القدس على أبواب العيد... لحظات لاقتناص الفرح

20 ابريل 2023
تنتعش حركة الأسواق في القدس المحتلة عشية عيد الفطر (العربي الجديد)
+ الخط -

على أبواب عيد الفطر لم يتغير كثير من تفاصيل الحياة في المشهد المقدسي، وتحديداً في البلدة القديمة التي شهدت ازدحامات كبيرة من الوافدين للصلاة في المسجد الأقصى من سائر مدن وبلدات فلسطين التاريخية.

يحاول أهالي القدس المحتلة اقتناص لحظات الفرح في أيام العيد، رغم اعتداءات قوات الاحتلال الإسرائيلي والمستوطنين.

محاولات للفرحة وانتعاش الاقتصاد

بالنسبة للمقدسيين، أهل البلدة القديمة وتجارها، لا كثير يوحي بالعيد، رغم ما انتشر في ساحتها الرئيسية في باب العامودـ وداخل أزقتها وحاراتها من بسطات للباعة المتجولين الذين يعولون كل عام على هذه الأعداد الضخمة من الوافدين، فتنتعش ولو قليلاً حركة التجارة في مدينتهم التي تعاني ركوداً كبيراً بفعل الحصار المفروض عليهاـ وعزلها عن امتداد مواطنيها في الضفة الغربية، وبالتزامن أيضاً مع حملات الدهم الضريبي التي توقفت مؤقتاً خلال رمضان، لكنها تستأنف على نطاق واسع بعد انتهاء أيام عيد الفطر.

يقول عيد وزوز وهو صاحب محل لبيع الألبسة في شارع الواد، وهو أحد أشهر محال القدس القديمة، في حديث لـ"العربي الجديد"، اليوم الخميس، "على أحر من الجمر ننتظر العيد كتجار، وهو فرصة وحيدة لا تتكرر إلا سنوياً في شهر رمضان، والأهم في هذا الشهر هذه الأعداد الكبيرة من المواطنين الذين يفدون إلى البلدة القديمة والأقصى، فتنهض من جديد، بعد أن تكون قد انتكست بسبب ممارسات الاحتلال المختلفة".

أما عائلة وزوز المكونة من سبعة أفراد، فتنهمك منذ أيام في التحضير لاستقبال العيد، من صناعة الكعك والمعمول، وشراء مستلزماتها من الحلوى والفواكه، قبل أن تتفرغ بعد ذلك لتنظيف البيت وإعداده لاستقبال المهنئين، لتقوم في اليوم الأخير بزيارة الأقارب أو الذهاب إلى شاطئ البحر في يافا أو عكا.

ورغم ما يعيشه المقدسيون خاصة تجار القدس، فإن رئيس لجنة التجار المقدسيين حجازي الرشق، يشدد في حديث لـ"العربي الجديد"، على أنه ليس أمامهم سوى الصمود والرباط، ويقول: "نحن نستلهم ذلك من وحي رمضان، ومن العيد الذي نحييه بالصلاة في الأقصى، في مسجدنا هذا العام معنى خاص بما شهدته البلدة القديمة وأسواقها وكذلك المسجد الأقصى من الأعداد الهائلة من الوافدين للتسوق وللصلاة لتدب الحياة من جديد في أسواقها".

على الرغم من المعاناة الناجمة عن الاحتلال وممارساته، تجد عائلات عدّة فرصة لإسعاد أطفالها بفرحة العيد ولو بشكل محدود، كما يقول الرشق، وهي فرحة يتم التعبير عنها بالنسبة لكل العائلات المقدسية بشراء الملابس وحلوى المعمول والمكسّرات، مع الاحتفاظ بصلة الرحم ومعايدة الأهل والأصدقاء.

الاستعداد للعيد

في حيّ الشيخ جراح الواقع على تخوم البلدة القديمة من القدس المحتلة، حيث ما زال الحي عرضة لاعتداءات المستوطنين منذ سنوات، تخصص عائلة المواطن محمود السعو وقتها منذ ثلاثة أيام لتهيئة البيت بمناسبة عيد الفطر، وكان أمس الأربعاء، آخر أيام التنظيف أو ما يطلقون عليه "تعزيل البيت"، كما تقول زوجة السعو لـ"العربي الجديد"، التي تفرغت لشراء مستلزمات العيد من الحلوى والسكاكر وحتى كعك العيد الذي اشترته هذا العام من محلات "أبو صبيح" الشهيرة في سوق المصرارة.

