تونس: الشفاء من كورونا لم يجنّبهم أعراضه طويلة الأمد

02 أكتوبر 2021
حملات التحصين مستمرة في تونس (جديدي وسيم/ الأناضول)
+ الخط -

تستمرّ معاناة بعض التونسيين من أعراض كوفيد-19 الذي يتسبّب فيه فيروس كورونا الجديد على الرغم من شفائهم منه، ما يتسبب في إرهاق أجسادهم، ويتطلب متابعة صحية مستمرة.

كثيراً ما تصاب التونسية درصاف خضران، وهي موظفة في إحدى الوزارات في تونس، بنوبات صداع في الرأس يترافق مع غثيان وصعوبة في النوم، فتستيقظ مرات عدة ليلاً، وترتجف يداها من دون أن تكون قادرة على الشم بشكل جيّد. تقول لـ "العربي الجديد" إنه مضى على شفائها من كوفيد-19 نحو شهر، لكنّها ما زالت تشعر بهذه الأعراض، إلى درجة أنها تشعر بالتعب والخمول ولا تستطيع القيام بالعديد من الأنشطة التي كانت تمارسها سابقاً. كذلك أصبحت سريعة الانفعال، تغضبها أبسط الأشياء، ويدفعها الاكتئاب إلى البكاء في الكثير من الأحيان من دون سبب. 

درصاف ليست الوحيدة التي عانت من أعراض ما بعد كوفيد-19. فالعديد من الأشخاص الذين شفوا ما زالوا يعانون من أعراض الوباء، ويتساءلون عما حل بأجسادهم على الرغم من شفائهم من الفيروس.

هاجر (40 عاماً)، وهي موظفة، تعاني بدورها من ضعف حاسة التذوق والشم والأرق وصعوبة النوم بالإضافة إلى الشعور بالإرهاق والإعياء، وذلك بمجرد القيام بأي جهود. تقول لـ "العربي الجديد" إن حاسة الشم تراجعت لديها. سابقاً، كنت تشم رائحة الطعام، ولو من بعد. لكن منذ إصابتها بكوفيد-19، تراجعت حاستا التذوق والشم لديها، وأصبحتا ضعيفتين إلى درجة أنها لا تستطيع تحديد ما إذا كان ما تتناوله فاسداً أم لا إلا بعدما تكون قد تناولت عدة لقمات. وتشير إلى أنها لجأت إلى طبيب متخصص وصف لها بعض الأدوية ومضادات للاكتئاب وأخرى للنوم بسبب الأعراض التي أصبحت تعاني منها، حتى إنها لم تفهم في البداية أن السبب هو فيروس كورونا.

بدورها، تشكو آمال (45 عاماً)، وهي ربة بيت، من آلام في المفاصل والصدر وضيق في التنفس من حين إلى آخر، على الرغم من شفائها من كوفيد-19 منذ نحو 3 أشهر، مؤكّدة أنها لم تعد تستطيع المشي لمسافة طويلة، ويتوجب عليها أخذ قسط من الراحة كلما ذهبت للتسوق أو لاقتناء بعض الحاجيات لأسرتها. تقول لـ "العربي الجديد" إنّها لم تكن تصدق أن كورونا قد يخلّف أعراضاً مماثلة بعد الشفاء، مشيرة إلى أنه يضاف إلى ما سبق صداع شديد ينتابها من حين إلى آخر، وتسارع في دقات القلب.

إلى ذلك، يؤكد رئيس قسم كوفيد-19، في مستشفى "عبد الرحمن مامي للأمراض الصدرية"، وهو مستشفى جامعي يقع في مدينة أريانة قرب تونس العاصمة، رفيق بوجدارية، لـ "العربي الجديد"، أنّ علامات الإصابة الحادة بكوفيد-19 تشير إلى ما يعرف بكوفيد-19 طويل الأمد، وهو ما تم تشخيصه لدى العديد من المرضى بعد التعافي، سواء ممن شفوا في المنزل أو  خرجوا من المستشفى. هؤلاء قد تبقى لديهم علامات بعضها يمتد لأسابيع أو أشهر عدة. ومن بين الأعراض الشعور بالإعياء أو التعب، بالإضافة إلى أوجاع في الصدر والرأس واضطرابات في النوم، وأحياناً ضعف حاستي الشم والتذوق، وجل هذه الأعراض تدخل في الإصابة طويلة الأمد. 

الصورة
ينتظرون دورهم للحصول على اللقاح (جديدي وسيم/ الأناضول)
ينتظرون دورهم للحصول على اللقاح (جديدي وسيم/ الأناضول)

ويلفت بوجدارية إلى أن الأبحاث السريرية ما زالت متواصلة لمعرفة أسباب بقاء هذه الأعراض بعد الشفاء من كوفيد-19، مؤكداً أنه لا يوجد دواء محدد. لكن في حال بقائها، يحتاج المريض إلى زيارة الطبيب لأن هذه العلامات قد تكون دليلاً على وجود مرض آخر. ويؤكد أن وظيفة الطبيب تكمن في تشخيص الحالة ومعرفة إن كانت هذه الأعراض نتيجة مرض معين أو أعراض كوفيد-19، مشيراً إلى أنه في حال التأكد من أنها أعراض كوفيد-19، يمكن القول إنّها الإصابة طويلة الأمد أو ما يعرف تحديداً بمخلفات كوفيد-19.

ويقول بوجدارية إنه في مثل هذه الحالات، قد يصف الطبيب أدوية لتسكين الآلام، وبعض الفيتامينات لتعزيز مناعة الجسم، موضحاً أن بعض الأدوية توصف للتهدئة وأخرى لتمكين الشخص من النوم. وإذا تطلبت الحالة إجراء تحاليل أو فحوصات للصدر، فيجب القيام بذلك. كما يلفت إلى أن مثل هذه الأعراض تختلف من شخص إلى آخر. البعض تلازمه الأعراض لأسابيع وآخرون لأشهر عدة، مبيناً أنه في انتظار استكمال الدراسات اللازمة فإنه لا يمكن معرفة أسباب ظهور هذه الأعراض بعد شفاء المريض ولماذا تبقى مثل هذه العلامات بعد الشفاء.

ويؤكد بوجدارية أنه في بعض الحالات، قد ترهق هذه الأعراض المريض. لذلك، لا بد من زيارة طبيب مختصّ للحصول على العلاج المناسب والحد من هذه الأعراض، مشيراً إلى أن نقص النوم يؤدي إلى التشنج والإرهاق، الأمر الذي يتطلّب زيارة الطبيب المختص لطلب المساعدة.

وفي فبراير/ شباط الماضي، أكّدت منظمة الصحة العالمية أنه نظراً إلى حجم جائحة كوفيد-19، من المتوقع أن يتأثر الكثير من الأشخاص بأعراض ما بعد الإصابة بكوفيد-19، أو ما يُسمّى بـ"كوفيد الطويل". وشدّد الخبراء على أن أفضل طريقة للوقاية هي منع الإصابة بالعدوى في المقام الأول. وأشار الخبراء إلى أن أكثر من يتأثرون بأعراض كوفيد-19 على المدى الطويل هم من أصيبوا بالمرض الشديد والمتوسط، ويمكن أن تستمر الأعراض ويمكن أن تظهر وتختفي.

المساهمون