المماطلة الإسرائيلية تهدد حياة مرضى الأورام في غزة

04 يونيو 2022
لا يوجد في مستشفيات قطاع غزة العلاج الإشعاعي الخاص بمرضى السرطان (عبد الحكيم أبو رياش)
+ الخط -

تراقب والدة الفتاة "حلا زملط" هاتفها بقلق بانتظار السماح لها بمغادرة مستشفى الصداقة التركي في مدينة الزهراء، جنوبي مدينة غزة، إلى المستشفى الاستشاري في مدينة رام الله، الضفة الغربية، لاستكمال علاج ابنتها من مرض السرطان، الذي اكتشفته في شهر نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي.

وزملط واحدة من عشرات الحالات التي تواجه مماطلة إسرائيلية في الحصول على موافقة للمرور عبر معبر بيت حانون/ إيرز شمالي القطاع، إذ لا تتوفر البرتوكولات العلاجية الخاصة بمرضى الأورام والسرطان في القطاع.

ويستخدم الاحتلال أسلوب المماطلة في الرد على ملفات المرضى عبر وضع عبارة "قيد الدراسة" على الحالات المحولة من غزة للضفة أو مستشفيات الداخل المحتل، وهو ما يسبب انتكاسة في حالات المرضى ويؤدي لمضاعفات تؤثر على حالتهم الصحية.

ويعاني القطاع الصحي في غزة من نقصٍ حاد في الأدوية والمستهلكات الطبية الأساسية ما يدفع باتجاه تحويل الحالات المرضية، التي تحتاج إلى رعاية طبية دقيقة كالأورام وغيرها من العمليات المتطورة، إلى الأراضي المحتلة عام 1948.

وتقول والدة الفتاة زملط لـ "العربي الجديد" إن الانتظار الذي تواجهه عائلات المرضى المحولين للعلاج في مستشفيات الضفة أو الداخل المحتل، يعتبر من أصعب اللحظات بالنسبة لهم خصوصاً مع خطورة حالات المرضى.

وتوضح أنها واجهت في بداية اكتشاف مرض ابنتها مشكلة ومماطلة إسرائيلية تمثلت في إبقاء ملفها تحت الدراسة، قبل أن يعدل الأطباء في غزة ملفها ويضيفوا وصف "إنقاذ حياة" وهو ما أدى للسماح لها بالدخول للعلاج في رام الله.

وتنتظر زملط وابنتها حالياً الموافقة الإسرائيلية للانتقال من أجل استكمال برتوكول العلاج في رام الله، إذ لم تصلهم بعد الموافقة الإسرائيلية للمرور عبر حاجز إيرز، بالرغم من أن موعد الحصول على الجرعة الجديدة محدد وفقاً لتقرير المستشفى.

ولا تبدو المريضة الفلسطينية ريم ياسين أفضل حالاً من سابقتها، موضحة لـ "العربي الجديد" أن الاحتلال يمنعها من الوصول إلى المستشفى الاستشاري في رام الله بالرغم من حصولها على كامل الإجراءات اللازمة من دائرة العلاج في الخارج التابعة للسلطة الفلسطينية.

العلاج الإشعاعي الخاص بمرضى السرطان غير متوفر في قطاع غزة (العربي الجديد)
العلاج الإشعاعي لمرضى السرطان غير متوفر في غزة (عبد الحكيم أبو رياش)

ويرفض الاحتلال مرور ياسين نحو الضفة الغربية المحتلة كونها لا تمتلك هوية فلسطينية وتحمل وثيقة سفر لاجئين، حيث تفاقمت حالتها الصحية منذ 4 أشهر جراء اكتشاف إصابتها بورم في الرئتين، في الوقت الذي تحتاج فيه لعملية جراحية في الظهر، ويشترط الأطباء حصولها على العلاج الخاص بمرضى السرطان قبل إجراء هذه العملية خشية على حياتها.

وتسعى المريضة الفلسطينية حالياً للسفر عبر معبر رفح البري نحو مصر، إلا أن الجانب المصري أعادها مرتين بذريعة انتهاء صلاحية الوثيقة التي تحملها، والتي تمكنت من دخول القطاع لمرة واحدة عام 2010 ولم تسافر منذ ذلك التاريخ.

وفي الآونة الأخيرة يواجه مرضى السرطان في غزة أزمة جراء امتناع بعض المستشفيات في القدس المحتلة عن استقبال حالتهم الصحية جراء الأزمة المالية التي تواجه السلطة وعدم تسديد الديون المتراكمة عليها، ما أدى إلى وفاة مرضى والامتناع عن استقبال آخرين.

وفي الأثناء، يقول المدير العام لمجمع الشفاء الطبي، محمد أبو سلمية، إن الأشهر الثلاثة الأخيرة شهدت ارتفاع نسبة الحالات الممنوعة من المرور من قبل الاحتلال الإسرائيلي من أجل العلاج في مستشفيات الضفة أو القدس المحتلة بنسبة تصل إلى 35%.

ويوضح أبو سلمية لـ "العربي الجديد" أن المنع الإسرائيلي يأتي بشكلين، المنع التام أو إبقاء المريض تحت الفحص لفترة في الوقت الذي لا يمكن لهذه الحالات الانتظار لفترات طويلة، حيث يجب تنفيذ البرتوكول العلاجي وفقاً لمواعيد محددة.

ولا يوجد في مستشفيات القطاع العلاج الإشعاعي أو المسح الذري الخاص بمرضى الأورام "السرطان"، إلى جانب النقص الكبير في أدوية العلاج الكيميائي وهو ما يدفع نحو تحويل المرضى نحو مستشفيات القدس أو الضفة الغربية.

ويلفت المدير العام لمجمع الشفاء الطبي إلى أن 50% من أدوية العلاج الكيميائي الخاصة بمرضى الأورام غير موجود في القطاع و40% من الأدوية الأساسية غير متوفرة، وهو ما يعكس حجم الأزمة التي يعاني منها القطاع الصحي.

ووفق وزارة الصحة في غزة فإنه يتم تسجيل قرابة 100 إلى 120 حالة شهرياً مصابة بأنواع عدة من مرض الأورام "السرطان"، في الوقت الذي كانت المعدلات في السابقة لا تتجاوز 80 حالة، في حين يرجح أسباب الزيادة إلى الارتفاع معدلات السكان وتداعيات الحروب الإسرائيلية.

المساهمون