حذّرت الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان "ديوان المظالم" من "التبعات الكارثية الحتمية" في حال تنفيذ جيش الاحتلال الإسرائيلي هجوماً على رفح الواقعة أقصى جنوبي قطاع غزة، وسط اكتظاظ المدينة بالنازحين الهاربين من الحرب الإسرائيلية المتواصلة على القطاع منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.
ووصف منسق التحقيقات في الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان في قطاع غزة، بكر التركماني، الظروف المعيشية والإنسانية في رفح بأنّها "مأساوية جداً"، وذلك في ظلّ تكدّس النازحين فيها.
أضاف التركماني، في مؤتمر صحافي عقدته الهيئة من أمام مستشفى الكويت التخصصي وسط مدينة رفح، اليوم الخميس، أنّ الظروف في المنطقة غير إنسانية، إذ تنعدم المقوّمات الأساسية للحياة، في ظلّ النقص الحاد في الغذاء وتلوّث المياه ونقص المستلزمات الطبية وتوقّف المستشفيات بصورة شبه كاملة.
وأوضح الحقوقي الفلسطيني أنّ "أيّ عملية عسكرية في رفح تعني بلوغ الإبادة الجماعية مستوى جديداً وخطراً، أو الدفع في اتجاه التهجير نحو الأراضي المصرية أو كلا الأمرَين معاً، وهذا أمر مرفوض كلياً في ظلّ الحرب الحاصلة".
وأشار التركماني، في المؤتمر الصحافي نفسه، إلى أنّ الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان ترفض أيّ مخططات أو أفكار لدفع النازحين في رفح راهناً إلى مناطق أخرى في قطاع غزة أو في خارجه، من أجل إتاحة المجال أمام قوات الاحتلال لارتكاب مزيد من المجازر.
وشدّد المتحدث على رفض الهيئة المشاركة في عملية التهجير القسري للسكان من رفح، إلى جانب رفضها الموقف الأميركي الذي يحكي عن وضع قيود على العملية العسكرية الإسرائيلية المرتقبة، واصفاً ذلك بأنّه "أشبه بضوء أخضر وغطاء للاستمرار في الحرب".
وبيّن منسق التحقيقات في الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان في قطاع غزة أنّ الاحتلال الإسرائيلي، في أيام الحرب الماضية، هجّر ما نسبته 67 في المائة من الفلسطينيين في قطاع غزة عبر أوامر الإخلاء القسري، ودفع هؤلاء نحو مناطق الجنوب تحديداً، ونحو رفح في أقصاه، بالتوازي مع تدمير كلّ مقوّمات الحياة والبنية التحتية.
وطالب التركماني الدول الأعضاء في "اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها" إلى الوفاء بالتزاماتها التي أمْلَتها عليها الاتفاقية، والامتثال لقرار محكمة العدل الدولية، من خلال ممارسة الضغط على السلطات الإسرائيلية بالأدوات القانونية المختلفة التي يوفّرها القانون الدولي، بما في ذلك وقف تصدير الأسلحة وقطع العلاقات الدبلوماسية أو تخفيضها وقطع العلاقات التجارية والثقافية، إلى أن تستجيب سلطات الاحتلال لتوصيات المحكمة الملزمة وتوقف عدوانها على القطاع.
يُذكر أنّ سلطات الاحتلال صعّدت، في الأيام الأخيرة، خطاب التهديد بتنفيذ عملية عسكرية في رفح، وقد عبّر رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو عن ذلك قائلاً إنّ "النصر الحاسم" يجب أن يتمثّل في استمرار الحرب واستكمالها في رفح.
في سياق متصل، قال نائب المدير العام للهيئة المستقلة لحقوق الإنسان في قطاع غزة، جميل سرحان، إنّ سلطات الاحتلال كانت قد أمرت الفلسطينيين من سكان شمالي القطاع بالنزوح جنوباً، مدّعيةً أنّه "آمن"، ثمّ أصدرت الأوامر نفسها في الجنوب، وقد أجبرت الفلسطينيين في خانيونس (من أهال ونازحين) إلى النزوح إلى أقصى الجنوب، أي إلى رفح الحدودية مع مصر.
أضاف سرحان لـ"العربي الجديد" أنّ ما يحصل هو أشبه بمصيدة ذات طبيعة خاصة، إذ إنّ رفح التي يتكدّس النازحون فيها، في خيم بلاستيكية أو مراكز إيواء، لا يتوفّر فيها الحدّ الأدنى للحياة الكريمة، علماً أنّ لا إمكانية للانتقال منها إلى أيّ مكان آخر.
وشدّد سرحان على ضرورة الضغط على الاحتلال من قبل دول العالم لوقف أيّ عملية عسكرية في رفح، وضمان وقف الإبادة الجماعية المزعم ارتكابها فيها من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي.