بايدن يفرض قيوداً على عدد طالبي اللجوء من الحدود مع المكسيك وسط قلق أممي

05 يونيو 2024
مهاجرون عند حدود الولايات المتحدة مع المكسيك، 5 يونيو 2024 (الأناضول)
+ الخط -
اظهر الملخص
- الرئيس الأمريكي جو بايدن يفرض قيودًا جديدة على دخول المهاجرين، خاصةً عبر الحدود مع المكسيك، لتعزيز الأمن والسيطرة على تدفق المهاجرين غير النظاميين، ما يعكس تحولًا في سياسات الهجرة لإدارته.
- القرار يواجه انتقادات من كلا الجانبين، الجمهوريين بقيادة ترامب الذين يرونه غير كافٍ، والديمقراطيين اليساريين وجماعات حقوق الإنسان التي تعتبره مخالفًا لحقوق الإنسان وقد تطعن فيه أمام المحاكم.
- الأمم المتحدة والمفوضية السامية لشؤون اللاجئين تعبران عن قلقهما إزاء القيود الجديدة، محذرتين من أنها قد تحرم العديد من الأشخاص من حقهم في طلب اللجوء، وتحثان الولايات المتحدة على إعادة النظر في هذه القيود.

أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن، الثلاثاء، أنه أصدر الأوامر لفرض قيود جديدة على دخول المهاجرين لضبط "الأمن" عند الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك عندما ترتفع أعداد العابرين بطريقة غير نظامية إلى حد مفرط، في مسعى لمعالجة إحدى نقاط ضعفه السياسية في معركة إعادة انتخابه أمام دونالد ترامب.

ويسمح الأمر التنفيذي الصادر عن بايدن (81 عاماً)، بعد طول انتظار، للمسؤولين بالتصدي لطالبي اللجوء والمهاجرين عندما يصل عددهم إلى 2500 يومياً. وبموجب هذا الأمر، ستتمكن السلطات من ترحيل المهاجرين الذين عبروا إلى الولايات المتحدة من دون الوثائق المطلوبة.

وأكد بايدن في كلمة مقتضبة في البيت الأبيض: "أنا هنا اليوم لأقوم بما يرفض الجمهوريون في الكونغرس القيام به، ألا وهو اتخاذ الخطوات الضرورية لضمان أمن حدودنا".

وقال مسؤولون إنّ بدء تنفيذ هذا الأمر سيحصل ما أن يدخل حيز التنفيذ عند منتصف ليل الأربعاء، إذ إنّ عدد الأشخاص الذين يعبرون الحدود من دون أوراق ثبوتية يتجاوز هذا الحد راهناً. وسيسمح لطالبي اللجوء بالدخول مجدداً ما أن يتراجع العدد اليومي إلى 1500.

وأضاف بايدن "هذا التحرك سيساعدنا على التحكم بحدودنا". وحمل بايدن على ترامب والجمهوريين بسبب "خطوتهم السياسية" بعدم التعاون معه وتعطيلهم مليارات الدولارات لتمويل إجراءات الحدود. وأضاف "لنحل هذه المشكلة ونوقف خلافاتنا حولها".

الصورة
بايدن وبجانبه السيدة الأولى جيل خلال إلقائه كلمة في البيت الأبيض 4 يونيو 2024 (كيفن ديتش/Getty)
بايدن وبجانبه السيدة الأولى جيل خلال إلقائه كلمة في البيت الأبيض، 4 يونيو 2024 (كيفن ديتش/Getty)

وهذا القرار من أصعب القرارات التي يتخذها رئيس ديمقراطي على الإطلاق، إذ تجعله يقترب من سياسات الهجرة التي يدافع عنها الجمهوري دونالد ترامب، وسط استطلاعات الرأي التي تظهر أن القضية تؤثر بشدة على فرص إعادة انتخاب بايدن في نوفمبر/ تشرين الثاني.

ترامب: قيود بايدن مسرحية

وانتقد ترامب بشدة خطوة منافسه قائلاً إن بايدن "سلم" الحدود إلى الهجرة غير النظامية. وقال ترامب (77 عاماً)، في فيديو بثه عبر منصته للتواصل الاجتماعي "تروث سوشال": "تدفق ملايين الأشخاص إلى بلدنا والآن بعد مرور أربع سنوات على قيادته الفاشلة المثيرة للشفقة والضعيفة يدعي جو بايدن أنه يقوم وأخيراً بشيء بشأن الحدود". وأضاف أن القيود عند الحدود "مسرحية" قبل المناظرة الرئاسية في وقت لاحق من الشهر الحالي.

في وقت سابق أعلنت حملة ترامب رفضها للأمر التنفيذي ووصفته بأنه "من أجل العفو وليس لصيانة أمن الحدود"، وكررت في بيان لها ادعاءات ترامب المتكررة بأن المهاجرين بطريقة غير نظامية مسؤولون عن تصاعد جرائم العنف، وهو ادعاء لا تدعمه أي بيانات نشرتها الشرطة أو مراكز أكاديمية رئيسية.

يُسمح عادةً للمهاجرين الذين يدخلون الولايات المتحدة بطلب اللجوء إذا كانوا معرضين للأذى أو الاضطهاد على أساس العرق أو الدين أو الجنسية أو الرأي السياسي أو الانتماء لمجموعة اجتماعية معينة.

