تونس: قلق بشأن ضعف الرعاية الصحية للمهاجرين

06 سبتمبر 2024
مهاجرون أفارقة وصلوا إلى تونس (ياسين قايدي/ الأناضول)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- **ظروف صحية صعبة للمهاجرين وتفشي الأمراض**: يعيش المهاجرون السريون من دول جنوب الصحراء في تونس ظروفاً صحية صعبة، مما يزيد من مخاطر إصابتهم بالأمراض السارية وغير السارية.

- **تحديات صحية وتدابير وقائية**: يواجه الوضع الصحي تحديات جديدة، والناشطون يطالبون بنقل المهاجرين إلى مراكز إيواء مفتوحة وتوفير وسائل الوقاية اللازمة وتحسين الرعاية الصحية.

- **مشاريع إنسانية ودور الهلال الأحمر التونسي**: الهلال الأحمر التونسي ينفذ مشروعاً وطنياً للرعاية الإنسانية للمهاجرين، يهدف إلى تقديم الخدمات الصحية والإيواء لنحو 25 ألف مهاجر.

يعيش المهاجرون السريون من دول جنوب الصحراء وغيرها، الذين يقصدون تونس، باعتبارها دولة عبور إلى أوروبا، ظروفاً صحية صعبة، ويخشى الناشطون تفشي الأمراض فيما بينهم، وخصوصاً بعد إعلان جدري "إم بوكس" حالة طوارئ عالمية

يثير نقص الرعاية الصحية للمهاجرين قلق النشطاء في تونس، في ظل تنامي الأزمات الصحية العالمية وانتشار الأوبئة، ما يجعل هذه الفئات الهشة أكثر عرضة للعدوى. كما أن العلاج والأدوية وسبل الوقاية غير مؤمنة للمهاجرين في البلاد، ما يزيد من مخاطر إصابتهم بالأمراض السارية وغير السارية.
في 14 أغسطس/ آب الماضي، صنف تفشّي جدري "إم بوكس" حالة طوارئ صحية عامة تثير قلقاً عالمياً من قبل منظمة الصحة العالمية، وقبلها حالة طوارئ صحية عامة من قبل المراكز الأفريقية لمكافحة الأمراض والوقاية منها. ولا تُعَدّ أزمة جدري "إم بوكس" الراهنة غريبة، فهذه هي المرّة الثانية خلال عامَين التي يُعلَن فيها تفشّي هذا المرض حالة طوارئ صحية عامة تُثير قلقاً عالمياً. المرّة الأولى كانت في 23 يوليو/ تموز من عام 2022، قبل أن تُرفَع حالة الطوارئ في 11 مايو/ أيار من عام 2023، أي بعد أقلّ من عشرة أشهر من إعلانها، فيما الثانية أتت في 14 أغسطس الماضي. أمّا الاختلاف بين الأزمتَين فيكمن في أنّ فيروس جدري "إم بوكس" تفشّى في الأولى بفرعه الحيوي 2 أو "كلاد 2" خارج القارة الأفريقية، في حين أنّ التفشّي في الأزمة الثانية هو في داخل أفريقيا انطلاقاً من جمهورية الكونغو الديمقراطية، ويأتي مرتبطاً بالفرع الحيوي 1 أو "كلاد 1" من خلال المتحوّر "كلاد 1 بي".
ومع تواصل تدفق المهاجرين من دول جنوب الصحراء نحو تونس، يطرح الوضع الصحي لهؤلاء الوافدين تحدياً جديداً على السلطات الصحية. ويخشى الناشطون المعنيون بقضايا الهجرة في تونس انتشار الأمراض فيما بينهم، مطالبين بنقلهم إلى مراكز إيواء مفتوحة، وتمكينهم من وسائل الوقاية اللازمة، وأهمها المياه، وأدوات النظافة الشخصية.
يقول المتحدث باسم المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، رمضان بن عمر، إن "الحماية الصحية للمهاجرين تتطلب، بالإضافة إلى المراقبة الحدودية، تدابير وقائية إضافية تحسّن الرعاية الصحية للمهاجرين". ويضيف في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "من المهم جداً دعم الإحاطة الصحية، وتكثيف التقصي عن الأوبئة بين هذه الفئات الهشة، وخصوصاً بعد إعلان منظمة الصحة العالمية".
ويؤكد بن عمر أن "ظروف عيش المهاجرين المعزولين في حقول بعيدة قد تجعل بيئتهم مناخاً خصباً لتفشي الأمراض المعدية، في ظل غياب الرعاية الصحية ومصادر المياه". ويشدّد على "ضرورة اعتماد مراكز إيواء مفتوحة للمهاجرين، لتسهيل مراقبتهم صحياً، فضلاً عن وضع سياسات وقائية استباقية، في ظل تواتر تفشي الأمراض والفيروسات على مستوى عالمي". يضيف: "يأتي المهاجرون إلى تونس من مناطق نزاع أو بلدان غير آمنة، وغالباً ما ينعكس ذلك على وضعهم الصحي. كما يعانون على طرقات الهجرة ولدى الوصول إلى تونس".

