"القعبوط"... خليفة الرباعي أشهر مُشجعي منتخب تونس

06 ديسمبر 2022
المشجع التونسي خليفة الرباعي بدراجته المميزة (العربي الجديد)
+ الخط -

على دراجته النارية المزينة بعلم تونس، يتنقل خليفة الرباعي في ربوع العاصمة. يتلقى التحية من الجميع خلال مروره بالشوارع والمقاهي، لا سيما في منطقة "باب جديد"، حيث يعيش أغلب مشجعي فريق النادي الأفريقي، وهو فريقه المفضل منذ الطفولة. خلال التحاقه بصفوف الجيش، أطلق عليه زملاؤه اسم "القعبوط"، وهي التسمية التي رافقته طوال حياته، وبعد انتهاء تجنيده، تفرغ لتشجيع فريقه المفضل، إضافة إلى المنتخب التونسي. بات الجميع ينادونه بالاسم الغريب. ولا يُفصح "القعبوط" عن سبب إطلاقه عليه، على وجه التحديد.
يرتدي الرباعي "الشاشية" التونسية على رأسه دائماً، وهي مزينة أيضاً بالعلم الوطني، كما يرتدي أغلب الوقت الأزياء التقليدية، سواء خلال تشجيعه النادي الأفريقي، أو في مباريات المنتخب، إذ يحاول دوماً المحافظة على الطابع التونسي الأصيل.
يتنقل في العاصمة على دراجته النارية البيضاء، والتي كتب عليها "القعبوط مشجع رقم 1"، والتي يتجاوز عمرها ثلاثين سنة، وهو يُلفت الانتباه كلّما تنقل في الشوارع، فحتى غير المغرمين بكرة القدم يعرفونه من زيه، ومن طريقة حديثه الفكاهية مع الناس، ويحرص كثيرون على التقاط الصور معه، يقول: "لا أملك المال الكثير، ولكنْ لدي حب كثير من الناس".
يشتهر القعبوط، الذي ولد في محافظة باجة، في عام 1948، بلقب كبير مشجعي المنتخب التونسي، لأنّه الأكبر سناً، وأكثر من رافق المنتخب في رحلاته إلى الخارج، سواء خلال بطولات أمم أفريقيا، أو المونديال، كما يكاد لا يغيب عن أي مباراة للمنتخب في داخل تونس. تُؤمّن الجامعة التونسية لكرة القدم (اتحاد اللعبة) عادة مرافقة بعض المشجعين للمنتخب، وتوفر تذاكرهم وكلفة إقامتهم، ووفر ذلك الفرصة للقعبوط للسفر إلى العديد من الدول مع المنتخب، وقد زار أكثر من 80 دولة خلال نصف قرن، يقول: "أرافق المنتخب التونسي أينما سافر، خصوصاً في مباريات كأس أمم أفريقيا، وسافرت إلى جنوب أفريقيا في عام 1996، وقوبلت بترحيب كبير من السلطات ومن الجماهير، وقمت بغرس شجرة زيتون، كما زرتها مجدداً في 2003 وفي 2012".
ويضيف: "سافرت عام 1998 لحضور مونديال فرنسا، والتقيت رئيس الاتحاد الأوروبي لكرة القدم ميشيل بلاتيني، وفي عام 2002، سافرت إلى مونديال اليابان، وأيضاً غرست شجرة زيتون قرب ملعب مدينة أوساكا، وأذكر كل تفاصيل الرحلة، وكيف جرى استقبالي بترحاب من عمدة المدينة، وبعدها أصبحت حريصاً على غرس الأشجار التي تشتهر بها تونس في المدن والبلدان التي أسافر إليها، إذ غرست شجرة تين في مارسيليا، وشجرة تين شوكي في مالي، وغيرها".

