"العربي الجديد" يكشف التحقيقات الرسمية السرية: محافظ مصري يخطف طالبة جامعية للزواج العرفي
حصل "العربي الجديد" في انفراد خاص على نص التحقيقات "السرية" في القضية المتهم فيها محافظ بني سويف الأسبق خلال عام 2015 – وهو قاض حالي – بخطف طالبة جامعية وتوقيعها على عقد "زواج عرفي" والاعتداء عليها، بعدما أحالته النيابة العامة المصرية إلى المحاكمة الجنائية (محبوس على ذمة القضية عقب رفع الحصانة القضائية عنه).
المتهم في القضية هو "محمد حفني إبراهيم سليم – 45 سنة – قاض ورئيس محكمة ومحافظ بني سويف الأسبق خلال عام 2015".
حملت القضية المحالة للمحاكمة الجنائية الرقم 1536 لسنة 2021 كلي القاهرة الجديدة وقيدت تحت رقم 26 لسنة 2021 حصر تحقيق نيابة استئناف القاهرة، وتم التحقيق فيها تحت إشراف المستشار أحمد فؤاد زيدان المحامي العام الأول بنيابة استئناف القاهرة.
طالب القاضي الفتاة بتوقيع مجموعة من الأوراق باعتبارها عقد عمل بشركته، فوقعتها، وتبين لها عقب ذلك أنه عقد زواج عرفي بالمتهم
بدأت التحقيقات في القضية من عند "إسراء طارق الطنطاوي حجازي – 21 سنة – طالبة بكلية تجارة جامعة عين شمس"، والتي أقرت بالتحقيقات بأنها التقت القاضي المتهم وتعرفت إليه قبل الواقعة بعدة أيام، وزعم لها أنه يمتلك شركة خاصة ويحتاج لفتاة مثلها لشغل مهنة "سكرتيرة" فأبدت استعدادها لذلك.
وأضافت أنهما تلاقيا مساء يوم 2 أكتوبر/ تشرين الأول 2021 وأثناء مجالستها، أخرج مجموعة أوراق وطالبها بتوقيعها باعتبار أنها لعقد عملها بشركته، فوقعتها، وتبين لها عقب ذلك أنه عقد زواج عرفي بالمتهم، فهاتفته لتبدي استياءها، إلا أنه أحجم عن التجاوب معها حتى التقيا ليلة الواقعة في 5 أكتوبر/ تشرين الأول عام 2021.
وتابعت أنها استقلت سيارته بنية المكوث معه لمدة لا تجاوز الدقائق الخمس لتنهي مسألة ورقة الزواج المذكورة، إلا أنها فوجئت به يوجه لها السباب ويصطحبها إلى منطقة التجمع الخامس دون إرادتها ورغما عنها.
وعندما أبدت رغبتها في مبارحة السيارة أشهر سلاحه الناري في وجهها وهددها به لاصطحابها لمنزله، وما أن وصلا إلى محيط أحد الارتكازات الأمنية حاولت الاستغاثة بأفراده وفتحت باب السيارة محاولة مغادرتها، إلا أن المتهم أطبق يده على شعرها وجذبها إليه، فارا بالسيارة من تلك المنطقة حال إبقائها الباب المجاور لها مفتوحا بقدمها.
فلاحقته بعض السيارات التي تنبهت لحقيقة الموقف وتمكنوا من استيقافه أمام سفارة زيمبابوي، فاحتمت بأفراد تأمينها من الأمن، إلى أن حضرت قوات الشرطة، مشيرة إلى أنها لحقت بها إصابة عبارة عن جرح بساعدها الأيسر نشأ عن الاحتكاك بيديه وأظافره نتيجة التجاذب الذي حدث بينهما بالسيارة.
كما أقر "محمد حمدي منصور - 35 سنة – مقدم شرطة بمباحث إدارة تأمين القاهرة الجديدة"، بالتحقيقات بأنه انتقل إلى محل الواقعة بناء على اتصال هاتفي من أفراد خدمة تأمين سفارة "زيمبابوي"، وفور وصوله تقابل مع المجني عليها والتي أبلغته بمضمون أقوالها سالفة الذكر.
وبمناقشته للمتهم قرر له أنه يعمل مستشار دون أن يقدم سند ذلك، وتبين أنه يستقل سيارة ماركة "رينج روفر" بدون لوحات معدنية أو ترخيص، وبحوزته سلاح ناري مششخن عيار 9 مم ماركة "تورينكو" يحمل رقم "A16021783" يحوي عدد 10 طلقات عثر عليه بدواسة قائد السيارة.
عرض القاضي المتهم على المجني عليها تحرير شيك بمبلغ مليون جنيه لقاء التنازل عن الواقعة،
وبسؤاله عن السلاح أفاد بأنه مرخص، بيد أنه بالاستعلام من قطاع مصلحة الأمن العام تبين أنه ليس من بين الأسلحة المخطر بها من قبل الماثل، وبمواجهته بما أسفر عنه أفاد بأن السلاح غير مرخص.
