الفساد يطغى على جامعات النظام السورية

27 يونيو 2024
ليست جامعة البعث في منأى عن الفساد (جوزيف عيد/ فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- طلاب الجامعات في مناطق سيطرة النظام السوري يعانون من فساد واستغلال في المنظومة التعليمية، مثل إجبارهم على حضور دروس خصوصية مدفوعة لضمان النجاح، وتأثير الرشوة والواسطة في مصيرهم الأكاديمي.
- يواجهون أيضًا صعوبات مالية بسبب تكاليف المعيشة والدراسة المرتفعة، ومشاكل في البنية التحتية والخدمات الجامعية مثل نقص خدمة الإنترنت وغرف المطالعة غير المجهزة.
- الوضع الأمني المتوتر والتصنيف العالمي المتدني للجامعات السورية يضيفان تحديات إضافية، مما يؤثر سلبًا على الجودة التعليمية ويهدد مستقبل الطلاب الأكاديمي والمهني.

يُواجه طلاب الجامعات في مناطق سيطرة النظام السوري سلسلة من التحديات قبل التمكّن من الحصول على الشهادة الجامعية، التي تحولت إلى هاجس يشغل تفكير هؤلاء الطلاب. وأسوأ ما يواجهه الطالب الجامعي الفساد في المنظومة التعليمية والاستغلال، إذ تحول الأمر إلى أزمة يعجز الطلاب عن وضع حد لها كونهم الحلقة الأضعف. فالمدرس الجامعي يملك حصانة تخوّله تحديد مصير الطالب، استناداً إلى ترتيبات محكومة بإدارة الجامعات ونسب النجاح المطلوبة ومدى قرب الطالب وواسطته لدى المدرس.

في جامعة طرطوس، وضع بعض المدرّسين محدّداً واضحاً لنجاح الطلاب، وهو الدروس الخصوصية، كما تقول الطالبة لجين علي. وتوضح لـ"العربي الجديد" أن معظم أساتذة كلية الفنون الجميلة في الجامعة ينتهجون هذا الأسلوب، ويتوجب على الطلاب الذين يريدون الحصول على علامة النجاح الخضوع لدروس خصوصية لدى المدرسين في بيوتهم. تتابع أن "المجموعة تكون مؤلفة من 4 أو 5 طالبات يتوجهن لحضور درس خصوصي لدى الأستاذ الذي يدرس المادة في المنزل بعد الاتفاق على البدل المادي لضمان النجاح فيها. نعرف أن الجامعة تفرض نسبة نجاح على الأستاذ، ومن يحضر الدروس الخصوصية يكون ضمن النسبة الناجحة في الجامعة. المشكلة الثانية أن نسبة النجاح المطلوبة هي 40 في المائة، وحتى إذا كان هناك طلاب أكثر من الناجحين يجرى تجاهلهم وخلق مشاكل لهم والاعتراض على ورقة الامتحانات أو مناقشتها، ما يعني الرسوب في المادة ومواجهة مشاكل مع الأستاذ".
وتحولت الرشوة إلى أمر واقع في الجامعة كما توضح علي، وهناك طلاب وسطاء لدى الأساتذة، أو يتولى عامل البوفيه في الجامعة هذا الدور. وتقول: "نسمي هذا الشخص في الجامعة المفتاح، وهو يكون صلة الوصل بين الطالب والأستاذ للتوصل إلى حل في حال كان راسباً بمادة معينة أو يريد أن يكون من بين الطلاب الناجحين فيها".
بالإضافة إلى الرشوة، هناك مشاكل تتمثل في تأمين السكن ومكان الدراسة للطالب والمصاريف الشهرية الكبيرة، بالإضافة إلى استغلال المدرسين الطالب الجامعي من خلال المقررات الجامعية وملحقاتها. ويوضح الطالب في كلية العلوم مؤيد العيسى، لـ"العربي الجديد"، أن لدى المدرسين الجامعيين مقررات يتوجب على الطالب شراؤها منذ بداية العام الدراسي، وكلفة هذه المقررات على الطالب عالية، وهذا يحدث في اختصاص الفيزياء. يضيف: "لا مشكلة لدي كطالب في شراء الكتاب المقرر، لكن بعد مدة يكون لدى المدرسة ملخص للكتاب يجب شراؤه من مكتبة معينة وبسعر محدد، وهذا استغلال واضح للطالب".
يضيف العيسى: "الوضع سيئ للغاية في جامعة البعث، والطالب الذي يريد التخرج من الجامعة يجب أن تكون لديه واسطة، وخصوصاً في حال رسب في مادة أو غير ذلك. وهناك مشاكل تتعلق بتوفير المصاريف والعمل في الصيف وبعد الجامعة لتأمين المصاريف العالية".