الصورة
قام القعبوط بتشجيع المنتخب التونسي لعقود (العربي الجديد)
شجع القعبوط المنتخب التونسي لعقود (العربي الجديد)

في عام 2006، سافر خليفة الرباعي إلى مصر عبر ليبيا، لتشجيع منتخب بلاده في نهائيات بطولة أمم أفريقيا، وقد قطع الرحلة على متن دراجته النارية، في مسيرة دامت قرابة ستة أيام متواصلة، وفي العام نفسه قابل فرانز بيكنباور، لاعب كرة القدم الألماني الشهير الذي أحرز كأس العالم 1974، وأهداه "قشابية"، وهي من أزياء الرجال التقليدية التونسية المصنوعة من الصوف، ويقول: "بيكنباور أمّن لي الإقامة في ألمانيا لتشجيع المنتخب التونسي خلال مشاركته في مونديال 2006".
يتذكر القعبوط تفاصيل رحلاته بدقة رغم مرور عشرات السنين على بعضها، ويتحدّث عن أحداث وشخصيات قابلها خلال رحلاته، بل يتذكر حتى تواريخ تلك المقابلات، وتفاصيل ما جرى خلالها.
ويؤكد أنّه بات يلقى ترحيباً كبيراً خلال سفره، وكلّما زار دولة يحرص على التقاط الصور مع أشهر اللاعبين حين تجمعه بهم الصدف، كما يحرص على إهداء كلّ من يقابله هدية بسيطة ترمز إلى تونس، على غرار الخمسة التونسية، أو حاملة مفاتيح على شكل الشاشية التونسية.

يتذكّر القعبوط كيف كانوا يحدثون ضجيجاً عبر الطبول خلال ليلة المباراة لإرباك الفريق المنافس للمنتخب التونسي، ويقول إن الأمور تغيّرت عن الماضي، خصوصاً بعد وفاة بعض المشجعين الكبار، أمثال بهيجة الصدقاوي، الملقبة بـ"الخالة بهيجة"، والتي كانت أشهر مشجعة للمنتخب، وتوفيت عن عمر ناهز التسعين، كما أن أجواء التشجيع داخل تونس تغيّرت عن السابق، إذ كانت تجمع المشجعين علاقات صداقة، واليوم تغير كل شيء، حتى أن اصطحاب المشجعين يجري وفق حسابات خاصة.

الصورة
يمتلك القعبوط ذكريات كثيرة مع نجوم كبار (العربي الجديد)
يمتلك القعبوط ذكريات كثيرة مع نجوم كبار (العربي الجديد)

يحتفظ القعبوط بأرشيف للصحف التي تحدّثت عن مباريات تونس المهمة، أو عن ذكريات تشجيعه، سواء كانت تونسية أو أجنبية، كما يحتفظ بصور جمعته مع لاعبين عالميين، منهم صامويل إيتو، ورابح ماجر، وحمادي العقربي.
كانت أول مشاركة لمنتخب تونس في مونديال الأرجنتين عام 1978، وحقق أول فوز عربي في المونديال على حساب المكسيك بثلاثة أهداف لهدف واحد، وسجّل علي الكعبي ونجيب جهوميدا ومختار دهويب أهداف تونس، وارتيرو فازكويز من ركلة جزاء هدف المكسيك، لكن الفريق فشل في التأهل إلى الدور الثاني، ثم شارك في مونديال فرنسا 1998، وفي مونديال كوريا الجنوبية واليابان في 2002، ومونديال 2006 في ألمانيا، وأخيرا في مونديال روسيا 2018، ويشارك المنتخب في مونديال قطر 2022.

قضايا وناس
التحديثات الحية

ويأسف القعبوط كثيراً لأنّه لم يسافر هذه المرة لتشجيع منتخب بلاده في قطر، فالجامعة التونسية لكرة القدم لم تدرج اسمه في قائمة المشجعين، يقول: "لم أستغرب الأمر كثيراً، فمنذ عام 2014، لم أسافر إلى أي بلد مع المنتخب، إذ لا أمتلك القدرة على تأمين التذاكر ومصاريف السفر، فيما تتناساني جامعة كرة القدم من دون أن أعرف الأسباب وراء ذلك".

المساهمون