لكن عدداً كبيراً منهم يمضون سنوات بانتظار البت في طلباتهم. ويقول منتقدون إن كثيرين منهم يعبرون الحدود لأسباب اقتصادية بحتة ثم يتلاعبون بالنظام للبقاء في الولايات المتحدة.

أطفال في أقفاص

قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارين جان بيار، الاثنين، إن بايدن يتعامل مع نظام هجرة "معطل منذ عقود". وألقت جان بيار باللوم على الجمهوريين في الكونغرس لرفضهم التعاون ومنع صرف مليارات الدولارات للحدود حاول الرئيس الحصول عليها ضمن رزمة تضمنت أموالاً لأوكرانيا وإسرائيل.

وفي عهد بايدن، وصلت حالات العبور الحدودية إلى مستويات قياسية، لتبلغ الذروة مع نحو 300 ألف، أي 10 آلاف يومياً، في ديسمبر/ كانون الأول. ومعظم طالبي اللجوء يأتون من دول أميركا الوسطى وفنزويلا هرباً من الفقر والعنف وكوارث تفاقمت بسبب تغير المناخ. لكن أعداداً متزايدة من المهاجرين تأتي أيضاً من مناطق أخرى من العالم إلى أميركا اللاتينية قبل القيام بالرحلة المحفوفة بالمخاطر شمالاً إلى الولايات المتحدة.

ورغم انخفاض عددهم بشكل كبير في الأشهر الأخيرة، وصولاً إلى نحو 179 ألفاً في إبريل/ نيسان، تظهر استطلاعات الرأي أنّ هذه القضية هي واحدة من أكبر المشكلات التي يواجهها بايدن في الانتخابات. وتهدف إجراءات بايدن إلى إضعاف هجمات الجمهوريين وجذب الناخبين القلقين بشأن الوضع عند الحدود. لكن خطته ستثير غضب الديمقراطيين اليساريين ومن شبه المؤكد أن جماعات الحقوق المدنية ستطعن فيها أمام المحكمة.

وسعى البيت الأبيض للتقليل من أهمية انتقادات اعتبرت أن بايدن يقلّد ترامب فعلاً، حتى باستخدام القوانين نفسها التي استخدمها سلفه في أمره التنفيذي الجديد. وقال مسؤول كبير آخر في الإدارة للصحافيين إن "كل هذه السياسات تتناقض بشكل صارخ مع الطريقة التي أدارت بها الإدارة السابقة قضية الهجرة". وأضاف "لقد شيطنوا المهاجرين ونفذوا مداهمات جماعية وفصلوا العائلات عند الحدود ووضعوا الأطفال في أقفاص. سياساتهم تتعارض مع قيمنا كأمة".

حاول ترامب خلال ولايته بناء جدار عند الحدود المكسيكية وكثف بشكل كبير خطابه المناهض للهجرة بينما يسعى للعودة إلى البيت الأبيض. وتحدث مراراً وتكراراً عن المهاجرين الذين "يسممون دماء" الولايات المتحدة، وقال إنه سينفذ أكبر عملية ترحيل للمهاجرين في التاريخ بمجرد توليه منصبه.

الأمم المتحدة تعرب عن "قلق بالغ" إزاء قيود بايدن للحد من تدفق طالبي اللجوء

وأعربت الأمم المتحدة عن "قلق بالغ" إزاء القيود الجديدة للحد من تدفق طالبي اللجوء التي أعلنها بايدن الثلاثاء، وحضّت واشنطن على إعادة النظر بخطوتها.

وأعربت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في بيان عن "قلق بالغ إزاء تدابير اللجوء الجديدة التي أعلنتها اليوم (أمس) الولايات المتحدة والتي تفرض قيوداً قاسية على حق طلب اللجوء في البلاد". وأضاف البيان أن "التدابير الجديدة ستحرم من اللجوء أفراداً كثراً بحاجة لحماية دولية، قد يجدون أنفسهم بلا أي خيار مجد في بحثهم عن الأمان وأمام خطر إعادتهم بالقوة".

وشدد البيان على أن "أي شخص يدّعي أن لديه خوفاً مبرراً من التعرض للاضطهاد في بلده الأصلي يجب تمكينه من الوصول إلى منطقة آمنة وتقييم هذا الادعاء قبل ترحيله أو طرده". وحضّت المفوضية الولايات المتحدة على "الوفاء بالتزاماتها الدولية"، كما حضّت الحكومة الأميركية على "إعادة النظر في القيود التي تقوّض الحق الأساسي بطلب اللجوء".

وقالت المفوضية إنها تدرك أن الولايات المتحدة تواجه تحديات في التعامل مع تدفق أعداد كبيرة من الوافدين إلى حدودها، لكنها لفتت إلى أن الولايات المتحدة لطالما "رحّبت" باللاجئين و"تواصل القيام بذلك من خلال مسارات مختلفة". وأضافت "ما زلنا ملتزمين بدعم الولايات المتحدة في جهود إصلاح أوسع نطاقا تشتد الحاجة إليها، بما في ذلك تحسين عدالة وجودة وكفاءة إدارة الحدود وأنظمة اللجوء".

(فرانس برس)

المساهمون