استمع إلى الملخص
- عبد الكريم حرارة يروي تفاصيل القصف الذي استهدف منزله فجر التاسع عشر من مايو، مما أدى إلى استشهاد زوجته وخمسة من أبنائه وأحفاده، ونجا بأعجوبة بعد إصابات بليغة.
- عشرة أفراد من العائلة يتلقون العلاج في ظروف صعبة بمخيم أبو شعبان، حيث تتدهور الأوضاع الصحية بسبب انعدام الخدمات الإنسانية والصحية.
اجتمعت مرارة الفراق مع آلام الإصابة على الفلسطيني عبد الكريم حرارة، الذي استشهد 14 فرداً من عائلته، وأصيب عدد آخر بجراح متفاوتة، في مجزرة بشعة ارتكبتها طائرات الاحتلال الإسرائيلي في مخيم النصيرات للاجئين الفلسطينيين، بوسط قطاع غزة الذي نزحت إليه العائلة، إثر الاجتياح الإسرائيلي لمدينة رفح.
واستهدف القصف الإسرائيلي المنزل المُلاصق بشكل مباشر، وتسبب في انهيار المبنى الذي يعيش فيه أفراد عائلة حرارة فوق رؤوس ساكنيه، والذين كان معظمهم من الأطفال والنساء، فخلف شهداء والعديد من المصابين، ولايزال الناجون يعانون من صدمات نفسية حتى الآن.
يقول عبد الكريم حرارة لـ"العربي الجديد"، إن "وقائع الألم بدأت فجر التاسع عشر من مايو/ أيار الماضي، حين باغتت الطائرات الإسرائيلية الآمنين النائمين بعدد من الصواريخ التي تسببت في انهيار المبنى، واستشهاد زوجتي وخمسة من أبنائي وأحفادي، إضافة إلى زوجة ابني، وشقيقتها وابنتها، وكذلك حفيدة شقيقي. نجوت من القصف بأعجوبة بعد أن تعرضت لإصابات بليغة في الظهر والصدر، من جراء ارتطام جسدي بالركام، بعد أن قذفني الانفجار الشديد إلى خارج المنزل".
يتلقى نحو عشرة من أفراد من العائلة العلاج من كسور وجروح غائرة
يضيف: "تدخلت العناية الإلهية لتنقذني مع عدد من أفراد العائلة الذين أصيب بعضهم بجراح بليغة بفعل انهيار السقف عليهم، وجرى إخراجهم من تحت الأنقاض بصعوبة، كما نجا شقيقي الذي كان يسكن في غرفة من الصفيح (الزينكو) على سطح المنزل. جرى نقلنا إلى مستشفى العودة في مخيم النصيرات لتلقي العلاج، وفي اليوم التالي نُقلنا إلى مستشفى شهداء الأقصى في مدينة دير البلح لاستكمال تلقي العلاج".
يسرد حرارة تفاصيل رحلة النزوح القاسية التي مر بها برفقة أفراد أسرته منذ الأسبوع الأول للحرب، عقب تعرض المنطقة التي كانوا يعيشون فيها منذ عقود في مدينة غزة للقصف، الذي أصيب فيه ابنه، وتزامن ذلك مع صدور تهديد إسرائيلي بضرورة مغادرة جميع السكان مدينة غزة نحو جنوب وادي غزة، ما اضطر العائلة للنزوح إلى مدينة رفح، والاستقرار فيها حتى مطلع مايو/ أيار الماضي، وحين بدأ الاجتياح البري للمدينة، انتقلت العائلة إلى مخيم النصيرات، وبعد سبعة أيام من وصولها، تعرضت المنطقة لمجزرة راح ضحيتها نحو 40 شهيداً، من بينهم 14 شهيداً من عائلته.
ولا يزال عشرة أفراد من العائلة يتلقون العلاج من كسور وجروح غائرة داخل خيام يعيشون فيها بين أشجار أرض زراعية في مخيم أبو شعبان غربي مدينة دير البلح، وتفتقر المنطقة لأدنى مقومات المعيشة، وكل الخدمات الإنسانية والصحية، فيما يزيد من آلامهم الأنباء الواردة من مدينة غزة حول تجريف الاحتلال محالهم التجارية في حي الشجاعية، وحرقه شققهم السكنية.
يقول محمد حرارة لـ"العربي الجديد": "جرى استهداف المنزل المجاور للمنزل الذي نزحنا إليه قبل سبعة أيام فقط عند الساعة الواحدة فجراً، ما تسبب بانهيار البيت، وقد أصبت بكسر في قدمي استدعى إجراء عملية جراحية لتركيب أسياخ بلاتين، فيما تقرر إجراء عملية جراحية أخرى بعد اكتشاف كسر آخر عقب شهر ونصف الشهر من العملية الأولى. شدة القصف تسببت في انهيار المنزل، واستشهاد 14 فرداً من العائلة، من بينهم والدتي وطفلتاي لجين وإنجي، وابنة شقيقي مسك، وثلاثة من أشقائي، واثنتان من شقيقاتي، وزوجة شقيقي".
ويوضح حازم حرارة أنه أُصيب من جراء القصف بكسر في الحوض، وقطع في مجرى البول، ويحتاج إلى إجراء عملية في مجرى البول، وقد تقرر إجراؤها بعد شفاء عظام الحوض. يضيف: "تتدهور أوضاعي الصحية بفعل الأوضاع الصعبة التي نعيشها خلال النزوح، وانعدام المقومات المعيشية والطبية. نقوم بتصوير الأشعة ونشتري الأدوية على نفقتنا الخاصة، ونتلقى العلاج على الأرض تحت الشجر بدلاً من تلقى الخدمة الصحية اللازمة داخل مستشفى، وذلك بفعل الانهيار الكامل للمنظومة الصحية في قطاع غزة، الأمر الذي يضعف استجابة الجسد للأدوية، ويبطئ التئام الكسور والجروح".
استشهدت حفيدة الفلسطيني المسن إياد حرارة، في القصف، كما خلفت المجزرة إصابات مختلفة لبقية أفراد العائلة، تنوعت بين كسور في الأقدام والأيدي والصدر، وجروح وكدمات. غلبت الدموع حرارة حين حاول سرد تفاصيل الدقائق الأولى بعد القصف، إذ تذكر التعامل مع عدد كبير من الشهداء. بدأ البكاء، ولم يتمكن من استكمال الحديث عن تفاصيل رحلة النزوح التي تدخل حالياً شهرها العاشر، ولا عن المجزرة البشعة بحق أفراد عائلته.