تونس: وزارة التربية "تعاقب" المدرّسين ونقابتهم تعلن التصعيد

06 يوليو 2023
فيما يؤكد مدرّسو تونس أنّهم اتمّوا واجبهم يُعَدّ التلاميذ متضرّرين (فتحي بلعيد/ فرانس برس)
+ الخط -

دخلت العلاقة بين نقابة المدرّسين ووزارة التربية في تونس مرحلة ليّ الأذرع، وذلك عقب إعلان الوزير محمد علي البوغديري التوجّه نحو فصل مديري مدارس ابتدائية من مهامهم والاقتطاع من أجور المدرّسين بسبب عدم امتثالهم لقرار تسليم كشوف علامات (أو معدّلات) التلاميذ.

وقال البوغديري في حديث إلى إذاعة "موزاييك إف إم" المحلية، اليوم الخميس، أنّ 150 مدير مدرسة ابتدائية في تونس أُعفوا من مهامهم مبدئياً، بسبب الامتناع عن تسليم علامات التلاميذ، وقد عدّ ذلك إخلالاً بالواجب المهني يستوجب قطع علاقة العمل. وأشار إلى أنّ قائمة الإعفاءات المعلن عنها مبدئية، مرجّحاً أن يرتفع عدد المفصولين من مهامهم في مرحلة ثانية.

وتحدّث البوغديري عن رفض الوزارة استخدام التلاميذ (1.3 مليون تلميذ) وسيلة ضغط من أجل تحقيق مكاسب مهنية، مؤكداً أنّ السلطات استجابت لكلّ مطالب المدرّسين المسجلة على لوائح التفاوض مع الجامعة العامة للتعليم الأساسي. وأشار في سياق متصل إلى أنّ نقطة الخلاف مع النقابات متعلقة بزيادة في رواتب عامَي 2024 و2025، إذ لم يُستجب لهذا المطلب بسبب الأزمة المالية التي تمرّ فيها البلاد.

ولم يحسم انتهاء العام الدراسي 2022-2023 في تونس الخلاف ما بين وزارة التربية ونقابة المدرّسين، بعد أن قرّرت السلطات تمديد أجل السنة التعليمية، وسط رفض الجامعة العامة للتعليم الأساسي التي دعت المدرّسين إلى الالتزام بالروزنامة الرسمية واختتام أعمالهم اليوم الجمعة في الثلاثين من يونيو/ حزيران الماضي.

يُذكر أنّ العادة جرت أن يُختتم العام الدراسي للمدرّسين كافة في مختلف مراحل التعليم في الثلاثين من يونيو من كلّ عام، غير أنّ وزارة التربية مدّدت العام الجاري إلى نهاية الأسبوع الأول من جويلية/ يوليو الحالي من أجل السماح للمدرّسين الذين لم ينزّلوا بعد علامات التلاميذ ولم ينجزوا مجالس الأقسام بتدارك الوضع من خارج الروزنامة الرسمية.

من جهتها، شدّدت نقابة التعليم الأساسي على أنّ المنتسبين إليها من المدرّسين ومديري المؤسسات التعليمية أتمّوا أعمالهم التي ينصّ عليها القانون الأساسي للمدرّسين، الأمر الذي يستوجب صرف أجورهم كاملة على قاعدة العمل المنجز.

وأعلنت نقابة المدرسين رفضها كلّ العقوبات التي تنوي وزارة التربية تنفيذها، مشيرة إلى أنّ كلّ تصعيد سوف يؤدّي إلى مزيد من توتير الأجواء وإفشال العام الدراسي المقبل 2023-2024.

في هذا الإطار، قال عضو المكتب التنفيذي لجامعة التعليم الأساسي إقبال العزابي لـ"العربي الجديد" إنّ "النقابة لم تتّصل بعد رسمياً بالمديرين المفصولين المدرجة أسماؤهم في قائمة وزارة التربية، كذلك لم تتلقَّ أيّ قرار موقّع من الوزارة بشأن تنفيذ الاقتطاع من رواتب المدرّسين".

أضاف العزابي أنّ "وزارة التربية اختارت إغلاق كلّ أبواب الحوار مع النقابة والذهاب إلى التصعيد الذي سوف تقابله الجامعة بدورها بالتصعيد وسلسلة تحرّكات احتجاجية".

وأفاد المسؤول النقابي بأنّ "جامعة التعليم الأساسي سوف تعلن غداً الجمعة، في مؤتمر صحافي، عن خطواتها التصعيدية المقبلة دفاعاً عن حقوق المدرّسين وحقّ التلاميذ في تعليم جيّد"، مشدّداً على أنّ "كلّ العقوبات التي تنوي الوزارة تنفيذها غير قانونية".

ورأى العزابي أنّ "شحن الأجواء وممارسة لعبة ليّ الأذرع من قبل السلطات سوف ينعكسان سلباً على العام الدراسي المقبل الذي سوف يكون صعباً بسبب اختيار الوزارة الحلول التصعيدية والعقاب بدلاً من التفاوض".

وتطالب نقابة مدرّسي التعليم الابتدائي في تونس بتنفيذ اتفاقات وُقّعت منذ عام 2019 تقضي بتمكين المدرّسين من التدرّج المهني، وبرمجة انتداب المعلمين النواب على مراحل، غير أنّ الصعوبات المالية التي تعاني منها البلاد تحول دون تنفيذها.

ولم يتمكّن جزء من تلاميذ المرحلة الابتدائية من الحصول على كشوف العلامات لهذا العام، بعد تمسّك نقابة المدرّسين بحجبها كوسيلة احتجاجية من أجل إيجاد تسويات لمطالب القطاع التي لم تلقَ قبولاً من قبل وزارة التربية.

تجدر الإشارة إلى أنّه على امتداد العام الدراسي المنتهي 2022-2023، نفّذ المدرّسون عشرات التحرّكات الاحتجاجية لتحقيق مطالبهم، كذلك مثّل المدرّسون الفاعل الأبرز في احتجاجات شهر مايو/أيار الماضي من خلال تنفيذهم 97 تحرّكاً احتجاجياً بحسب تقرير صادر أخيراً عن منتدى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية المتعلق بالتحرّكات الاجتماعية.

المساهمون