باكستان: الفساد يحول دون مساعدة متضرري الفيضانات

06 سبتمبر 2024
يجمع ما بقي من أغراضه (أكرم شاهد/ فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- **حجم الدمار والضرر الناتج عن الفيضانات في باكستان:** شهدت باكستان فيضانات مدمرة تسببت في خسائر كبيرة، حيث لقي 245 شخصًا حتفهم وتضررت الممتلكات بشكل كبير، بما في ذلك تدمير 1002 منزل بالكامل و47 جسرًا وسدًا للمياه.

- **التضارب في الأرقام الرسمية والفساد الحكومي:** يشكك الزعماء القبليون في دقة الأرقام الرسمية بسبب افتقار الإدارات الحكومية لآلية دقيقة لجمع البيانات، وزيادة الفساد الحكومي الذي يعقد الوضع.

- **نقص المساعدات وتأثير الفيضانات على المواطنين:** يعاني المواطنون من نقص حاد في المساعدات، حيث لا تصل الإغاثة إلى المناطق النائية، مما يعكس حجم الفساد والخذلان الحكومي.

يبدو حجم الدمار والضرر الناتج عن الفيضانات التي شهدتها باكستان كبيراً، ويفوق الأرقام الصادرة عن الجهة الحكومية، وسط عدم حصول متضررين على المساعدات، ما يعكس حجم الخذلان الحكومي للناس.

في وقت لا تزال فيه مراكز الأرصاد الجوية تتوقّع هطول المزيد من الأمطار والفيضانات في مختلف مناطق باكستان، وخصوصاً إقليم السند الجنوبي وإقليم بلوشستان، إلى الجنوب الغربي، لا تزال الأنباء والتقارير متضاربة بشأن الخسائر التي لحقت بالمواطنين خلال الأسابيع الأخيرة جراء الفيضانات الجارفة والأمطار الغزيرة التي ضربت مناطق مختلفة من البلاد. ولا يزال المواطنون يعانون بشدة لتأمين احتياجاتهم الأولية، وسط شكاوى كثيرين لعدم وصول المساعدات إليهم.
وتؤكّد الهيئة الوطنية لإدارة الكوارث، في تقرير أصدرته في 27 أغسطس/ آب الماضي، أنّه خلال الشهرين الماضيين لقي 245 شخصاً حتفهم وأصيب مئات آخرون بجروح جراء الأمطار الغزيرة والفيضانات الجارفة التي اجتاحت مناطق مختلفة من باكستان. وجاء في التقرير أنه كان لإقليم البنجاب نصيب الأسد في ما يتعلق بالخسائر في الأرواح، مؤكداً أن عدد القتلى في إقليم البنجاب وصل إلى 92، يليه إقليم خيبربختونخوا، إلى الشمال الغربي من باكستان، ووصل عدد القتلى هناك إلى 74، وفي إقليم السند إلى 47، بينما وصل عدد القتلى جراء الفيضانات والأمطار الغزيرة في إقليم بلوشستان إلى 22. كما لقي ستة أشخاص حتفهم جراء الفيضانات في الشطر الباكستاني من إقليم كشمير.
وأوضح البيان أن من بين القتلى 121 طفلاً و48 امرأة، بالإضافة إلى إصابة 446 شخصاً نقلوا إلى المستشفيات لتلقي العلاج. ولا يزال بعضهم يتلقى العلاج لوجود كسور في العظام.
وفي ما يتعلق بالممتلكات، تقول الإدارة إن الفيضانات الجارفة والأمطار الغزيرة أدت إلى تدمير 1002 منزل بشكل كامل خلال الشهرين الماضيين (من 27 يونيو/ حزيران وحتى 27 شهر أغسطس/ آب الماضي). كما دمر بشكل جزئي 3475 منزلاً، بالإضافة إلى تدمير ثمانية أبنية للمدارس. كما دمرت الفيضانات 47 جسراً وسداً للمياه، بالإضافة إلى ما ألحقته الفيضانات من خسائر ودمار بسكة الحديد. وتعطلت حركة القطار في بعض المناطق، بالإضافة إلى مقتل مئات المواشي والحيوانات التي تعتبر مصدر الدخل الوحيد في بعض مناطق باكستان. 
وترى مصادر قبلية وشعبية أن تلك الأرقام غير صحيحة ولا دقيقة. ويقول الزعيم القبلي في إقليم خيبر بختونخوا محمد مشتاق، لـ"العربي الجديد"، إن الأرقام الرسمية في باكستان دائماً ما تكون غير دقيقة، سواء كانت تتعلق بالفيضانات أو الزلزال أو أي حادث مأساوي آخر. لا نعتمد على الأرقام الرسمية لأسباب عدة، أهمها أنه ليست لدى الإدارات الحكومية آلية دقيقة لجمع الأرقام، وما تقوم به هو مجرد ملء للفراغ لا أكثر. ندرك جيداً أن المسؤولين في تلك الإدارات جالسون في مكاتبهم ويحاولون جمع الأرقام عبر الهواتف. بالتالي، تكون الأرقام في معظم الأحيان غير دقيقة.

