تكرار العثور على جثث مجهولة الهوية يثير القلق في باكستان

01 نوفمبر 2022
يتكرر العثور على جثث مجهولة (صابر مظهر/الأناضول)
+ الخط -

يكاد لا يمر يوم في باكستان من دون أن تضم الأنباء الرئيسية خبر العثور على جثث مجهولة الهوية ملقاة إما على قارعة الطرق، أو في أماكن خاوية، وغالباً ما يحدث ذلك في جنح الليل، لتثار التساؤلات حول هويتهم، والجهة التي ترتكب تلك الجرائم. 
يرى بعضهم أن وراء تلك الجرائم خصومات شخصية، ولا يُستبعد ذلك في عدد من القضايا، لكن لا يصدق أحد أن تكون سبب العثور على جثث يومياً، وبخاصة مراقبو الأحداث في باكستان، ومن هم على دراية بملف المختفين قسرياً.
في 23 أكتوبر/تشرين الأول، عُثر في مدينة كراتشي، العاصمة الاقتصادية لباكستان، على ثماني جثث مجهولة الهوية، وأعلنت الشرطة الباكستانية في بيان، أن الجثث كانت ملقاة في مناطق مختلفة، وبعضها كانت عليها آثار تعذيب وجروح في الرأس، مؤكدة أنها تمكنت من التعرف على هوية خمسة من الجثامين، بينما لم يجر التعرف على هوية ثلاثة آخرين، وهم شباب في العقد الثالث من عمرهم، وأوضح البيان أن جميع الجثث نُقلت إلى المستشفى من أجل الفحص، وأن العثور على الجثث المجهولة أصبح متكرراً.
في الخامس من أكتوبر، عُثر على خمس جثث مجهولة أخرى في كراتشي، وحينها أيضاً أكدت الشرطة أنها تجري التحقيق في القضية، وستكشف عن ملابساتها وهوية القتلى، ولكن حتى الآن لم يحصل أي تقدم في هذا الشأن.
يعيش محمد فدا في كراتشي منذ أكثر من 30 عاماً، وهو يمتلك مطعماً في المدينة، ويقول لـ"العربي الجديد"، إن "ظاهرة العثور على الجثث المجهولة ليست جديدة في كراتشي، ولا في أي من المدن الباكستانية. لا نعرف من أين تأتي تلك الجثث، وعادة ما يعثر عليها في الصباح خلال تنظيف الشوارع والطرق، وتقوم الجهات المختصة بنقلهم إلى المستشفيات، ومنها إلى أماكن حفظ الجثث، وهناك فترة زمنية محددة للاحتفاظ بها، وإذا لم يتم معرفة هويتهم، أو العثور على أسرهم، إما أن تدفن الجثث، أو يتم نقلها مجدداً إلى المستشفيات بغرض استخدامها في تعليم طلاب الطب".

يجري نقل الجثث مجهولة الهوية إلى المستشفيات (شهيد سعيد مرزا/فرانس برس)
يجري نقل الجثث مجهولة الهوية إلى المستشفيات (شهيد مرزا/فرانس برس)

ويؤكد الرجل الباكستاني أن تلك الظاهرة الخطيرة تؤثر على نفسيات المواطنين، خاصة الشباب والأطفال، لا سيما أن وسائل الإعلام المحلية تفرد مساحة كبيرة لهذه القضايا، ويتذكر قصة شاب من جيرانه فقد قبل أربعة أشهر، وبحثت أسرته عنه بلا جدوى. في البداية كانت الأسرة تظن أنه جرى اختطافه من قبل عصابات، وأنها ستطلب المال كفدية لاحقاً، وهو أمر يحدث بالفعل، لكن لم يتصل بهم أحد، وفي 19 أكتوبر، جاء شخص إلى منزلهم بعد صلاة الفجر، وأبلغهم أن هناك ميتاً داخل كيس كبير وجده الناس خلال الذهاب إلى المسجد، وربما يعود لابنهم المفقود، فذهبوا ليجدوا جثته قرب المسجد، ولا أحد يعرف لماذا قتل الشاب، ولا الجهة التي قامت بقتله.
وسبق ذلك العثور على جثث نشطاء في حزب "عوامي" القومي الوطني، المعروف بـ"حزب المهاجرين"، في 15 سبتمبر/أيلول الماضي، في كراتشي، وأثار ذلك ضجة كبيرة في باكستان، إذ إن الحزب مشارك في التحالف الحاكم، والنشطاء المحليين الذين تم العثور على جثثهم اعتقلتهم أجهزة الأمن في فترات مختلفة، وبعد كثير من الشد والجذب، ذهب وزير الداخلية، رانا ثناء الله، إلى كراتشي للتباحث مع قيادات الحزب، وأكد لهم أن الحكومة تجري التحقيقات في القضية، ولكن إلى الآن لم تظهر أية نتائج للتحقيق.
لا تقتصر الظاهرة على مدينة كراتشي، وإن كانت أكثر تفشياً فيها، بيد أنها موجودة في كثير من المدن، ومنها بيشاور مركز إقليم خيبر بختونخوا، وكويتة مركز إقليم بلوشستان، ولاهور مركز إقليم البنجاب.

قضايا وناس
التحديثات الحية

وكانت واقعة العثور على عشرات الجثث فوق سقف مستشفى حكومي في مدينة ملتان بإقليم البنجاب من أكبر القضايا المعروفة. في 14 أكتوبر، تداول رواد منصات التواصل الاجتماعي تسجيلا مصورا يظهر عشرات الجثث على سقف مستشفى "نشتر هاسبتل"، وكانت الجثث متعفنة.
بعدها تحدث مستشار رئيس الوزراء في حكومة إقليم البنجاب، شودري زمان كجر، أمام وسائل الإعلام عن القضية، وادعت الحكومة أن عدد الجثث قليل، وأنها كانت مخصصة لتعليم طلاب الطب.
في الحقيقة كانت هناك عشرات الجثث، وشكلت الحكومة لجنة لتقصي الحقائق، بينما الأحزاب البلوشية الانفصالية، وذوو المفقودين قسرياً يؤكدون أن الجثث تعود لمفقودين، وأنهم تركوا تحت أشعة الشمس حتى ماتوا، ومن ثم تركت جثثهم على السقف حتى تجف، في حين تكرر الحكومة أنها تجري تحقيقات، وستكشف عن النتائج.

المساهمون