- النقابات الصحية تحمّل الحكومة المسؤولية عن الوضع المتأزم، محذرة من تأثيره السلبي على نجاح الإصلاحات المخطط لها للمنظومة الصحية، وتؤكد أن التزاماتها مع الوزارة معرضة للخطر بسبب تجاهل مطالب مهنيي الصحة.
- استمرار التجاهل الحكومي لمطالب الأسرة الصحية يدفع لمواصلة الاحتجاج، مع التأكيد على أن الاتفاقيات الموقعة في يناير بشأن زيادات الأجور وتحسين شروط الترقي لم تنفذ بعد، مما يهدد بتوسع رقعة الاحتقان.
يبدأ العاملون في المستشفيات الحكومية في المغرب، غداً الأربعاء، إضراباً جديداً هو الثالث من نوعه في أقل من شهر، في خطوة تصعيدية جديدة تعكس حالة الاحتقان الذي يعيشه القطاع الصحي منذ أسابيع.
وبعد إضرابي 29 فبراير/ شباط المنصرم والسادس من مارس/ آذار الحالي، اللذين شلّا مستشفيات المملكة باستثناء أقسام المستعجلات والإنعاش، تستعد نقابات القطاع الصحي لخوض إضراب جديد لمدة أربعة أيام، وذلك يومي 20 و21 مارس/ آذار الجاري، وكذلك يومي الأربعاء 3 و4 إبريل/ نيسان المقبل.
وتاتي الإضرابات لـ "مواجهة الردة الحكومية والتملص من الوفاء بالتزاماتها الموقعة في محضري 29 ديسمبر و26 يناير المنصرمين بين وزارة الصحة والحماية الاجتماعية والنقابات الصحية، تتويجاً لجولات متعددة وطويلة من جلسات الحوار الاجتماعي القطاعي"، وفق بيان أصدرته النقابة الوطنية للصحة العمومية العضو المؤسس للفدرالية الديمقراطية للشغل.
كذلك يأتي الإضراب الذي ينتظر أن يشلّ مستشفيات المملكة رفضاً لـ "سياسة التجاهل وصم الآذان التي تنهجها الحكومة تجاه الأوضاع المهنية المزرية لعموم مهنيي الصحة والهجوم على حقوقهم ومكتسباتهم المشروعة والتاريخية".
المغرب: الجامعة الوطنية ترفض بيع الوهم لمهني الصحة
وحملت النقابة الحكومة كامل المسؤولية في ما يعرفه القطاع الصحي من احتدام واحتقان شديدين، من شأنهما التأثير السلبي على نجاح تنزيل ورش الإصلاح الشمولي للمنظومة الصحية الذي تعتبره الأطر الصحية ورشاً مهيكلة للقطاع الصحي.
من جهتها، قالت الجامعة الوطنية لقطاع الصحة المنضوية تحت لواء الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، إن "كل التزاماتها السابقة مع الوزارة ستكون على المحك، ما دامت الحكومة تتلاعب بالعهود وبالالتزامات ولا تعترف باستعجالية وآنية التجاوب مع مطالب مهنيي الصحة".
وأكدت أن كل الاحتمالات مفتوحة، وأن أي مساس بخصوصية القطاع الاجتماعي أو أي محاولة لبيع الوهم لمهنيي الصحة ورهن مستقبلهم ومستقبل أبنائهم ومستقبل صحة المغاربة سيكون ثمنه باهضاً، داعية الحكومة إلى التبصّر وقراءة التاريخ والتعامل بوضوح وشفافية وألا تلقي بعجزها المالي أو سوء تدبيرها على كاهل نساء ورجال الصحة.
بالمقابل، عبرت المنظمة الديمقراطية للصحة عن انخراطها الواسع "في هذه المحطة النضالية من أجل تحقيق الملفات المطلبية في شموليتها ومن أجل حماية القطاع العمومي الصحي ومواجهة كافة أشكال الاتجار في الصحة. وتمويل القطاع العمومي للصحة وتوفير كافة المستلزمات الطبية والأدوية والموارد البشرية الكافية".