وأضاف الضابط الشاهد أنه أثناء الوجود بديوان قسم الشرطة، عرض القاضي المتهم على المجني عليها تحرير شيك بمبلغ مليون جنيه لقاء التنازل عن الواقعة، كما أنه حاول إثناؤه عن تحرير محضر بواقعة السلاح مقابل الكشف عن المصدر غير المشروع الذي حصل منه على ذلك السلاح.
كما أقر "أحمد إيهاب الحفناوي – 24 سنة – ملازم أول بمباحث مديرية أمن القاهرة"، بالتحقيقات بأنه أثناء استخراج القاضي المتهم لغرض من أغراضه من السيارة، أبصر سلاحا ناريا بموضع دواسة قائد السيارة.
وأضاف أنه بسؤاله عنه أخطره القاضي المتهم بأنه أحد أسلحته المرخصة، فطالبه به تلافيا لأي تداعيات، فسلمه إليه طواعية، وتلا ذلك وصول المقدم محمد حمدي منصور، الذي تولى زمام الأمور، واكتشف أن ذلك السلاح ليس من بين الأسلحة المخطر بها من قبل المتهم ولا توجد له بيانات.
وهو ما أيدته أيضا بالتحقيقات القوة الأمنية التي حضرت لمكان الواقعة أمام سفارة زيمبابوي، والتي ضمت كلا من "يوسف صفوت أمين – 25 سنة – ملازم أول بمباحث مديرية أمن القاهرة، وفادي نسيم محروس – 32 سنة – نقيب شرطة بقسم شرطة التجمع الخامس".
كما أقر "محمد عبد المولى عبد الصمد السيد – 42 سنة – أمين شرطة بقسم شرطة التجمع الخامس وحرس تأمين سفارة (زيمبابوي)"، خلال التحقيقات بأنه حال مباشرة أعمال خدمة تأمين سفارة زيمبابوي لاحظ سيارة سوداء اللون ينبعث من داخلها صوت صراخ لإحدى الإناث وتسارع السيارة بالانعطاف في الشارع المواجه لمدخل السفارة الرئيسي تطاردها عدة سيارات أخرى حتى توقفت أمام مقر خدمته إجبارا.
وتابع أنه فوجئ بالمجني عليها تستغيث به أن يخطر شرطة النجدة لتعرضها لواقعة خطف – محتمية بمأمنه – حيث سردت له أنها تعرضت لاختلاس توقيعها على ورقة زواج عرفي من المتهم تحت زعم كونها عقد عمل بشركته الخاصة، وباكتشاف ذلك هاتفته حتى استجاب لها واصطحبها من أسفل مسكنها حتى مدينة التجمع الخامس، إذ تشاجرا واعتدى عليها القاضي المتهم بالضرب بجذبها من شعرها وهددها بسلاحه الناري مانعا إياها من مبارحة سيارته في تلك الأثناء حتى استغاثت بالمارة وتمكنت من الفرار منه محتمية بخدمة التأمين تكليفه، فأخطر عمليات قسم شرطة التجمع الخامس "كول النرجس المتحركة" التي تخضع خدمته لإشرافها، فحضر عدد من الضباط وتعاملوا مع الموقف.
وأضاف أنه لوحظت محاولته استرضاء المجني عليها بكل الوسائل، إذ عرض عليها الزواج الرسمي تارة، وعرض عليها نقدها مبلغ مائة ألف جنيه تارة أخرى لقاء التنازل عن شكواها الراهنة.
وهو الأمر ذاته الذي شهد به المعينون بخدمة تأمين سفارة زيمبابوي، وهم كل من "إسلام إيهاب قياتي – 21 سنة – مجند شرطة، ومحمد عبد الحكيم حامد – 24 سنة – مجند شرطة، ومحمد عادل توفيق – 23 سنة – مجند شرطة".
كما أقر "طارق محمد إبراهيم الدسوقي – 32 سنة – طبيب أسنان"، خلال التحقيقات بأنه نجل مالك الفيلا رقم 17 بشارع زكي مبارك، وأنه بتاريخ الواقعة عاد إلى مسكنه ومر للاطمئنان على والدته القاطنة بالطابق الأرضي بالفيلا لمدة 10 دقائق.
وأضاف أنه عقب صعوده إلى شقته بالطابق الأول أبلغته زوجته بسماعها صوت صرخة سيدة، وحال استطلاعها الأمر من شرفة مسكنها لم تبصر أحدا، وعقب ذلك ولدى حضور النيابة العامة إلى مسكنه طالع تسجيلا للمقطع المصور من آلات المراقبة الموجودة على سور الفيلا سكنه تبين فيه مرور سيارة سوداء بابها الأيمن الأمامي مفتوح.
