يجد الصحافي الفلسطيني، فايز الشيخ (40 عاماً)، متعة مختلفة وهو يتنقل مع أطفاله بين مزروعاته المنزلية، وسط مدينة غزة. وتضم "حديقة" فايز الصغيرة، شتولاً مختلفة من الزينة والصبّار والعطريات،كالنعناع والريحان وغيرها.
وشهدت الفترة الأخيرة، التي تلت حلول جائحة كورونا، في قطاع غزة، تزايداً في اهتمام الفلسطينيين بالزراعة المنزلية لأهداف متفرّقة، أبرزها إشغال أوقاتهم في ظلّ حالة الطوارئ والإغلاق، وتفريغ الطاقة السلبية التي خلّفتها الجائحة في ظلّ تعطّل أعمالهم ومعاناتهم من الحصار، والاعتداءات الإسرائيلية المتكرّرة.
واعتاد الشيخ على استقبال ضيوفه وسط الشتول المتنوّعة التي تزيّن سطح منزله، وهو يهتم بتقليمها وترتيبها بشكل يومي. وازداد اهتمام الشيخ فيها، في أوقات الفراغ في ظلّ الحجر المنزلي.
يقول الشيخ لـ"العربي الجديد" إنّ اهتمامه بالزراعة المنزلية جعله يُنشئ دفيئة صغيرة لاحتضان الشتول وبعض أنواع الصبّار وغيرها من النباتات التي يمكن أن تتلف مع حلول فصل الشتاء، وهو ما شجّعه على الاهتمام أكثر بأنواع مختلفة من الشتول، واتّخذ من سطح منزله حقلاً لتجربة زراعة الكثير من أنواع المزروعات التي تساهم في إضفاء مظهر جميل على المبنى.
ودفعت الأوضاع المادية بالشيخ إلى التفكير بطرق مبتكرة، والتحوّل من إهداء الأقارب الأشياء التي اعتادت الناس إهداءها، إلى إهدائهم شتول زينة أو أحواض صغيرة من الصبّار وغيرها من أشجار الزينة، وهو الأمر الذي لاقى اهتماماً وترحيباً وسعادة لدى العديد من أصدقائه وذويه، الذين وجدوا في هديته قيمة مختلفة.
وكان مظهر الغروب خلاباً على سطح منزل الفلسطيني، أمجد نافذ (33 عاماً)، وهو يهتم بتلقيط بعد أوراق الريحان وأوراق الجرجير التي زرعها في حوض كبير على سطح منزله. ويستبشر نافذ في حديثه لـ"العربي الجديد"، بقدوم موسم الشتاء، إذ هو يهتم فيه بزراعة الشتول البعلية التي تُسقى بماء المطر، مثل الجرجير والريحان والفجل والملفوف.
ويقول إنّ بعض الزراعات تنجح وأخرى لا تنجح، بحسب أجواء المناخ والبيئة المحيطة، كما حجم الحوض وغيره.
ويتّخذ أمجد، الزراعة في بيته هواية منذ عشرات السنوات، وهي حياة أخرى بالنسبة إليه، يهتم بها كما يهتم بأطفاله بشكل يومي. لكن اهتمامه بمزروعاته تضاعف في فترات الحجر المنزلي، بسبب جائحة كورونا، وانتشارها في غزة، والإغلاق الجزئي الذي يخضع له القطاع حالياً.
ولم يستسلم نافذ للظروف الصعبة التي حلّت به، وبقي يحاول حتى أصبح يبيع ما ينتجه من شتول زينة في أحواض صغيرة، من أجل توفير لقمة العيش لأطفاله ولو بالحد الأدنى.
وتلاقي فكرة الزراعة المنزلية رواجاً، إذ تتوفّر الحدائق المنزلية الخاصة في البيوت المستقلة، خاصة في القرى والمنازل الأرضية الواسعة، لكن هذا النوع من الزراعة يجد صعوبة في كثير من أحياء القطاع، نظراً للتضخّم العمراني والكثافة السكّانية العالية، ما دفع بالكثير من الناس إلى استغلال المساحات الخاصة على الشرفات أو الأسطح.
ورغم أنّه لمهنة الزراعة مكانة متقدمة في قطاع غزة، نظراً لخصوبة الأرض والتنوّع الزراعي الواسع فيها، إلاّ أنّ المساحات الزراعية في القطاع لا تزيد عن 170 ألف دونم.