تأمل السعو أن يمر العيد هذا العام دون منغصات المستوطنين على أهل الشيخ جراح، خاصة بعد قيامهم قبل أيام بالتظاهر والاعتداء على المنازل في الحي وإلحاق الضرر بمركبات الفلسطينيين.

الأهم في العيد بالنسبة لعائلة السعود هو "انتهاء مأساة أهالي حي الشيخ جراح"، ومع ذلك لا تنسى نصيبها من زيارة الأقارب أو الذهاب لأماكن الاستجمام؛ سواء في أريحا أو طبريا إن أتيحت لها الفرصة.

تحدٍ لاقتناص الفرح

رغم أوضاع المقدسيين الصعبة، فإنّ العيد يفتح نافذة على الفرح وصلة الرحم والتمتع بلحظاته، وهذا تحد بالنسبة لعموم المقدسيين، خاصة في ظل ما تشهده المدينة من تصعيد ضدها من قبل الاحتلال والمستوطنين.

المواطن ضياء الدين الحسيني مدير مشتريات في مؤسسة "النيزك لتعليم المساند والإبداع العلمي"، تحدث لـ"العربي الجديد" قائلاً: "أنا رب أسرة مقدسية، ولنا ثلاثة أطفال، ومثل كل عام نستعد أنا وعائلتي لاستقبال عيد الفطر المبارك بشراء ملابس جديدة من أسواق القدس والبلدة القديمة، لنحيي أسواقنا التاريخية، وندعم صمود تجارنا المرابطين في محالهم التجارية في سوق باب خان الزيت".

ويتابع: "نقوم بشراء الكعك والمعمول من سوق شارع الواد، والمخبوزات الساخنة من شارع المصرارة، ومن ثم الفواكه والخضروات من محلات مسودة المتربعة في شارع السلطان سليمان، ولا يمكن المرور من شارع صلاح الدين دون شراء المكسرات الطازجة من محمص السمان الشهير، والقهوة العدنية من قهوة صندوقة الأصيلة، والسكاكر اللذيذة من محلات المؤقت، وشوكولاتة من بُن ازحيمان، لنصل بعدها إلى مشارف شارع الزهراء ليكون هنالك نصيب في شراء الهدايا والألعاب وبالونات العيد للأطفال".

في اليوم الأول من أيام عيد الفطر، يتوجه الحسيني وعائلته لصلاة الفجر في المسجد الأقصى، وينتظرون خطبة صلاة العيد، بأجواء فرح تتخللها التكبيرات والتهليلات حتى يصعد الخطيب إلى منبر صلاح الدين، ليلقي خطبته ومن ثم أداء صلاة العيد.

قضايا وناس
التحديثات الحية

بعد ذلك، يتوجه الحسيني وعائلته مباشرة إلى ضريح الشهداء موسى كاظم وعبد القادر وفيصل الحسيني، ويقرؤون الفاتحة على أرواحهم، ثم يستقبلون زوار المدينة في غرفة الضريح حتى انتهاء فترة الزيارة، بعدها يتوجهون إلى مقابر العائلة لإلقاء التحية على من فقدوهم وقراءة الفاتحة على أرواحهم، ويتم توزيع التمر، ثم بعدها يذهبون إلى بيت العائلة الكبير، يقدمون عيدية عيد الفطر، وهي من طقوس العيد المتوارثة، وبعدها يتناولون وجبة الفطور التي تتضمن كعك القدس الشهير، وخلال أيام العيد المتبقية يذهبون لزيارة الأقارب خارج مدينة القدس ويقضون وقتًا عائليًا وممتعًا مع الأهل والأصدقاء.

تحرص المواطنة المقدسية هديل شواهين، وهي ربة منزل على اقتناص فرحة العيد، وتقول لـ"العربي الجديد": "قمنا بتحضير الشوكلاتة للضيوف، وتحضير كعك العيد، إضافة إلى شراء ملابس الأولاد والبنات، وتجهيز العيديات للأطفال، ستكون زيارات جميلة للأجداد والأعمام وزيارة البحر والمتنزهات من أجل الأطفال، وكذلك القيام بجولة في حديقة الحيوان في القدس".

العيد بالنسبة لعائلة شواهين هو "فرح وتواصل، بعد شهر من العبادات من صوم وصلاة في رحاب المسجد الأقصى".

المساهمون