العاهل المغربي يطلب فتوى من المجلس العلمي الأعلى في مدونة الأسرة

28 يونيو 2024
بنود مدونة الأسرة في مرحلة الحسم بالمغرب (آرثور فيداك/ Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- دخلت مراجعة مدونة الأسرة في المغرب مرحلة حاسمة بتوجيه من الملك محمد السادس للمجلس العلمي الأعلى لدراسة مقترحات تعديلها وفقًا للإسلام.
- تأتي هذه الخطوة بعد تسليم الهيئة المكلفة بالمراجعة مقترحاتها، وسط انقسامات بين الإسلاميين والعلمانيين حول قضايا مثل الإرث وزواج القاصرات.
- يؤكد الملك على ضرورة الاجتهاد البنّاء لتحقيق التوازن بين المرجعية الإسلامية والمستجدات الحقوقية، في ظل مطالبات بتغيير شامل للمدونة لتواكب تطورات المجتمع.

دخلت ورش مراجعة مدونة الأسرة (الأحوال الشخصية) في المغرب مرحلة حاسمة بعدما وجّه العاهل المغربي الملك محمد السادس، اليوم الجمعة، المجلس العلمي الأعلى (مؤسسة دينية حكومية تعني بالإفتاء) بـ "دراسة بعض مقترحات الهيئة المكلفة بمراجعة مدونة الأسرة، استناداً إلى مبادئ وأحكام الدين الإسلامي الحنيف، ومقاصده السمحة، تمهيداً لرفع فتوى في شأنها".

وأعلن الديوان الملكي، في بيان، أن "الإحالة إلى المجلس العلمي الأعلى تأتي بعد انتهاء الهيئة المكلفة بمراجعة المدونة من مهماتها ضمن المهلة المحددة، ورفعها مقترحات إلى العاهل المغربي بشأن تعلّق بعض البنود بنصوص دينية"، علماً أن المادة 41 من الدستور جعل المجلس العلمي الأعلى الجهة الوحيدة المؤهلة إلى إصدار فتاوى تُعتمد رسمياً.

وقال الديوان الملكي: "دعا العاهل المغربي المجلس العلمي الأعلى، إلى استحضار مضامين الرسالة الملكية الموجهة إلى رئيس الحكومة، والتي تدعو إلى اعتماد فضائل الاعتدال والاجتهاد المنفتح والبنّاء، وتطبيق معيار جلالته الخاص بعدم السماح بتحليل حرام، ولا بتحريم حلال".

جاء ذلك بعد نحو 3 أشهر من تسليم الهيئة المكلفة بمراجعة مدونة الأسرة التي تضم ممثلين لوزارة العدل والمجلس الأعلى للسلطة القضائية ورئاسة النيابة العامة، مقترحاتها إلى رئيس الحكومة عزيز أخنوش الذي رفعها بدوره إلى العاهل المغربي.

وخلال الأشهر الماضية، تصاعد الانقسام بين الإسلاميين والعلمانيين (الحداثيين) بسبب خلافات حول قضايا عدة موضع جدل، مثل الإرث وزواج القاصرات وتعدد الزوجات والحضانة والإجهاض.

وكان لافتاً تحديد العاهل المغربي، في رسالة وجهها إلى رئيس الحكومة، في 26 سبتمبر/ أيلول 2023، حدود مراجعة مدونة الأسرة التي أكد أنها "يجب أن تقتصر على إصلاح الاختلالات التي أظهرها تطبيقها القضائي على مدى عشرين سنة، وتعديل مواد لا تواكب تطور المجتمع المغربي والقوانين الوطنية".

وشدد العاهل المغربي على أن "الاجتهاد البنّاء هو سبيل تحقيق الملاءمة بين المرجعية الإسلامية والمستجدات الحقوقية العالمية، وأن المرجعيات والمرتكزات تظل من دون تغيير، وتتعلق بمبادئ العدل والمساواة والتضامن والانسجام النابعة من ديننا الإسلامي الحنيف، والقيم الكونية المنبثقة من الاتفاقات الدولية التي صادق عليها المغرب".

وعام 2004، شكل وضع مدونة الأسرة حدثاً بارزاً باعتباره تعبيراً قوياً عن الاستجابة للرغبة في تحديث المجتمع والنهوض بأوضاع الأسرة وتحقيق توازنها، وحماية حقوق المرأة والطفل وتحقيق المساواة بين المرأة والرجل، وإعادة الاعتبار لمؤسسة الزواج ومسؤولية الطرفين فيها، لكن مراجعتها أصبحت ضرورة حتمية اليوم بحسب الحركة النسائية والحقوقية في المغرب.

ومنذ سنوات، تطالب العديد من الجمعيات النسائية والحقوقية في المغرب بإجراء تغيير شامل لمدونة الأسرة على خلفية ثغرات في مقتضياتها. وكان لافتاً بعد الخطاب الملكي انخراط كثير من الجمعيات في نقاشات تغيير المدونة جذرياً وفق تصوّر جماعي، وتقديم مقترحات تستجيب للواقع والتطورات التي عرفها المغرب على المستويات التشريعية والاقتصادية والثقافية والتحوّلات الاجتماعية خلال عقدين من تطبيق المدونة.

وفي خضم النقاشات حددت الجمعيات النسائية والحقوقية تعديلات في مواضيع عدة، من بينها الميراث والوصية، والكد والسعاية وميراث الأجانب، وزواج القاصرات والمغربيات المسلمات بغير المسلمين، وحضانة الأطفال بعد الطلاق، وحق الزيارة، والتعويض عن المسكن، والنيابة الشرعية، والطلاق للضرر، وفترة ما قبل الطلاق، والنسب، والنفقة، والمتعة.

المساهمون