الكعك بالشوكولاتة وسيلة للصمود في رفح

21 ابريل 2024
أحد مخيّمات النزوح في رفح المكتظة جنوبي قطاع غزة، في الرابع من إبريل 2024 (محمد صابر/ EPA)
+ الخط -
اظهر الملخص
- منذ بداية الحرب على غزة في 7 أكتوبر 2023، اضطر الفلسطينيون للنزوح بحثًا عن الأمان، حيث يمثل يوسف رحمي، النازح البالغ من العمر 60 عامًا، قصة كفاح ببيعه الكعك لتأمين قوت يومه وسط الحصار.
- رغم الحصار المشدد، يعتمد رحمي وأسرته على بيع الكعك كمصدر دخل في ظل الظروف المأساوية للحرب، معيشين في خيمة متواضعة، ما يعكس الإرادة الإنسانية للبقاء والصمود.
- الفلسطينيون في رفح، بمن فيهم رحمي، يواجهون تحديات متزايدة وخوفًا من اجتياح بري محتمل، لكن الأمل بانتهاء الحرب وتحسن الأوضاع يظل قائمًا في قلوبهم، محاولين العيش بكرامة.

مع استمرار الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، يحاول الفلسطينيون النازحون الذين هجّرهم الاحتلال إلى مدينة رفح الواقعة في أقصى جنوب القطاع، تدبير عيشهم بأيّ وسيلة ممكنة، ولا سيّما أنّهم فقدوا منازلهم وشُرّدوا من مناطقهم، بالإضافة إلى أنّ إسرائيل شدّدت حصارها عليهم منذ بداية عدوانها. النازح الفلسطيني يوسف رحمي (60 عاماً) من شمالي قطاع غزة واحد من هؤلاء، وقد وجد نفسه مضطراً إلى صنع الكعك بالشوكولاتة وبيعه للأطفال في أحد مخيّمات رفح. ومحاولة رحمي هذه ليست مجرّد وسيلة للعيش، بل ضرورة للبقاء على قيد الحياة وتجنّب الفقر والجوع، في ظلّ الظروف القاسية التي يفرضها عدوان إسرائيل المتواصل لليوم الـ198.

صباح كلّ يوم، ينهمك الرجل الفلسطيني في تحضير الكعك المحشوّ بالشوكولاتة، قبل أن ينطلق في جولته ليبيعه للأطفال في مخيّم للنازحين بمدينة رفح الحدودية مع مصر. ويعتمد رحمي على الخشب والورق لإشعال النار وشيّ الكعك، بسبب شحّ غاز الطهي. كذلك يواجه صعوبة في العثور على مكوّنات مختلفة لصنع كعكه على خلفية حصار قطاع غزة والحرب المستمرة عليه. ووسط الظروف القاسية وقلّة الموارد، يسعى رحمي إلى بيع منتجاته اليومية، الأمر الذي يوفّر له ربحاً وإن كان قليلاً، يكفيه لتأمين قوت يومه واحتياجات أسرته المؤلفة منه ومن زوجته وثلاثة أبناء.

ويقي هذا العمل المتواضع رحمي وأفراد أسرته من العوز، فيتمكّنون من العيش بكرامة، في ظلّ الأوضاع المأساوية التي يعيشها الفلسطينيون في قطاع غزة منذ أكثر من ستة أشهر. وهو كان قد هُجّر مع عائلته من حي الشجاعية الواقع شرقي مدينة غزة في شمال القطاع الذي عُزل مع الوسط والجنوب، بسبب القصف الإسرائيلي الذي أسفر عن دمار هائل في المنطقة وأدّى إلى استشهاد عدد من أقاربه، من بينهم شقيقه وزوجته وزوجة أبيه. ولجأ رحمي وأفراد أسرته من الشمال إلى الجنوب، بحثاً عن ملجأ يوفّر لهم شيئاً من الأمان، بعدما أمرت قوات الاحتلال الفلسطينيين بإخلاء مناطقهم الشمالية والتوجّه إلى جنوبي وادي غزة بزعم أنّ تلك المنطقة "آمنة". يُذكر أنّ لا مكان آمن في قطاع غزة، بحسب ما شدّد في أكثر من مرّة مسؤولون أمميون ودوليون، وكذلك منظمات إنسانية وحقوقية وإغاثية وغير ذلك، وذلك منذ الأيام الأولى من الحرب الإسرائيلية.

نازحون في رفح بلا مقوّمات عيش

وفي مخيّم نازحين بمدينة رفح المكتظّة بالفلسطينيين النازحين، تعيش أسرة رحمي في خيمة متواضعة مصنوعة من القماش والنايلون، وذلك في ظلّ فقدان أبسط مقوّمات الحياة. ويخبر رحمي وكالة الأناضول: "أصنع الكعك لتأمين مصدر دخل، في ظلّ الظروف الصعبة التي فرضتها الحرب على قطاع غزة منذ أكثر من ستّة أشهر". ويشرح أنّ "الوضع الإنساني صعب جداً، كذلك نعاني من ظروف مأساوية بسبب الحرب التي أدّت إلى خسارتنا منازلنا وإلى تهجيرنا".

ويلفت الرجل الستيني إلى أنّ زوجته من الأشخاص ذوي الإعاقة، وهي مقعدة وتحتاج إلى علاج ومستلزمات طبية لا يمكن توفيرها في ظلّ الظروف الصعبة التي يعيشونها بسبب الحرب. ويقول إنّ صنع الكعك وبيعه يوفّران له مردوداً متواضعاً، يمكّنانه من تلبية احتياجاته واحتياجات زوجته وأولاده الثلاثة، والبقاء على قيد الحياة. ويتمنّى رحمي أن تنتهي الحرب بأسرع وقت، وأن يعيش في ظلّ ظروف إنسانية فضلى، ويتمكّن من العودة إلى حيّ الشجاعية في شمال قطاع غزة.

تجدر الإشارة إلى أنّ الفلسطينيين الذين هجّرتهم آلة الحرب الإسرائيلية بمعظمهم إلى رفح المكتظة بالنازحين اليوم، يحاولون مواصلة حياتهم على الرغم من كلّ شيء، وقد أقاموا مخيّمات مؤقتة، خيامها من القماش والنايلون. وتُعَدّ هذه المخيّمات ملاذاً مؤقتاً لأسر كثيرة تعاني من ظروف صعبة، مع العلم أنّ القصف الإسرائيلي يستهدف كلّ مناطق القطاع من دون استثناء. لكنّ الفلسطينيين الذين يتكدّسون في رفح يعيشون حالة من التوتّر، وسط خشية من شنّ الاحتلال عملية اجتياح برية في رفح، ولا سيّما في ظلّ التهديدات الإسرائيلية. وقبل أيام، كشف إعلام عبري رسمي أنّ إسرائيل تعتزم نصب 10 آلاف خيمة بالقرب من رفح، في خلال أسبوعَين، تمهيداً للاجتياح.

(الأناضول، العربي الجديد)

المساهمون