لا يمكن للمار في شوارع العاصمة الأفغانية كابول إلا أن يلاحظ وجود الكثير من الكلاب الضالة، الأمر الذي يثير القلق والخوف بين المواطنين. وكثيراً ما تهاجم الكلاب الأهالي، سواء في كابول أو المدن الأفغانية الأخرى، وسط عدم تدخل السلطات المعنية لإيجاد أي حلول، منها تأمين مأوى للكلاب. وقبل سنوات، عمدت بلدية كابول إلى تسميم مجموعة من الكلاب الضالة.
في السادس عشر من شهر مارس/ آذار الجاري، شارك الحقوقي عبد الكريم حفيظ في حفل زفاف لأحد زملائه في فندق على مقربة من مطار كابول الدولي. ولدى عودته من الحفل بعد منتصف الليل، هاجمته الكلاب الضالة. كان يركض نحو منزله فيما الكلاب تتبعه. سقط أرضاً في وقت كانت الكلاب تحاصره، إلى أن أنقذه بعض الجيران. يقول لـ"العربي الجديد": "كانت ليلة صعبة جداً. حاصرني أكثر من خمسة كلاب، وبدأت أواجهها بينما كانت تحاول نهشي. ثم ضربتها بالحذاء فسقطتُ على الأرض وجرحت رأسي ويدي". ويرى أن الكلاب الضالة تعد مشكلة كبيرة في كابول، وسط لامبالاة السلطات المعنية، لافتاً إلى أن البلدية لم تتخذ أي خطوة من أجل إيجاد حلول لهذه المشكلة.
نجا حفيظ من الكلاب الضالة التي حاولت مهاجمته، على عكس عزير خان (9 سنوات). قبل نحو شهر، وتحديداً في منطقة تشهراي شهيد القريبة من مطار كابول الدولي، كان الطفل متوجهاً إلى مدرسته سيراً على الأقدام، فتبعته الكلاب الضالة وعضه كلب في فخذه. الوالد محمد عظيم سارع إلى أخذه إلى أحد المراكز الصحية الحكومية، إلا أن لقاح مرض السعار لم يكن متوفراً في عدد منها، ما دفعه إلى التوجه إلى مستشفى خاص، علماً أن سعر اللقاح هو 900 أفغانية (نحو 11 دولاراً ونصف الدولار). وتعافى بعد حصوله على الجرعات الخمس.
أما مزده بي بي (75 عاماً)، والذي عضته كلاب في منطقة ميكرويان كهنه، عندما كان في طريقه إلى الجامع لأداء صلاة التراويح خلال شهر رمضان الماضي، فكان حظه جيداً، إذ حصل على اللقاح في مركز حكومي في منطقة سينما بامير.
ولا يعدّ الحصول على اللقاح في المراكز الحكومية سهلاً، على الرغم من كثرة عدد المراكز التي تقدم فيها لقاحات مضادة لمرض السعار. ويقول الطبيب محمد صابر سلطانزاده، لـ"العربي الجديد"، إنّ الحوادث الناتجة عن عض الكلاب تتكرر سواء في العاصمة كابول أو في الأقاليم الأخرى. وفي العاصمة، تتوفر العديد من المراكز التي تعطي اللقاح من دون أن يكون الأخير متوفراً في الكثير من الأحيان، على الرغم من أن وزارة الصحة تصرف الملايين سنوياً لتوفير اللقاحات للمراكز الخاصة.
ويتحدث صابر عن أمراض أخرى قد تتسبب فيها الكلاب الضالة، وخصوصاً أنها تعيش في الشارع وفي أماكن تجمع النفايات. ويستند إلى دراسة كانت قد نشرتها بلدية كابول في وقت سابق، وتشير إلى أنه سنوياً يلقى 120 شخصاً حفتهم من جراء عض الكلاب لهم في كابول.
بالإضافة إلى الخوف على صحتهم، يخشى كثيرون من استمرار المعنيين في إهمال هذه المشكلة، ويطالبون بإيجاد مأوى للكلاب الضالة أو غير ذلك. في هذا الإطار، يقول محمد عمران، وهو أحد وجهاء منطقة تيمني، لـ"العربي الجديد"، إن هذه الكلاب تسبب خوفاً للأهالي، وخصوصاً في ساعات الليل، إذ عادة ما تلحق بالمارة. ويلفت إلى أنه كثيراً ما تلاحق هذه الكلاب الأطفال، موضحاً أنه لا يسمح لأولاده بالخروج من المنزل بعد صلاة المغرب خوفاً عليهم من الكلاب الضالة، ويطالب الحكومة الأفغانية وبلدية كابول باتخاذ خطوات جادة من أجل الحد من انتشار الكلاب الضالة.
هنا، يذكر عمران قصة شرطي أفغاني هاجمته الكلاب أمام أحد الفنادق قبل فترة، حيث عادة ما تتجمع للحصول على الطعام من العاملين في الفندق. وقد هاجمت مجموعة منها الشرطي قبل أن يتمكن من إبعادها بعد إطلاق الرصاص عليها. وكثيراً ما تؤكد البلدية أن لديها خطة للحد من الكلاب الضالة بعد تزايد شكاوى المواطنين، من دون أن يتحقق ذلك فعلاً.