بعد أيام قليلة، تبدأ السلطات الصحية في المغرب عمليات تحصين خاصة بالفتيات لمواجهة عدوى فيروس الورم الحليمي البشري (HPV) المسؤول عن سرطان عنق الرحم وأنواع أخرى من هذا المرض الخبيث.
واتّخذت وزارة الصحة والحماية الاجتماعية المغربية قرارها القاضي بإدراج اللقاح المضاد لفيروس الورم الحليمي البشري في الجدول الوطني للتحصين، وذلك ابتداءً من شهر أكتوبر/تشرين الأول المقبل. ويستهدف هذا اللقاح الفتيات اللواتي يبلغنَ من العمر 11 عاماً، لا سيّما التلميذات اللواتي يتابعنَ تعليمهنّ في القطاعَين العام والخاص وفي مدارس البعثات الأجنبية.
وبحسب بيانات دورية أصدرتها وزارة الصحة والحماية الاجتماعية بالاشتراك مع وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، تعاني سنوياً أكثر من 52 ألف امرأة مغربية من سرطان عنق الرحم الذي يتسبّب في وفاة نحو ألفَين منهنّ سنوياً. والسبب الرئيس في هذا النوع من الأمراض السرطانية وأنواع أخرى يعود إلى فيروس الورم الحليمي البشري، بحسب الدورية نفسها.
ويُعَدّ سرطان عنق الرحم من أبرز مشكلات الصحة العامة على الصعيد العالمي، إذ يمثّل رابع أكثر السرطانات انتشاراً بين النساء، وقد سُجّلت بحسب منظمة الصحة العالمية أكثر من 604 آلاف إصابة به في عام 2020 مع أكثر من 342 ألف وفاة.
وتُنظَّم عملية التحصين المرتقبة في المغرب بالتعاون والتنسيق مع وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، إذ إنّها سوف تشمل التلميذات البالغات من العمر 11 عاماً، وسوف يُوَفَّر اللقاح مجاناً في مختلف مؤسسات الرعاية الصحية الأولية. وتأتي عملية التحصين بجرعتَين تفصل بينهما ستة أشهر على أقلّ تقدير، بحسب ما جاء في الدورية نفسها.
تجدر الإشارة إلى أنّ عدوى فيروس الورم الحليمي البشري تتسبّب في ظهور زوائد على الجلد أو الأغشية المخاطية (ثآليل) بحسب ما تشرح مجموعة "مايو كلينك" الطبية البحثية. وثمّة أكثر من 100 نوع من فيروس الورم الحليمي البشري، غير أنّها بمعظمها لا تؤدّي إلى أمراض سرطانية، لا سيّما سرطان عنق الرحم. وتساعد اللقاحات في الحماية من الإصابة بفيروس الورم الحليمي البشري، وبالتالي من احتمالات الإصابة بالسرطان.
وتُسجَّل في المغرب سنوياً نحو 50 ألف إصابة جديدة بالسرطان عموماً، بحسب بيانات وزارة الصحة والحماية الاجتماعية، فيما تحتلّ البلاد المركز 145 عالمياً في القائمة الخاصة بعدد المصابين بالداء. وثمّة تسعة مراكز لعلاج السرطان في مدن مختلفة، الرباط والدار البيضاء وأغادير ووجدة والحسيمة وطنجة ومراكش وفاس ومكناس، بالإضافة إلى مركزَين متخصّصَين في علم الأورام النسائية. يُذكر أنّ سرطان الثدي يتصدّر أنواع الأمراض السرطانية لدى النساء في المغرب، يتبعه سرطان عنق الرحم، فيما يأتي أوّلاً سرطان الرئة لدى الرجال يتبعه سرطان البروستات وسرطان الجهاز الهضمي.
وكان المغرب قد تمكّن في السنوات الأخيرة، بحسب مراقبين، من إحراز تقدّم ملحوظ في مجال مكافحة السرطان، وذلك بفضل مركز ''للا سلمى للوقاية وعلاج السرطان" الذي دأب على بذل جهود في هذا المجال ومساعدة المرضى في تحسين ظروف عيشهم من خلال جعله مكافحة السرطان من أولويات الصحة العامة في المغرب.
كذلك عرفت عمليات مكافحة الداء تطوّراً بفضل تمكين المرضى من ذوي الدخل المحدود من الحصول على العلاجات من خلال برنامج خاص. وفي هذا الإطار، يُصار إلى التكفل بأكثر من 200 ألف مريض في كلّ عام، مع استفادة أكثر من مليون و600 ألف امرأة من خدمات الكشف عن سرطان الثدي.
في المقابل، رفضت الحكومة المغربية في 28 سبتمبر/أيلول من عام 2020، طلب إنشاء حساب خصوصي لدى الخزينة العامة للمملكة باسم "صندوق مكافحة السرطان"، وهو مطلب تضمّنته "عريضة الحياة" التي وقّعها أكثر من 40 ألف مغربي تفاعلاً مع نداء أطلقه عدد من المصابين بالداء عبر وسائل التواصل الاجتماعي، من خلال هاشتاغ #مابغيناش_نموتو_بالسرطان (لا نريد أن نموت بالسرطان). وقد رأى حينها رئيس الحكومة السابق سعد الدين العثماني أنّ مطلب إنشاء الصندوق تواجهه إكراهات في داخل الحكومة، معلناً عن تعويضه بتخصيص عدد من المداخيل لدعم مرضى الداء الخبيث، إلى جانب 34 إجراءً، من بينها إنشاء لجنة وطنية للسرطان يرأسها رئيس الحكومة.