تشدد روما مع الهجرة يرفع مستوى الموت غرقاً في البحر الأبيض المتوسط

27 فبراير 2023
انتشال عشرات الجثث الغرقى من تحطم مركب للمهاجرين قبالة إيطاليا (فرانس برس)
+ الخط -

جاء إعلان السلطات الإيطالية عن انتشال عشرات جثث ضحايا غرقى من تحطم مركب للمهاجرين، انطلق من إزمير التركية قبل أيام، وفقاً لروما، ليلقي الأضواء مجدداً على سياسات التشدد حيال ما يوصف بـ"الهجرة غير النظامية".

قبل الحادثة المأساوية، التي وقعت صباح الأحد وتوالى الكشف عنها حتى صباح الإثنين، والتي أسفرت عن وفاة 61 شخصا وإنقاذ 81 على امتداد طويل من الساحل في منطقة كالابريا بأقصى جنوبي إيطاليا؛ كانت رئيسة الحكومة الإيطالية جورجيا ميلوني، تصر على أن لا تغيير في القانون الذي جرى تبنيه في بداية فبراير/شباط الحالي، والقاضي بشكل رئيس بمنع سفن الإنقاذ غير الحكومية من تقديم يد العون للمراكب المتهالكة التي تحمل لاجئين ومهاجرين في عرض البحر الأبيض المتوسط.

عبرت ميلوني بالتأكيد عن "حزن عميق" لسقوط هذا العدد الجديد من الضحايا أمس، لكن ذلك لم يقلل من صرامة الالتزام بالقانون الذي يحظر الإبحار الحر لسفن الإنقاذ والبقاء في المياه لأيام عدة لتكرر عمليات الإنقاذ، وفرض بقاء تلك السفن أياما في موانئ إيطاليا قبل أن يسمح لها بالعودة إلى المياه المفتوحة مجددا.

أثار القرار المشار إليه انتقاد ورفض مجلس أوروبا لحقوق الإنسان و46 دولة فيه إلى جانب منظمات حقوقية اعتبرت أن ما تمارسه روما في ظل حكومة اليمين المتطرف برئاسة ميلوني "يخالف القانون الدولي". بل دعت مفوضة مجلس أوروبا حقوق الإنسان دينا مياتوفيتش في رسالة إلى وزير الداخلية الإيطالي ماتيو بيانتيدوسي إلى إلغاء القانون.

أضف إلى ذلك أن نداءات كثيرة وجهت إلى حكومة روما للتخلي عن السياسات المتشددة، التي قالت عنها منظمة "إس أو إس ميدترانيي" SOS Méditerranée إنها ستؤدي "إلى موت المزيد من الناس، لأنه لا يوجد من يساعدهم".

وقالت المتحدثة باسم المنظمة غير الحكومية الفرنسية، لويزا أليرا، إن القانون الجديد (معمول فيه منذ 4 الشهر الحالي) "سيفرض أن نبقى لفترة أقصر في منطقة البحث". وعادة ما تبقى سفن الإنقاذ لفترة أطول في عرض البحر بحثا عن مزيد من القوارب التي على وشك الغرق، أو تلك التي ترسل استغاثات.

مع الضحايا الجدد يفوق عدد من لقوا حتفهم خلال عام واحد فقط 2060 إنسانا، بعد أن تحطم القارب الخشبي الأخير الذي حمل لاجئين من جنسيات مختلفة وانطلق بعد الزلزال الأخير من جنوبي تركيا، حيث يعتقد باحثون في مجال الهجرة أن ذلك يوضح تغيرا في وجهة قوارب الهجرة، فبدل التوجه إلى اليونان قطع القارب الأخير كل هذه المسافة أملا بالوصول إلى إيطاليا.

وفي نفس السياق تذكر الباحثة المتخصصة في الهجرة من المعهد الدنماركي للدراسات الدولية، ساين بلامبيش، أن ما جرى "ليس مفاجئا". وصرحت للتلفزة الدنماركية صباح اليوم الإثنين، بأن الأمور "عادت لتذكر بأزمة اللاجئين في 2014 و2015، بعد سنوات من انخفاض عدد المتدفقين".

ووضحت الباحثة أن مسارات اللجوء تتغير، فهناك على التوالي الكثير من الأفغان والسوريين والإيرانيين بالإضافة إلى مواطنين من دول شمالي أفريقيا.

وكانت في العادة سواحل لامبيدوزا مقصد القوارب المنطلقة من ليبيا وتونس وغيرهما باتجاه جنوبي إيطاليا، لكن يبدو أن قصة القارب الأخير المتحطم، الذي يقدر أنه حمل نحو 140 إلى 150 شخصا، تشير إلى تغير في المسار انطلاقا من شرق البحر الأبيض المتوسط بدل وسطه.

وتتذرع حكومة ميلوني المتشددة في روما بأن بلادها لم تعد قادرة على تحمل أعباء الأعداد الكبيرة من اللاجئين والمهاجرين، وخصوصا في ظل اتهامات لأوروبا بأنها "تفتقر إلى سياسات هجرة موحدة". وتتعالى الأصوات الإيطالية التي تطالب الاتحاد الأوروبي بتحمل مسؤولية جماعية حيال تزايد تدفق الهجرة نحو إيطاليا التي تعتبر البوابة نحو أوروبا.

وكان رئيس الكنيسة الكاثوليكية الإيطالية، الكاردينال ماتيو زوبي ، دعا أمس الأحد إلى استئناف مهمة البحث والإنقاذ المشتركة بقيادة الاتحاد الأوروبي في البحر المتوسط ​​كجزء من "استجابة هيكلية ومشتركة وإنسانية".

وفي ذات السياق، دعا المتحدث باسم المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة، فلافيو دي جياكومو، لتعزيز عمليات الإنقاذ و"المزيد من قنوات الهجرة المنظمة".

ووفقا لأرقام الأمم المتحدة ووكالة حماية الحدود الخارجية الأوروبية (فرونتيكس)؛ فإن دول الاتحاد الأوروبي سجلت العام الماضي، 330 ألف محاولة عبور نحو دوله ودول شينغن، وفي ذلك زيادة بمقدار 64 في المائة عن عام 2021، وهو الرقم الأعلى منذ 2016. وكان البحر الأبيض المتوسط منطقة عبور قدم من خلالها 160 ألف لاجئ/مهاجر، منهم نحو 105 آلاف نحو إيطاليا وحدها.

ومنذ يناير/كانون الثاني العام الحالي عبر المتوسط نحو 7 آلاف بحرا، ووصل منهم نحو 4 آلاف و600 إلى إيطاليا. وأكثر الجنسيات القادمة هي من تونس ومصر وبنغلادش والدول الأفريقية جنوب الصحراء ومن سورية وأفغانستان.

المساهمون