يضيف أن الفساد هو عامل آخر لعدم الاعتماد على الأرقام الرسمية. في كثير من الأحيان لا تصرف الميزانية الخاصة لجمع الأرقام والوصول إلى المناطق المنكوبة، ويتم الاكتفاء بأخذ الأرقام من وسائل الإعلام أو من جهات أخرى. ما من آلية تعتمدها الجهة المعنية لجمع الأرقام، مشيراً إلى أن الخسائر التي لحقت بالمناطق النائية أكبر من الأرقام المنشورة حول المتضررين والأضرار. في معظم تلك المناطق، لا وجود للهيئة الوطنية لإدارة الكوارث كما يجب، ما يعني أن الأرقام ناقصة.
وبغض النظر عن الجدال الدائر بشأن الأرقام، الأمر الأهم هو مساعدة المنكوبين والمتضررين جراء تلك الفيضانات، في ظل تأثيرات كبيرة على حياة المواطنين، وخصوصاً المناطق النائية، حيث معظم سكانها من الفقراء. كما أن معظم المتضررين يشكون عدم حصولهم على المساعدات حتى الآن.
في هذا الإطار، يعرب مشتاق وكل من يتابع مجريات الأحداث الناجمة عن الفيضانات، عن التشكيك بدور المؤسسات الحكومية والأرقام المعلنة. وأعلنت حكومة إقليم خيبربختونخوا، في تقرير لها في الـ25 من الشهر الماضي، أن 88 شخصاً لقوا حفتهم جراء الفيضانات من بداية يونيو حتى بداية أغسطس، بينما يشير تقرير للهيئة الوطنية لإدارة الكوارث إلى أن 74 شخصاً قتلوا في إقليم خيبربختونخوا من 27 يونيو وحتى 27 أغسطس، ما يعكس غياب التنسيق بين المؤسسات الحكومية التي تتعامل مع ضحايا الكوارث والأزمات.

إلى ذلك، يقول الزعيم القبلي خان بهادر، وهو من سكان مدينة بشاور، في حديثه لـ"العربي الجديد"، إنه لم يعد للمؤسسات الحكومية دور سوى جمع الأرقام ونشرها. حتى الأرقام التي تجمع وتنشر لم تعد دقيقة ولا يعتمد المواطن عليها. أما إرسال المساعدات وإغاثة المنكوبين من قبل تلك المؤسسات فيقتصر على الأوراق، وما من شيء على أرض الواقع.
ويوضح أن الهيئة تعلن أرقاماً يومية بشأن المساعدات من خيام ومواد غذائية وغيرها التي توصلها إلى المنكوبين. يضيف: "عندما تقرأ تلك الأرقام تظن أن الأمور بخير وأن الحكومة تعمل وتساعد. لكن عندما تذهب إلى الواقع، لا ترى مساعدات ولا إغاثة، فتدرك حجم الفساد الموجود في الدوائر الحكومية".

المساهمون