العراق: إقبال على تعلّم الإنكليزية

23 مايو 2021
يدركون أن اللغة الأجنبية ضرورية لمتابعة الدراسة في الخارج (مرتضى السوداني/ الأناضول)
+ الخط -

تشهدُ مدن عراقيّة عدّة افتتاح معاهد ومراكز لتعلّم اللغات، خصوصاً اللغة الإنكليزية، وقد منحت وزارة التربية تراخيص لافتتاحها، في إطار المناهج التعليمية المعتمدة، مع استمرار غياب البرامج الحكومية التي يفترض أن تقدمها وزارة التربية لتطوير مهارات التلاميذ بدءاً من المرحلة الابتدائية. كما تشهد الدورات التعليمية على مواقع التواصل الاجتماعي إقبالاً من التلاميذ والشباب كونها وسيلة أخرى لتعلم اللغات.
خلال العامين الماضيين، قدّر عدد المراكز التي افتتحت لتعليم اللغة الإنكليزية بأكثر من 200 مركز أو معهد، معظمها في العاصمة بغداد وبابل وسطاً، والبصرة والنجف جنوباً، وأربيل شمالاً. وتشير مصادر في وزارة التربية إلى أنّ هذه المراكز تعد وسيلة جيدة للاستثمار في التعليم، إذ يلتحق الطالب بدورة تمتد من ثلاثة إلى 9 أشهر لتعلّم الإنكليزية، وبأسعار تتراوح ما بين 200 دولار أميركي و600. ولدى جميع المقبلين على تلك المراكز أسبابهم، كالحصول على وظيفة أو الهجرة، بالإضافة إلى متابعة الدراسات العليا في الخارج، وغير ذلك.  
يقول رئيس لجنة التربية النيابية، قصي الياسري، إنّ هناك أكثر من دافع لدى الشباب العراقيين لتعلم اللغات، منها الحصول على فرصة عمل، والسفر إلى خارج البلاد، والغنى الثقافي، والانفتاح على العالم. يضيف لـ "العربي الجديد": "كلّ هذه الأسباب وغيرها دفعت الشباب إلى الإقبال على تعلّم لغات عدة أبرزها اللغة الإنكليزية". ويوضح: "خلال السنوات الأخيرة، زاد التوجه لتعلّم اللغات، ما يشير إلى أنّ البلاد كانت شبه مغلقة على نفسها في السابق. وكان سفر الشباب إلى الخارج محدوداً جداً". ويشير إلى أنّ التغيير الذي شهدته البلاد عام 2003 وفّر فرص عمل أكبر للذين يجيدون لغات أخرى خصوصاً الإنكليزية، بعد ازدياد الطلب على المترجمين من قبل مؤسسات ومنظمات مختلفة. وأصبح حلم الحصول على وظيفة أحد دوافع تعلم اللغات، لافتاً إلى أنّ وزارة التعليم العالي والبحث العلمي افتتحت خلال السنوات القليلة الماضية عدداً من كليات اللغات لتلبية أعداد الراغبين في التعلم على المستوى الجامعي، وحاجة البلاد إلى التخصصات. كما عمدت وزارة التربية إلى إعطاء تراخيص لفتح معاهد لتعلم اللغات دعماً للشباب من مختلف المستويات التعليمية.

من جهته، يقول محمد وائل، وهو مدرس في أحد معاهد تعليم اللغة الإنكليزية في منطقة الحارثية بغداد، إنّ معاهد تعليم اللغات وخصوصاً تلك المعروفة منها، شهدت إقبالاً كبيراً من الشباب خلال السنوات الماضية، موضحاً لـ "العربي الجديد" أنّ هناك نوعين من الدورات التعليمية في هذه المعاهد. النوع الأول يشمل دروس تقوية للمناهج الدراسية، وخصوصاً الصفوف السادس الابتدائي (الشهادة الابتدائية) والثالث المتوسط (الشهادة المتوسطة) والسادس الإعدادي (الشهادة الثانوية). وغالباً ما تعطى هذه الدروس خلال فصل الصيف أي قبل الامتحانات النهائية التي تجري في يونيو/ حزيران من كلّ عام، وكذلك قبل امتحانات الدورة الثانية التي تجرى مطلع سبتمبر/ أيلول من كلّ عام. والنوع الثاني يشمل تعلم الإنكليزية وبعض اللغات الأخرى تلبية لرغبات المتقدمين في تطوير مهاراتهم لأسباب عدة تتعلق بزيادة فرص الحصول على وظيفة والهجرة والاندماج في المجتمعات الأخرى. ويلفت وائل إلى أنّه "خلال السنوات الأخيرة، ازدهرت معاهد اللغة الأهلية (الخاصة) في ظلّ غياب البرامج الحكومية، وضعف المناهج التي تعطى للتلاميذ في المدارس" موضحاً أنّ العلاقة بين المعاهد التعليمية ووزارة التربية تقتصر على إعطاء الموافقة والرقابة على العمل، من دون أن تتدخل بشكل مباشر في المضمون، وقد حاولت بعض المعاهد جعله مواكباً للمناهج المعتمدة حول العالم.  

خلال تعلمهم الانكليزية (سيباستيان ميير/ Getty)
خلال تعلمهم الانكليزية (سيباستيان ميير/ Getty)

في هذا السياق، يقول النائب كاظم الشمري، إنّ وزارة التربية فشلت في تعليم اللغة الإنكليزية في المدارس، مؤكداً لـ"العربي الجديد" غياب البرامج الحكومية التي تسهل تعلم اللغات. ويوضح أنّ وزارة التربية مطالبة بفتح معاهد حكومية رسمية، وتشجيع معاهد أخرى خاصة، تتولى مهمة تعليم الشباب اللغة الإنكليزية، مشيراً إلى ضعف واضح في عمل وزارة التربية، وهو ما يظهر من خلال خريجي المدارس. كذلك، يلفت إلى غياب الاهتمام بتدريس اللغة الإنكليزية في المدارس العراقية بخلاف دول الجوار، مضيفاً: "في الأردن مثلاً، ينهي التلميذ المرحلة الابتدائية وهو يجيد التحدث باللغة الإنكليزية".

يتابع: "نحن من أكثر الدول فشلاً في تعلم اللغة الإنكليزية، على الرغم من إدراك مدى الحاجة إليها. كما أنّ تعلمها يقوّي من الاطلاع على ثقافات أخرى". ويوضح أنّ تطور الوسائل التكنولوجية كالإنترنت والهواتف المحمولة ووسائل التواصل الاجتماعي وانتشارها شجع المجتمعات على التواصل بعضها مع بعض، وبالتالي دفع الشباب إلى تعلم اللغات. ويؤكد الشمري أنّ بعض الشباب بدأوا يتعلمون لغات الدول التي يسافرون إليها، مشيراً إلى أنّ الرغبة بالهجرة إلى دول أجنبية من أبرز أسباب الإقبال على تعلم اللغة الانكليزية. يتابع: "كلّما امتلك الشباب القدرة على التحدث بلغات أخرى غير العربية، كلما زادت فرص تواصلهم أو حصولهم على فرص عمل مع المنظمات الدولية والمحلية التي تشترط على المتقدمين للوظائف إجادة اللغة الإنكليزية نطقاً وكتابة".

المساهمون