ضمن تلك المساعي، وقّعت وزيرة التعليم في الحكومة السورية المعارضة، هدى العبسي، ورئيس جامعة "ماردين أرتوكلو" التركية، إبراهيم أوزجوشار، أخيراً، بروتوكول تعاون، يتيح لخريجي "جامعة حلب" التقدم إلى جامعة "ماردين" لإتمام تحصيلهم العالي، فضلاً عن تبادل الخبرات وتنظيم ورش عمل ومؤتمرات علمية، وافتتاح مراكز لتعليم اللغة التركية ومنهج امتحان القبول الجامعي (يوس) في "جامعة حلب".
يقول البروفسور، إبراهيم أوزجوشار: "عقدنا اجتماعات عدة مع وزارة التربية والتعليم في الحكومة السورية المؤقتة، وجرى العمل على توقيع بروتوكول للتعاون بين جامعتنا وجامعة حلب الحرة، تضمن 22 مادة، لعلّ أبرزها السماح لخريجي جامعة حلب بمتابعة دراساتهم العليا في جامعة ماردين". يتابع أنّ جامعة ماردين وقّعت بروتوكولات واتفاقات عدة، مع جامعات أخرى، بهدف رفع مستوى تصنيف الجامعة، فترتيب الجامعة يتعلق بأمور عدة، منها المنهاج التعليمي، والتعاون مع الجامعات على المستوى الدولي، ومستوى الكوادر التعليمية في الجامعة، معتبراً أنّ التعاون مع "جامعة حلب" هو بداية، لأنّ "سياسة تركيا هي التعاون مع الحكومة السورية المؤقتة على جميع الأصعدة، ولعلّ التعليم أبرز هذه القطاعات"، مضيفاً: "نودّ التعاون مع جامعات أخرى في المناطق المحررة من سورية، إن كانت تود ذلك لرفع مستوى التعليم في المنطقة، ومساعدة الطلاب في الحصول على شهادات معترف بها عالمياً".
وحول ما يتعلق بمدى استفادة جامعة "ماردين" من كوادر "جامعة حلب"، يشير رئيس الجامعة التركية، إلى أنّ الكوادر العلمية في الجامعة السورية، هم من أصحاب الخبرات الطويلة، ويمكنهم إضافة العديد من المعلومات القيّمة لطلابنا عبر نشر أبحاثهم في الكليات والأفرع الستة التي تدرّس باللغة العربية في جامعة "ماردين".
بدورها، تقول وزيرة التعليم في الحكومة السورية المعارضة، الدكتورة هدى العبسي، لـ"العربي الجديد" إنّ البروتوكول الموقع مع جامعة "ماردين" هو "مرحلة أولى ضمن مساعينا مع جامعات تركية أخرى ومجلس التعليم العالي التركي". تضيف أنّ "توقيع جامعة ماردين بروتوكولاً معنا لعشر سنوات يمثل اعترافاً بجامعة حلب ستليه خطوات أخرى"، معتبرة أنّ نتائج البروتوكول ستنعكس بطريقة إيجابية كبيرة على الطلاب، وخصوصاً الخريجين، فيعتبر منح فرصة دراسة الماجستير والدكتوراه في جامعة معترف بها، بمثابة اعتراف بشهادة "جامعة حلب" الحرة. ويمكن مستقبلاً في حال تحسُّن الظروف منح الجامعيين أيضاً فرصة لمتابعة تعليمهم الجامعي في جامعة "ماردين أرتوكلو"، وبالتالي حصولهم على شهادة عليا معترف بها أيضاً.
تضيف الوزيرة في حديثها الخاص إلى "العربي الجديد": "استهدفنا جامعة ماردين لأنّ لديها كليات وأفرع تدرّس باللغة العربية، وهذا يسهّل على الطلاب متابعة تعليمهم هناك. وإذا قرر الطالب متابعة تعليمه في كلية تدرّس باللغة التركية، يجب عليه دراسة اللغة، لكنّ هذا لا يمثل عائقاً أمام الطالب، إذ يمكنه دراستها في المراكز التي ستفتتح في الداخل السوري بالتعاون مع جامعة ماردين".
من جهته، يقول نائب رئيس "جامعة حلب الحرة" ضياء الدين القالش، لـ"العربي الجديد" إنّ البروتوكول مع جامعة "ماردين أرتوكلو" الحكومية التركية "خطوة أولية ومهمة على طريق اعتماد جامعتنا من مجلس التعليم العالي التركي (يوك)، ونعمل على هذا الأمر الآن".
يضيف الأكاديمي السوري الذي حضر التوقيع، أنّ نتائج البروتوكول تتيح لخريجي "جامعة حلب الحرة" القبول "إن حققوا شروط القبول، في الماجستير والدكتوراه، في جامعة ماردين، فضلاً عن التعاون العملي وتبادل الخبرات". يضيف: "يمكننا إفادة جامعة ماردين بفروع الطب والصيدلة وطب الأسنان، وهي أقسام غير متوافرة لديها، علماً أنّ لدينا كوادر متخصصة ومؤهلة، على صعيد التعليم الأساسي والمخبري والسريري والتدريب في المستشفيات".
وبحديث "العربي الجديد" مع الدكتور وسام الدين العكلة، أستاذ العلوم السياسية في جامعة "ماردين"، يؤكد أنّ في إمكان خريجي "جامعة حلب" متابعة الدراسات العليا (ماجستير ودكتوراه) في جامعة ماردين "لكن، إن حصل الخريج على ماجستير من جامعة ماردين وأراد إتمام الدكتوراه في جامعة أخرى، قد يعوقه عدم اعتماد إجازته الجامعية الصادرة عن جامعة حلب".
يضيف العكلة: "لولا موافقة مجلس التعليم العالي التركي، لما وقّعت جامعة ماردين البروتوكول، ما يمكن اعتباره خطوة مهمة على طريق الاعتراف العام بشهادة خريجي جامعة حلب الحرة". ويشير العكلة إلى أنّ البروتوكول سيسهل دخول الطلاب السوريين إلى تركيا، كذلك سيبدد الخوف من ضياع سنوات الدراسة من دون اعتراف. ويلفت إلى أنّ أقساط جامعة "ماردين" رمزية، وأقرب إلى المجانية، إذ لا تتجاوز 200 دولار أميركي سنوياً. ويختم: "افتتحنا في الجامعة أقساماً تدرّس باللغة العربية بالكامل، ولدينا اليوم 1270 طالباً يدرسون بالعربية، معظمهم سوريون".