أفاد ناشطون مدنيون في تونس بأنّ خسائر قياسية نجمت عن حرائق غابات بلدة ملولة، شمال غربي البلاد، مع تضرّر نحو 1500 هكتار من الغطاء الغابي، في حين أنّ عمليات المسح الرسمية للخسائر ما زالت مستمرة من قبل مصالح وزارة الزراعة، التي لم تصدر أرقامها بعد بشأن خسائر موجة الحرائق الأخيرة التي اندلعت في أبرز غابات البلاد.
وقالت الناشطة المدنية في طبرقة رانية المشرقي لـ"العربي الجديد" إنّ "منظمة غرينبيس قدّرت حجم المساحات التي أتت عليها النيران في منطقة ملولة بنحو 1500 هكتار، طاولت مختلف الأنواع التي تمثّل الغطاء النباتي، لا سيّما النباتات الرعوية والعطرية التي تمثّل مصدر رزق أساسياً لسكان المنطقة".
أضافت المشرقي أنّ "غرينبيس اعتمدت في تحديد الخسائر على مسح أعدّته عبر وسائل تكنولوجية حديثة لتحديد المناطق المتضررة"، وشرحت أنّ "الرقعة الغابية المتضرّرة من النيران حُدّدت بأجهزة متطوّرة بيّنت أنّ الخسائر طاولت مناطق شاسعة في غابات ملولة التي شهدت أشدّ حريق منذ عقود، على الرغم من اعتياد سكان المنطقة على نشوب الحرائق سنوياً".
وأشارت المشرقي إلى "بروز ظواهر هجرة من المناطق المتضرّرة بعد خسارة السكان منازلهم وأرزاقهم"، موضحة أنّ "النزوح من منطقة الحرائق على الأغلب نحو مناطق مجاورة، لا سيّما مدينة طبرقة".
وتابعت المشرقي أنّ "منطقة دوار الشراشرية صارت خالية كلياً من سكانها الذين لم يعد في إمكانهم العودة إليها بعدما تفحمت بالكامل، وقد اختارت عائلات الاستقرار مؤقتاً في طبرقة لدى أقارب لها في انتظار البحث عن حلول أخرى".
وخلال الأسبوع الماضي، نشبت حرائق عدّة في غابات تونس، معظها في المنطقة الغربية من البلاد، غير أنّ التي طاولت منطقة ملولة، أقصى شمالي التونسي، كانت الأشدّ مع استمرار جيوب النيران نحو أسبوع، الأمر الذي تسبّب في توسّع رقعة الخسائر في الغابات والممتلكات الخاصة.
من جهته، أفاد المتحدث باسم الدفاع المدني معز تريعة "العربي الجديد" بأنّ "الخسائر الناجمة عن حريق ملولة كانت كبيرة، وقد تطلّبت جهوداً كبيرة من أجل السيطرة على النيران"، مشيراً إلى أنّ "المسح النهائي للخسائر مستمرّ".
ورأى تريعة أنّ حريق ملولة "من بين الأعنف في السنوات الأخيرة، لا سيّما أنّ اندلاع النيران تزامن مع موجة رياح جنوبية زادت في اشتعال الحريق في المناطق المتشعّبة التي احتاجت إلى تدخّلات مكثفة للوصول إليها".
بالنسبة إلى الناشطين المدنيين، فإنّه لا بدّ من الإسراع في إيجاد حلول لمصلحة العائلات المتضرّرة من الحرائق، وإعادة ترميم المساكن المتفحّمة، وتعويض السكان لتجنّب موجة هجرة داخلية على خلفية الحرائق.
وشدّدت المشرقي على أنّ "تنشيط الحركة السياحية والاقتصادية في المنطقة على امتداد السنة هو الحلّ الأمثل لتجنّب نزوح سكان الغابات والحفاظ على التوازن الإيكولوجي في المنطقة الذي يؤدّي فيه العنصر البشري دوراً مهماً".
ولفتت المشرقي إلى أنّ "متضرّري الحرائق لا يحتاجون إلى مساعدات عينية من الغذاء بقدر حاجتهم إلى خلق ديناميكية اقتصادية مستدامة في المنطقة تضمن لهم مصدر دخل مستمرّاً"، مؤكدة أنّ "الطبيعة في المنطقة الغابية قادرة على التجدّد شريطة ضمان عوامل الاستقرار لسكانها".
وتُعَدّ المنطقة الغابية شمال غربي تونس من أكثر المناطق ثراءً وتنوّعاً لجهة الغطاء النباتي، كذلك فإنّها تؤدّي دوراً مهماً في التوازن البيئي بالمنطقة وتلقّب بـ"أمازون تونس".
وتفيد بيانات المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية بأنّ الغابات تمثّل نحو 34 في المائة من مساحة تونس المقدّرة بـ163.610 كيلومترات مربّعة، وتمتدّ أساساً في جهات الشمال الغربي والوسط الغربي، فيما يسكن فيها نحو مليون شخص. أمّا قيمتها الاقتصادية فتُقدَّر بنحو 932 مليون دينار تونسي (نحو 310 ملايين دولار أميركي).