تجهز داخِل بيت الغول في مخيم الشاطئ للاجئين الفلسطينيين، غربي مدينة غزة، وجبات وحلويات تصنعها ثلاث شقيقات، لم يتمكنّ من العمل في تخصصاتهن رغم أنهن خريجات، ما دفعهن إلى افتتاح مشروعهن الخاص.
وتجتمع الشقيقات الثلاث، نسرين وآية وحورية الغول، داخل مطبخهن الخاص، الذي تَحَوّل إلى مركز لصنع المأكولات التي يُروّجنها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، إلى جانب مشاركتهن في العديد من الأنشطة والفعاليات الخاصة بالمشغولات اليدوية والتراثية.
ورغم أن المهنة البديلة التي لجأن إليها غير مجدية ماديًا بالحد المطلوب، إلا أنهن لا زلن يطوّرن الأداء، ويحاولن إضافة لمسات خاصة بهن على مُنتجاتهن، مع التركيز على المأكولات والحلويات الشعبية الفلسطينية.
وتقول صاحبة الفكرة نسرين الغول، الحاصلة على بكالوريوس علوم تطبيقية وتكنولوجيا تعليم، إنها لجأت مع شقيقتيها لافتتاح المشروع بعد اجتيازهن اختبارات التوظيف، ونجاحهن، وإجراء المقابلات، والعمل وفق نظام العقود المؤقتة، ومن ثم جلوسهن في البيت.
وتوضح لـ"العربي الجديد": "كان لدي طموح لأن أخلق مهنة خاصة بي تعكس شخصيتي، وتشعرني بوجودي، فطرحت الفكرة على شقيقتي آية، التي تشابهت ظروفها مع ظروفي بعد تخرجها وعملها بنظام العقود لفترة مؤقتة".
تجتمع الشقيقات الثلاث، نسرين وآية وحورية الغول، داخل مطبخهن الخاص، والذي تَحَوّل إلى مركز لصنع المأكولات التي يُروّجنها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، إلى جانب مشاركتهن في العديد من الأنشطة والفعاليات الخاصة بالمشغولات اليدوية والتراثية
بدأت الشقيقتان، بعد انضمام شقيقتهن الصغرى حورية، في الحصول على دورات تعليمية، ومن ثم دورات في صناعة المأكولات، وأطلقن مشروعًا لصناعة وتزيين الكعك، وطباعة صور سُكرية قابلة للأكل، وتوسعن بعد ذلك في صناعة المعجنات، والكبة، وورق العنب، والسمبوسك، والمسخن، والمفتول، والأكلات الفلسطينية المتنوعة.
وكانت وسائل التواصل الاجتماعي العامل الثاني في تشجيع الفتيات على العمل، بعد التشجيع الذي حصلن عليه من الأهل والأقارب، إذ انطلقن لعرض صور وفيديوهات للمنتجات من خلال صفحة "كراميل كيك" عبر موقع "فيسبوك"، ومن ثم على "إنستغرام".
وتواجه الشقيقات العديد من العقبات، وتوضح نسرين الغول أن "في مقدمتها الوضع الاقتصادي السيئ الذي يعيشه قطاع غزة بفعل تواصل الحصار الإسرائيلي، وضعف القدرة الشرائية للمواطنين الذين يبحثون عن بدائل بأسعار أقل، حتى وإن انخفضت الجودة، علاوة على التأثير المُباشر لأزمة كورونا، وما تلاها من عدوان إسرائيلي أثّر على مختلف نواحي الحياة".
أما آية الغول، خريجة اللغة العربية، فقد بدت الحماسة واضحة على ملامحها، وهي تجيب على سؤال "كيف تلقيتِ عرض شقيقتك بافتتاح مشروعكن الخاص؟"، لتقول إنها شعرت حينها بأنه "وسيلة جيدة للتخلص من البطالة التي أعقبت انتهاء عقود العمل المؤقتة". وتوضح لـ"العربي الجديد" أن "نسرين تتميز في صنع الأكل، فيما تمتلك آية موهبة التزيين والرسم، واختيار الألوان والأشكال له أثر هام في الشكل النهائي للمُنتج للمُنافسة في السوق".
وتؤكد آية الغول أنه "رغم الإنتاج الجيد، إلا أن دخل المشروع لا يكفي كي يصبح مصدر الدخل الأساسي، ومع ذلك، لا نتوقف عن تطوير الأداء".
وتقول شقيقتها حورية، وهي خريجة سكرتارية طبية، إنها تشجعت للعمل مع شقيقاتها، و"كانت أجواء العمل مريحة وإيجابية"، وقد اختصت في البداية بِلف الكيك والكبة والكعك والمعمول.
وتطمح الشقيقات الثلاث إلى تطوير مشروعهن، وزيادة الأيدي العاملة بعد تحسن الأوضاع الاقتصادية، وزيادة الإقبال، والانتقال من مرحلة ترويج المنتجات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، إلى أرض الواقع.
ويفرض الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة، والإغلاق المتواصل للمعابر المؤدية إليه، ظروفًا قاسية أدت إلى تدهور الظروف المعيشية، إلى جانب ارتفاع نسب الفقر إلى ما يزيد عن 80 في المائة، ونسب البطالة إلى ما يزيد عن 60 في المائة، فيما تنعدم فرص العمل الدائم للخريجين الشباب.