استمع إلى الملخص
- تم تأجيل عرض القانون عدة مرات بسبب اعتراضات من كتل برلمانية ضمن الإطار التنسيقي، رغم التوصل إلى اتفاق سياسي لتقديمه للقراءة الأولى.
- القانون يتضمن فقرات لتصحيح الأخطاء القضائية ومنح السجناء حق التظلم، مع مخاوف من استغلال ثغراته لإطلاق سراح إرهابيين أو فاسدين.
أنهى البرلمان العراقي، أمس الأحد، القراءة الأولى لمشروع قانون العفو العام الذي ينتظره عشرات آلاف العراقيين من ذوي السجناء، الذين تكتظ بهم سجون ومراكز التوقيف في البلاد منذ سنوات. والخطوة التي اعتبرت دخول القانون بالإجراءات التنظيمية للبرلمان (ينص على قراءتين أولى وثانية قبل التصويت عليه)، حظيت بترحيب شعبي وسياسي واسع، وسط مطالبة بالإسراع بالقراءة الثانية والتوجه نحو التصويت عليه، مع مخاوف من عرقلته من قبل أحزاب سياسية شيعية تتحفظ على بعض بنوده.
وأمس الأحد، دخل قانون العفو العام جدول أعمال البرلمان العراقي، وخضع للقراءة الأولى بعد تأجيل عرضه لأكثر من مرة بسبب وجود اعتراضات عليه من قبل كتل برلمانية ضمن الإطار التنسيقي. وأكدت مصادر برلمانية لـ "العربي الجديد" أن القانون قُرئ قراءة أولى بعد اتفاق بين الإطار التنسيقي والقوى السياسية السنية على تقديمه للقراءة في مقابل عرض تعديل قانون الأحوال الشخصية للقراءة، لوجود اعتراضات برلمانية للقوى السنية على هذا التعديل.
ومنذ تشكيل حكومة محمد شياع السوداني، يواجه قانون العفو العام مصيراً غامضاً على الرغم من وجود اتفاق سياسي على تشريعه، إلا أن مراقبين أشاروا إلى وجود إرادة سياسية خاصة من قبل الإطار التنسيقي لتعطيل القانون وعدم الالتزام بالوعود التي مُنحت سابقاً للجهات الأخرى (السنة) لضمان مشاركتهم في الحكومة الجديدة.
وخلال السنوات الخمس عشرة الماضية، تمت محاكمة عشرات آلاف العراقيين وفقاً لنظام "المخبر السري"، أو من خلال اعترافات تم الادلاء بها تحت التعذيب. ويتضمن القانون فقرات تمنح السجناء حق التظلم وتقديم أدلة تثبت براءتهم، وطلب إعادة محاكمتهم من جديد، إلى جانب التحقيق في شكاوى التعذيب التي تعرض لها السجناء.
ويقول عضو اللجنة القانونية في البرلمان العراقي محمد الخفاجي، لـ "العربي الجديد"، إن "القانون لا يمكن تمريره من دون اتفاق سياسي مسبق. وحتى الآن، لا يوجد اتفاق كهذا رغم القراءة الأولى لقانون العفو العام". يضيف أن "هناك من يسعى إلى تمرير قانون العفو العام بسلة واحدة مع تعديل قانون الأحوال الشخصية، لضمان تمرير القانونين وفق اتفاق سياسي وضمان عدم كسر نصاب جلسة تمرير القانونين خلال المرحلة المقبلة". ويتحدث عن حاجة اللجنة القانونية في البرلمان إلى "مشاورات حول القانون للوصول إلى صيغة مقنعة قانونياً لمنع استغلال أي ثغرة في القانون".
إلى ذلك، يقول الناشط الحقوقي العراقي، أحمد الطائي، لـ "العربي الجديد"، إن القانون سيمنح الحكومة والقضاء فرصة لتصحيح أخطاء ورفع ظلم تسببوا به لآلاف المعتقلين الأبرياء، مضيفاً أن "القانون لا يتضمن إطلاق سراح السجناء، إنما إعادة النظر بالمحاكمات التي تأسست على اعترافات تحت التعذيب أو بالمخبر السري، أو بظروف طائفية خلال حكومة نوري المالكي".
ويرى أن المضيّ به سيكون "نقطة ناصعة في حكومة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، وسيذكره الناس كشخصية وطنية وليس طائفية أو حزبية".
من جهته، يقول النائب عن تحالف "الإطار التنسيقي"، مختار الموسوي، لـ "العربي الجديد"، إن "القراءة الأولى لقانون العفو العام من قبل مجلس النواب لا تعني تمريره، ولا تعني أنه سيمرر وفقاً لصيغة القانون المرسلة من الحكومة. هناك غموض في تفسيرات القانون وخصوصاً المتعلقة بتفسير معنى الانتماء أو دعم الإرهاب وتعريف هذا الانتماء. هناك خشية من وجود ثغرات قد تسمح بإطلاق سراح بعض الإرهابيين أو استغلاله حتى من قبل الفاسدين".
وخلال السنوات الماضية، تم الزج بآلاف العراقيين في السجون بناء على وشايات "المخبر السري"، وهو النظام الأمني المعمول به في العراق، وكذلك انتزاع الاعترافات تحت التعذيب، فيما تطالب القوى السياسية العربية السنية بتوفير محاكمات عادلة للمعتقلين وإعادة النظر بالأحكام التي صدرت بحقهم، وهذا ما تعارضه قوى وأحزاب تنضوي غالبيتها اليوم في الإطار التنسيقي، وهو التحالف الحاكم في العراق.
ويُعد قانون العفو العام أحد أبرز مطالب الكتل السنية التي اشترطت إقراره أثناء مفاوضات تشكيل إدارة الدولة الذي ضم الإطار التنسيقي الشيعي والكتل الكردية والسنية والذي تمخض عن تشكيل الحكومة الجديدة برئاسة محمد شياع السوداني. ويتضمن البرنامج الحكومي، وفق نواب من المكون السني، إصدار قانون العفو العام والتدقيق الأمني في محافظاتهم وإلغاء هيئات أو إيقاف العمل بها كانت تشكل مصدر قلق وأزمة لديهم.