استمع إلى الملخص
- **تضارب الأرقام الرسمية**: أثارت الأرقام المتضاربة حول عدد القتلى شكوكاً في دقتها، حيث أشار الزعيم القبلي محمد مشتاق إلى نقص الآليات الدقيقة لجمع البيانات والفساد.
- **نقص المساعدات**: يعاني المتضررون من نقص المساعدات، حيث يروي محمود آفريدي ومحمد نور قصص فقدانهم لمنازلهم وأفراد عائلاتهم دون تلقي أي دعم رسمي.
سبّبت الفيضانات في باكستان مقتل أكثر من 189 شخصاً وإصابة المئات منذ مطلع يوليو/تموز الماضي وحتى 17 أغسطس/ آب الجاري، ودمرت المياه الجارفة آلاف المنازل والممتلكات العامة والأراضي الزراعية، خاصة في المناطق النائية التي تبنى عادة من الطوب والطين.
وأعلنت إدارة مواجهة الكوارث والأزمات الطبيعية أن أضرار الفيضانات كانت كبيرة في إقليم البنجاب، كبرى أقاليم باكستان، حيث وصل عدد القتلى إلى 68، وأيضاً في إقليم خيبربختونخوا (شمال غرب) حيث قتل 65 شخصاً، أما عدد القتلى في إقليم السند الجنوبي فبلغ 35، وفي إقليم بلوشستان (جنوب غرب) 15.
واستغرب كثيرون إعلان حكومة إقليم بلوشستان في 19 أغسطس أن عدد قتلى الفيضانات في أسبوع واحد وصل إلى 29 إلى جانب عشرات الإصابات. وأكدت الحكومة المحلية في إقليم خيبربختونخوا في 19 أغسطس أن عدد قتلى الفيضانات في الإقليم تجاوز 80.
وعززت الأرقام المتضاربة التي نشرتها البيانات الرسمية المزاعم التي تشير إلى أن الأعداد التي تعلنها الحكومة رسمياً غير دقيقة ولا تظهر إلا جزءاً من الخسائر التي تلحق بالمواطنين جراء الفيضانات، سواء في الأرواح أو الممتلكات.
ويقول الزعيم القبلي في إقليم خيبربختونخوا، محمد مشتاق، لـ"العربي الجديد": "كل الأرقام الرسمية غير دقيقة في باكستان، سواء أكانت في شأن الفيضانات أم الزلازل أم أي حوادث مأساوية أخرى، لذا لا نعتمد عليها. ونحن نعلم أن الإدارات الحكومية لا تملك آليات دقيقة لجمع الأرقام، وتكتفي بملء الفراغ استناداً إلى أي معلومات تتوفر وليس أكثر، كما نعرف جيداً أن المسؤولين في هذه الإدارات يجلسون في مكاتب، ويحاولون أن يجمعوا الأرقام عبر الهواتف، ما يجعلها غير دقيقة في معظم الأحيان.
يضيف: "يشكل الفساد أيضاً عاملاً آخر يمنع اعتمادنا الأرقام الرسمية، ففي كثير من الأحيان لا تصرف الميزانية الخاصة لجمع الأرقام والوصول إلى المناطق المنكوبة، بل تؤخذ فقط أرقام من وسائل إعلام أو أجهزة وتنشرها. ولا تذكر الجهات المعنية الآليات التي استخدمت في الحصول على هذه الأرقام. أيضاً من الأمور التي تشير إلى أن هذه الأرقام غير دقيقة أن الخسائر التي لحقت بالمناطق النائية كبيرة، وأن فروع إدارة مواجهة الكوارث والأزمات لا توجد فيها ما يعني أن هذه الأرقام ناقصة".
وبغض النظر عن الجدل الدائر في شأن الأرقام، يبقى الأهم مساعدة المنكوبين والمتضررين من الفيضانات، في ظل تأثيراتها الكبيرة على حياة المواطنين، خاصة في المناطق النائية حيث معظم السكان الفقراء.
ويشكو معظم المتضررين في هذه المناطق من عدم وصول أي مساعدات إليهم حتى الآن. ويقول محمود آفريدي الذي يسكن في منطقة شب قدر بمدينة بشاور مركز إقليم خيبربختونخوا (شمال غرب) لـ"العربي الجديد": "كنا في حالة النوم داخل المنزل، وكانت الأمطار تهطل بقوة شديدة وتنزل من السقف ما جعلنا نتنقل من زاوية إلى أخرى داخل الغرفتين اللتين نعيش فيهما في هذا المنزل المستأجر. فجأة سمعت صوتاً رهيباً فخرجت ورأيت أن الغرفة الثانية التي كان فيها أمي وابني الكبير وأختي سقطت. صرخت كثيراً وحاولت مع زوجتي وباقي أفراد الأسرة والجيران أن نساعدهم، حاولنا إخراج الجميع واستطعنا أن نفعل ذلك لكن بعد فوات الأوان فأي منهم لم يكن حياً".
يتابع: "إضافة إلى موت ثلاثة من أفراد العائلة، دمرت السيول كل محتويات المنزل بعدما دخلت المياه إلى الغرف والمطبخ. ساعدنا بعض الجيران بالطعام والملابس وغيرها، لكنهم فقراء ولا يمكن أن يفعلوا أكثر من ذلك، وحتى الآن لم تساعدنا الجهات الرسمية، ولم يصل أحد إلينا".
وهذه أيضاً حال محمد نور الذي يسكن في كوهات رود وسط بشاور، إذ انهارت غرفتا منزله من دون أن يوجد أي من أفراد أسرته في الداخل. ويروي أن "السقف كان في حالة سيئة جداً لذا خشيت أن تسقط الغرف علينا فانتقلنا إلى بيت أخي الذي كان أفضل حالاً في مواجهة الفيضانات، لكنه خسر بدوره كل ما كان داخله من محتويات وملابس، ولم يحصل بدوره على أي دعم".
ويقول نور لـ"العربي الجديد": خسرت كل شيء، لكن أفراد عائلتي بخير، وما يحزنني أنني رجل فقير أعمل بشكل يومي. وفي أيام المطر لا أستطيع أن أفعل ذلك، وأنا لم أحصل على مساعدة من أي شخص".