الصورة
طلاب في حرم جامعة دمشق (لؤي بشارة/فرانس برس)
في حرم جامعة دمشق (لؤي بشارة/ فرانس برس)

من جهتها، تقول الطالبة هدى حمشو التي تدرس اختصاص الكيمياء في جامعة تشرين، لـ"العربي الجديد"، إن أسئلة الامتحانات لا تراعي التوقيت وغالباً ما تكون بمستوى غير مدروس وغير مناسب للطلاب. وأكثر ما يربك الطلاب في قاعات الامتحانات هو كثرة المراقبين الذين يشوشون على الطلاب. وتوضح: "يرددون دائماً أنه بقي ربع ساعة على انتهاء الامتحان. بقيت 10 دقائق.. 5 دقائق، فيدخلون الطالب في حالة من التوتر".
تتابع: "غرف المطالعة في السكن الجامعي غير مجهزة نهائياً، وكل غرفة تضم 4 أو 5 طالبات والدراسة فيها صعبة. رغم ذلك، فإن الطالبات يتأقلمن مع الأمر. كما أن خدمة الإنترنت غير متوفرة رغم حاجة الطلاب إليها. ولا يمكن للطالب تحمل تكاليف إضافية للحصول على الإنترنت. وفي الوقت الحالي، يحتاج الطالب أكثر من نصف مليون ليرة سورية (35 دولاراً)، علماً أن راتب الموظف قد لا يتجاوز نصف هذا المبلغ". كما تلفت إلى طباعة نماذج قديمة ومحاضرات عمرها أكثر من 5 سنوات لتباع بتاريخ العام الحالي. والطالب الجامعي من لهفته للتخرج يكون مجبراً على شرائها. "الواقع مؤسف بكل الأحوال"، تقول.
وكان عميد المعهد العالي لبحوث الليزر في جامعة دمشق يوسف سلمان قد استقال من منصبه بسبب الفساد والضغوط التي تعرض لها، وأوضح في نص استقالته، التي نشرها على "فيسبوك" في أغسطس/ آب 2020، أنه اضطر إلى ذلك بعد ضغوط تعرض لها من أعلى الجهات الإدارية والرقابة الوصائية للموافقة على إعطاء مرتبة شرف لطلاب لا يستحقونها، بالإضافة إلى سرقة وهدرِ مال عام من قِبل مجموعة من الأساتذة". وقال: "مورست علي ضغوط كبيرة أثناء تشكيل لجان الحكم لطلاب الدراسات العليا كي يتمَّ فبركة لجان حكم غيرِ متخصّصة وتعمل بالمحسوبيات".

بالإضافة إلى المشاكل السابقة، يواجه الطلاب أخرى أمنية في الجامعة، كون أي نشاط غير محسوب قد يسبب لهم الاعتقال من قبل قوات الأمن الموجودة أصلاً في الجامعات. ويشير أحد طلاب جامعة البعث محمود أبو عرب، لـ "العربي الجديد"، إلى أن قريباً له اعتقل بعد شكوى تقرير أمني من أحد الطلاب في الجامعة، قائلاً: "منذ عام 2011 والأمن موجود بشكل علني في الجامعة والطلاب على البوابات يخضعون للتفتيش كأننا داخل سجن".
وبحسب موقع "ويبوماتريكس"، احتلت جامعات النظام السوري مراتب متدنية عالمياً، وجاءت جامعة دمشق في المرتبة 3041، بينما حلت جامعة تشرين في المرتبة 3767، وجامعة حلب في المرتبة 4742، وجامعة البعث في المرتبة 5002.

المساهمون