وبحسب بيانات غير رسمية، يقدّر عدد المهاجرين في تونس بأكثر من 50 ألفاً، من بينهم آلاف المهاجرين الذين يعيشون في خيام في مناطق زراعية بمحافظة صفاقس ولا يحظون بالمراقبة الصحية اللازمة. وكشفت دراسة ميدانية أجراها المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية حول وضع المهاجرين في تونس، والحق في الخدمات الصحية، أن 65.2% من عينة المهاجرين المستجوبين يتوجهون إلى الصيدليات عندما يمرضون للحصول على أدوية، فيما قال 56.5% منهم إنهم يلجأون إلى وسائل علاجية تقليدية. ويتجه 24% منهم إلى مستشفيات و7.9% إلى مصحات خاصة. 
ويؤكد بن عمر أن غالبية المهاجرين يعيشون ظروفاً صعبة، ويعتبرون من أكثر الفئات تعرضاً للخطر، لأنهم يجدون أنفسهم في أماكن مكتظة وغير نظيفة. ولا يملك المهاجرون السريون تأميناً صحياً، لكن ذلك لا يمنع تلقيهم العلاج عند الحاجة في المستشفيات، بحسب القواعد والإجراءات التي يخضع لها عموم التونسيين.

نجوا من الموت ووصلوا إلى تونس (ياسين قايدي/ الأناضول)
نجوا من الموت ووصلوا إلى تونس (ياسين قايدي/ الأناضول)

ويشير بن عمر إلى أن القوانين والدساتير وحقوق الإنسان تضمن لجميع المهاجرين وطالبي اللجوء واللاجئين حق الرعاية الصحية، مشيراً إلى أن حقوق الإنسان عموماً هي الحقوق غير القابلة للتصرف.
يشار إلى أن تونس هي نقطة عبور رئيسية للمهاجرين وطالبي اللجوء من أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، ولا سيما من السودان وتشاد وغينيا ومالي وساحل العاج وغيرها، بهدف الوصول إلى أوروبا. وخلال النصف الثاني من عام 2022، شكّل الأفارقة من جنوب الصحراء، المجموعة الأكبر المهاجرة من تونس إلى أوروبا. واكتسب هذا المنحى زخماً عام 2023، ما عزّز دور تونس مركزاً للهجرة.
ومؤخراً، أعلن الهلال الأحمر التونسي تنفيذ أول مشروع وطني للرعاية الإنسانية للمهاجرين من دول جنوب الصحراء، يهدف إلى تقديم الخدمات الصحية والإيواء لنحو 25 ألف مهاجر، بكلفة تزيد عن 60 مليون دينار (حوالي 20 مليون دولار). ويقود الهلال الأحمر التونسي المشروع في إطار شراكة المنظمات والهيئات الدولية التي تعنى بشؤون المهاجرين واللاجئين.

وتقول المتحدثة باسم الهلال الأحمر التونسي، بثينة قراقبة، إن المشروع الوطني للرعاية الإنسانية للمهاجرين يهدف إلى توفير الخدمة الإنسانية لفائدة المهاجرين وطالبي اللجوء الذين يصلون إلى تونس بطرق غير نظامية، بما يساعد على حماية حقوقهم الأساسية التي تكفلها القوانين الدولية في الإعاشة والصحة.
وتؤكد قراقبة في تصريح سابق لـ"العربي الجديد"، أن المشروع سيوفر الإعاشة اليومية للمهاجرين المستفيدين، إلى جانب توفير الرعاية الصحية لهم لحماية صحتهم، وتجنّب مخاطر صحية عامة قد تنتج عن العدوى بالأمراض التي تنقل عن طريق عابري الحدود.
وحول خدمة الإيواء وإمكانية اللجوء إلى فتح مراكز إيواء مفتوحة، قالت المتحدثة باسم الهلال الأحمر التونسي إن خدمة الإيواء في مراكز خاصة ستوفّر حصرياً للمهاجرين الذين يتقدمون لبرنامج العودة الطوعية.

المساهمون