وبحسب الكاتب العام للمنظمة الديمقراطية للصحة، محمد عريوة، فإنه في ظل استمرار التجاهل الحكومي لمطالب الأسرة الصحية، ورفضها تنزيل بنود الاتفاق الذي تم مع وزارة الصحة والحماية الاجتماعية، وعدم الوفاء بالالتزامات الحكومية لتحسين الوضع المادي والمهني لكافة العاملين، تقرر مواصلة الاحتجاج المشروع
وأوضح، في حديث مع "العربي الجديد"، اليوم الثلاثاء، أن "هناك ضبابية في ما يخص مدى التزام الحكومة ووزارة الصحة والحماية الاجتماعية بما تم الاتفاق عليه والتوقيع عليه في محاضر رسمية في 26 يناير الماضي من قبل النقابات بمختلف تلويناتها، إلى درجة تجعلنا نتساءل عن مصير ما تحقق من اتفاق ومآل مسار حوار اجتماعي انطلق منذ عام 2020".
وتابع: "كان من المفروض أن تشرع الحكومة والوزارة في تنفيذ ما تم الاتفاق عليه مع بداية السنة الحالية، لكننا نجد أنفسنا اليوم نتساءل هل هناك تراجع وما أسباب ذلك دون أن نجد جواباً شافياً، في ظل الصمت الحكومي، هذا الوضع هو ما جعل جميع النقابات في القطاع متضامنة وموحدة في خطوة الإضراب والاحتجاج".
ويقضي الاتفاق الذي تم التوقيع عليه في 26 يناير/ كانون الثاني الماضي بزيادة عامة في الأجر الثابت قيمتها 1500 درهم (نحو 150 دولاراً) صافية لصالح أطر هيئة الممرضين وتقنيي الصحة والممرضين المساعدين والممرضين الإعداديين، تُدرج في خانة التعويض عن الأخطار المهنية، وزيادة عامة في الأجر الثابت قيمتها 1200 درهم (نحو 120 دولاراً) صافية، تدرج في الخانة نفسها، لفائدة مهنيي الصحة من فئات المساعدين الإداريين، والتقنيين والمحررين، وتقنيي النقل والإسعاف الصحي، ومساعدي طب الأسنان والمساعدين في العلاجات، والمتصرفين، والمهندسين.
كما تضمن الاتفاق تحسين شروط الترقي، وإحداث درجة جديدة، وإقرار مباريات داخلية مهنية، واعتماد صيغة مثلى لحساب قيمة التعويضات عن الحراسة والإلزامية والمداومة، مع الرفع منها من خلال المرسوم المنظم لمواقيت العمل داخل المجموعات الصحية الترابية.
كذلك جرى الاتفاق على صرف تعويض خاص بالعمل في البرامج الصحية؛ بما فيها طب الأسرة، وطب الإدمان، ووحدات طب الشغل، والعلاجات المتنقلة، وعن العمل باللجان الطبية الإقليمية لفائدة جميع مهنيي الصحة العاملين بجميع مصالح شبكات المؤسسات الصحية ومراكز الرعاية الصحية الأولية، وذلك كل ثلاثة أشهر تحتسب من نهاية شهر يناير/ كانون الثاني.
من جهة أخرى ، يبدو أن رقعة الاحتقان في قطاع الصحة بالمغرب تتوسع يوماً بعد يوم، منذرة باحتقان غير مسبوق حيث التحقت "النقابة المستقلة للممرضين" لباقي النقابات الصحية التي أعلنت إضرابها في وقت سابق.
وقررت النقابة المستقلة للممرضين خوض إضراب وطني لمدة 72 ساعة أيام 26 و27 و28 مارس/ آذار الجاري، بكل المرافق الصحية باستثناء مصالح المستعجلات والإنعاش والعناية المركزة مصحوباً بـ"أشكال احتجاجية جهوية أو إقليمية موازية لأيام الإضراب من وقفات، مسيرات، اعتصامات، إفطارات جماعية وفق خصوصيات كل جهة".
كذلك، دعت النقابة إلى حمل الشارة السوداء في المرافق الصحية تعبيراً عن غضبهم وسخطهم بسبب الظروف السيئة التي يعانون منها مهنياً ووظيفياً، ونقص التشريعات المتعلقة بمهنتهم.