طالب أطباء في مستشفى بتونس أن يؤمن أحمد الضيافي أربعة أكياس دم قبل أن تجرى لزوجته عملية ولادة قيصرية، فاستغرب العدد بعدما كان اكتفى بتأمين كيسين من الدم فقط خلال عملية الولادة القيصرية الأولى التي أجرتها زوجته قبل أربع سنوات.
ويقول لـ"العربي الجديد": "أخبرني الأطباء أنّ الوضع تغيّر اليوم، ويجب أن أوفر الكمية المطلوبة بحجة أنّ زوجتي قد تحتاج إلى دم خلال العملية الجراحية. وفعلياً، لم تستخدم أكياس الدم الأربعة التي تبرّع بها أربعة من أفراد عائلتي، لكننا أجبرنا على توفير ما طلبته المستشفى، والغريب أنّ الأطباء لم يشترطوا أن تطابق فصيلة دم المتبرعين تلك فصيلة دم زوجتي".
ويطلق العديد من الناس اليوم نداءات عبر مواقع التواصل للبحث عن متبرعي دم ليس لفصائل نادرة تحديداً، بل لفصائل معيّنة، والمهم توفير كميات الدم التي تطلبها المستشفى قبل إجراء أي عملية جراحية أو عملية ولادة حتى إذا كانت طبيعية.
وتفرض الإجراءات المعتمدة في المستشفيات والمصحات الخاصة تأمين كلّ مريض يخضع لجراحة كمية معينة من الدم. وفي العادة يجب أن تطابق الكمية فصيلة دم المريض لاستعمالها في حال احتاج إليها خلال العملية، ويطالب أفراد عائلة المريض بالتبرّع بكمية الدم المطلوبة. وفي حال لم يمتلك فرد من عائلة المريض نفس فصيلة الدم، يجب أن توفر العائلة أربعة أكياس دم أو ربما أكثر كي تستطيع الحصول من بنك الدم على كيس دم من نفس الفصيلة.
وكان المركز الوطني لنقل الدم أعلن عام 2019 تراجع عدد المتبرّعين بالدم بشكل كبير بسبب الخوف من الإصابة بفيروس كورونا، ما جعل مخزون المركز من الدم لا يلبي الاحتياجات، علماً أن المركز يحدد كميات الدم المطلوبة بنحو 200 ألف وحدة سنوياً من مختلف الفصائل.
واعتاد المركز تنظيم حملات عدة للتبرّع بالدم في مختلف المناطق خلال فترات مختلفة، وتجهيز وحدات لنقل الدم مزودة بالأجهزة الطبية اللازمة لقياس نسب الدم للفرد المتبرع، ومعرفة نوعه، وكذلك لحفظ الكميات ونقلها إلى بنك الدم.
لكن حملات التبرع لم تشهد إقبالاً خلال السنوات الأخيرة، رغم بث برامج للتوعية في وسائل الإعلام، والتشديد على معاناة المركز من نقص كبير في مخزون الدم.
ويتبرع غالبية الناس بالدم إذا احتاج أفراد من عائلاتهم أو معارفهم أو أصدقائهم لإجراء عمليات، بسبب عدم الثقة في منح المراكز الدم الذي يتبرعون به مجاناً لمرضى، لا سيما بعدما تحدثت تقارير عن الاشتباه بحصول تلاعب في عمليات منح الدم، وبيع الكميات لمرضى وليس منحها مجاناً، خصوصاً تلك لفصائل الدم النادرة.
ويُقبل غالبية الأشخاص الذين يحتاجون إلى دم على إجراء عمليات جراحية، أو يكونون أصيبوا في حوادث تصادم طرقات، ويجب أن يؤمنوا الدم خلال وقت قصير، لذا تضطر عائلاتهم إلى البحث عن متبرعين سواء من الأقارب أو المعارف، علماً أن أصحاب فصائل الدم النادرة يواجهون مشاكل كبيرة في إيجاد الدم بسهولة أو متبرعين.
وقد واجه عبد الرحمان الشافعي مشكلة في إيجاد متبرعين من أصحاب نفس فصيلة دمه حين تعرّض لحادث مروري أصابه بكسور خطيرة حتمت خضوعه لعملية جراحية في الساق والظهر.
ويقول لـ"العربي الجديد": "فصيلة دمي نادرة، ولا يحملها أي من أفراد عائلتي، كما يصعب إيجادها بسهولة في بنك الدم. وحصلت على متبرّع بعد إطلاق نداء على مواقع التواصل الاجتماعي، في حين أمّنت عائلتي أربعة أكياس دم مقابل الحصول على كيس دم من فصيلتي من أحد مراكز نقل الدم، علماً أنّ الكادر الطبي كان أبلغني أنّني قد احتاج إلى أكثر من كيس دم خلال إجراء العملية الجراحية".
أيضاً واجهت عربية نفس الإشكال في إيجاد متبرعين، خصوصاً أنّها تعيش بمفردها من دون أبناء لها، ثم ساعدها عاملون في المستشفى في إيجاد متبرعين. وتقول لـ"العربي الجديد": "طُلب مني تأمين أربعة أكياس دم لإجراء عملية لاستئصال ورم، وساعدني ممرضون في الحصول على متبرعين هم أفراد توافدوا على المستشفى لزيارة مرضى".
وخلال السنوات الأخيرة، أنشأ ناشطون صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي تسمح لمرضى أو أفراد من عائلاتهم بإطلاق نداءات للبحث عن متبرعين بالدم. وهم يذكرون في هذه النداءات الأماكن وأسماء المستشفيات وأنواع الدم التي يحتاجونها. وكانت تلك النداءات غالباً لأصحاب فصائل نادرة. وتحصل التبرعات بلا مقابل مادي لمنع تعرّض المتبرّع أو طالب الدم إلى ملاحقة قانونية.