المغرب: أساتذة التعاقد يضربون عن العمل تنديداً بمحاكمة زملائهم

24 نوفمبر 2022
مواجهات سابقة بين أساتذة المغرب والشرطة (جلال مرشدي الأناضول)
+ الخط -

يدخل 119 ألف أستاذ ينتمون إلى "التنسيقية الوطنية للأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد" في المغرب، يوم غد الجمعة، في إضراب جديد عن العمل "تنديداً بمحاكمات زملائهم في الجسم التعليمي وإهانتهم"، ورفضاً لـ"أيّ نظام أساسي لا يتضمّن الدمج الكامل في الوظيفة العمومية".

ويأتي إضراب التنسيقية بالتزامن مع استعداد محكمة الاستئناف بالرباط، يوم غد، لإصدار حكمها النهائي بحقّ 10 أساتذة لوحقوا بعد احتجاجات نظمّوها في العام الماضي للمطالبة بدمجهم في الوظيفة العمومية. كذلك يأتي بعد سلسلة من الخطوات الاحتجاجية التي خاضتها التنسيقية منذ بداية العام الدراسي الحالي (2022-2023)، كان أبرزها إضراب 16 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، وقبله إضراب 26 سبتمبر/ أيلول الماضي، في خطوة تعكس حجم الاحتقان السائد، بعدما لم يفضِ استئناف جولات الحوار بين وزارة التربية الوطنية والنقابات التعليمية الأكثر تمثيلية، يوم الاثنين الماضي، إلى توافق بشأن ملفّ الأساتذة المتعاقدين الذين يتشبّثون منذ سنوات بمطلب الدمج في أسلاك الوظيفة العمومية.

ودخل الأساتذة العاملون بنظام التعاقد في سلسلة إضرابات منذ نهاية فبراير/ شباط الماضي، كردّ فعل على الأحكام التي أصدرتها المحكمة الإبتدائية في الرباط بحقّ 45 من زملائهم، إذ دانت 44 منهم بالسجن لمدّة شهرَين مع وقف التنفيذ وغرامة مالية، وقضت بالسجن النافذ لمدّة ثلاثة أشهر في حقّ أستاذة متعاقدة.

وقد تعرّض الأساتذة المتعاقدون للملاحقة بتهم التجمهر غير المسلّح بغير رخصة، وخرق حالة الطوارئ الصحية، وإيذاء رجال القوى العمومية في أثناء قيامهم بوظائفهم. كذلك دانت المحكمة الابتدائية في مدينة صفرو (شمال المغرب) في شهر نوفمبر الجاري، أحد قياديي التنسيقية بالسجن مع وقف التنفيذ لمدّة شهر وغرامة 500 درهم مغربي (نحو 46 دولاراً أميركياً) على أثر شكاوى وُصفت من قبل التنسيقية بأنّها "كيدية" تقدّم بها أشخاص من داخل قطاع التعليم.

وسجّلت التنسيقية أنّ مجموعة من الأساتذة في مديرية جرادة (شرق) استلمت استدعاءات صنّفتها بأنّها "كيدية" تهدف إلى "الانتقام من الذين فُرض عليهم التعاقد وكبح نضالاتهم التي يشاركون فيها مع الشغيلة التعليمية"، واصفة الوضع بـ"النكوصي".

وقال عضو المجلس الوطني لـ"التنسيقية الوطنية للأساتذة الذين فُرض عليهم التعاقد" ربيع الكرعي لـ"العربي الجديد" إنّ "الأساتذة لوحقوا جنائياً من جرّاء ممارسة حقّهم الدستوري في الاحتجاج والمطالبة بحقوقهم والدفاع عن المدرسة العمومية"، لافتاً إلى أنّ "المكان الطبيعي للأستاذ هو المدرسة وليس المحكمة".

وأضاف الكرعي أنّه "في الوقت الذي تقول فيه وزارة التربية الوطنية إنّها تسعى إلى إصلاح المنظومة التعليمية، فإنّ سياستها وممارستها تشير إلى أنها تجدّف عكس التيار، وما تروّج له يبقى شعارات فضفاضة، إذ لا يمكن تحقيق ذلك الإصلاح إلا بتوفير الاستقرار النفسي والاجتماعي للرأسمال البشري ممثّلاً في الأستاذ".  وشدّد على أنّ "الأساتذة يعيشون حيفاً وهشاشة اجتماعية في ظلّ أجور هزيلة وغلاء المعيشة، ويرفضون أيّ نظام أساسي جديد يهدف إلى الزحف على الحقوق والمكتسبات وتكريس التوظيف الجهوي".

ونظام التعاقد برنامج أطلقته الحكومة المغربية في عام 2016 لتوظيف أساتذة في المدارس الحكومية بموجب عقود قابلة للتجديد، غير أنّه خلّف احتجاجات بين الأساتذة الذين وُظّفوا ومطالبات بتغييره ودمجهم في القطاع العام.

ولجأت وزارة التربية الوطنية في عام 2019 إلى التخلي عن النظام نهائياً واستحداث نظام أساسي يصير هؤلاء الأساتذة بموجبه كوادر في الأكاديميات، ويشتمل على مقتضيات تضمن الاستقرار المهني من قبيل الحقّ في الترقية والتقاعد والاستفادة من الحركة الانتقالية الجهوية وغيرها. لكنّ الاحتجاجات استمرّت بسبب إصرار الأساتذة على دمجهم في الوظيفة العامة وعلى أن تكون مناصبهم المالية تابعة لوزارة التربية لا الأكاديميات.

المساهمون