وأردف أن صوت الاستغاثة التي سمعتها زوجته تزامن مع مرور تلك السيارة من أمام الفيلا سكنه، وهو ما أقرته زوجته "ميار خالد عوض الله – 28 سنة – صيدلانية"، أيضا خلال تحقيقات النيابة العامة.
كما أقرت "رنا محمود عزمي – 34 سنة – رئيس قسم بالشركة المصرية للغازات الطبيعية جاسكو"، بالتحقيقات أنها تقطن بالفيلا رقم 331 المجاورة لسفارة زيمبابوي، وخلال وجودها أسفل مسكنها بتاريخ الواقعة أبصرت سيارة صغيرة الحجم يواصل قائدها الضغط على آله التنبيه ويلحق سيارة كبيرة.
وأضافت أنه توقفت السيارتان بمنتصف الشارع وترجلت من السيارة الكبيرة فتاة اتجهت صوبها قائلة لها: "أنقذيني.. ساعديني.. معاه سلاح وعاوز يموتني"، فنصحتها بالاستنجاد بأفراد تأمين سفارة زيمبابوي.
وعقب ذلك ترجلت قائدة السيارة التي كانت تلاحق سيارة المتهم وأخبرتها بأنها حال قيادتها لسيارتها تناهت إلى سمعها أصوات مشاجرة مصدرها سيارة القاضي المتهم، فقامت بملاحقتها لإنقاذ المجني عليها.
كما أقر "حسام الدين على حنفي – 49 سنة – عميد شرطة وكيل إدارة المباحث الجنائية لقطاع المال ورئيس قطاع مباحث القاهرة الجديدة بالإنابة"، بالتحقيقات بأنه انتقل لفحص بلاغ المجني عليها بمكان الواقعة، وتقابل مع المتهم، الذي أبلغه بأنه يعمل مستشارا، ولم يقدم ما يفيد ذلك، وهو متزوج من المجني عليها "عرفيا"، وقال له إن السلاح الناري مملوك له، وأن السيارة ملكه وقام بشرائها بمبلغ 2.5 مليون جنيه.
وأضاف أنه لدى مواجهته للمتهم بكون السلاح المضبوط غير مرخص عاد وأنكر صلته به، وأردف أنه بسؤال المجني عليها أقرت له بمضمون ما جاء بأقوالها بمحضر الشرطة، ورأى على هاتفها النقال صورة عقد الزواج العرفي.
وتابع أنه بإجراء تحرياته حول الواقعة تبين صحتها على النحو الوارد بأقوال المجني عليها، حيث كان قصد المتهم من ارتكاب الواقعة هو خطف المجني عليها بالقوة والتهديد باستخدام السلاح الناري.
مضيفا أنه ولدى استغاثة المجني عليها بأفراد تأمين السفارة لاحقها المتهم مترجلا من سيارته ومشهرا سلاحه الناري مهددا الموجودين بالمكان.
واختتم أقواله بأن المتهم استغل وظيفته القضائية في حيازة سلاح ناري مششخن وذخائر غير مرخصة، وكذلك حيازته السيارة المضبوطة والمنصرف لها لوحات معدنية سياحية.
عقب انتهاء التحقيقات وجهت له النيابة العامة في قرار إحالته إلى المحاكمة الجنائية عقب تحقيقات استمرت أشهرا عدة في سرية تامة، تهم أنه في يوم 5 أكتوبر/ تشرين الأول 2021 بدائرة قسم شرطة التجمع الخامس، خطف المجني عليها إسراء طارق الطنطاوي، بالتحايل وبالإكراه بأن استدرجها إلى أن استقلت السيارة التي يقودها، فأبعدها عن مكان وجودها وما أن تنبهت إرادتها وحاولت الفرار حتى أشهر سلاحا ناريا في وجهها مهددا إياها، فبث الرعب في نفسها وتمكن بتلك الوسيلة من إقصاء المجني عليها.
كما اتهم بالقبض على المجني عليها سالفة الذكر بدون أمر الحكام المختصين بذلك وفي غير الأحوال التي تصرح فيها القوانين واللوائح بالقبض على ذوي الشبهة، وذلك بأن أطبق بيديه على شعرها وجذبها مانعا إياها من مبارحة السيارة، وعذبها بالضرب بيده فأحدث إصابات بجسدها.
وارتكب تزويرا في محرر أحاد الناس (عقد زواج عرفي) بأن دسه على المجني عليها سالفة الذكر باعتباره من أوراق تعيينها في شركته المزعومة، وهو ما مكنه من اختلاس توقيعها على ذلك السند.
ووجهت له النيابة العامة تهمة أنه حصل على سلاح ناري مششخن (مسدس) دون أن يتقدم خلال شهر إلى مقر البوليس الذي يقع في دائرته محل إقامته ببيان به وبأوصافه.