الطبيب المغربي زهير لهنا يروي تفاصيل من جحيم شمال غزة: كأنّه يوم القيامة

20 ابريل 2024
الطبيب زهير لهنا بعد وصوله إلى شمال غزة ضمن وفد طبي، إبريل 2024 (العربي الجديد)
+ الخط -
اظهر الملخص
- زهير لهنا، الطبيب المغربي الملقب بـ"طبيب الفقراء"، يشارك تجربته المؤثرة في شمال قطاع غزة، واصفًا الدمار الذي شهده بأنه يشبه "يوم القيامة"، وذلك بعد وصوله مع وفد طبي في رحلة محفوفة بالمخاطر.
- لهنا لديه تاريخ طويل في تقديم المساعدات الطبية في مناطق النزاع، حيث قضى نحو شهر في غزة قبل هذه الرحلة، مشاركًا في العمل التطوعي ومساعدة الضحايا، معكسًا التزامه العميق بنقل معاناتهم إلى العالم.
- الوفد الطبي بقيادة لهنا يواجه نقصًا حادًا في الموارد وظروفًا إنسانية صعبة في مستشفى كمال عدوان، مستمرين في إجراء تدخلات جراحية وعلاجية رغم الإصابات الخطيرة ونقص الإمدادات الطبية، متحدين الدمار والتحديات لتقديم الرعاية اللازمة.

كشف الطبيب المغربي زهير لهنا (58 عاما) عن حجم الصدمة من الدمار الذي عاينه في شمال قطاع غزة، مُشبّهاً ما رآه بـ "يوم القيامة"، بعد تمكّنه رفقة وفد طبي يقوده من الوصول، أول من أمس الخميس، إلى مستشفى كمال عدوان، حيث كابوس المعاناة الذي لا ينتهي والأوضاع الأكثر إيلاماً في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

الوصول إلى شمال غزة 

وقال لهنا لـ"العربي الجديد": "صدمتنا كانت كبيرة من هول المشاهد وكأنّه يوم القيامة، كل المنازل مُدمّرة بشكل كلي أو جزئي، سيارات وشاحنات وشوارع مدّمرة. الحجر والشجر يحكيان ما وقع للناس هناك". ويتابع الطبيب المغربي الذي يقود أول فريق طبي يصل إلى شمال غزة منذ عزل المنطقة عن بقية القطاع: "الرحلة إلى الشمال صعبة وخطيرة جدا لأنك تمر في أماكن أصبحت خالية من السكان وكلها مدمرة. فضلا عن خطورة الوضع الأمني لاسيما بعد استهداف جيش الاحتلال نشطاء أجانب يعملون في منظمة "المطبخ المركزي العالمي". كانت لحظات صعبة عشناها عند الحاجز الذي أقامه الجيش الإسرائيلي، حيث كان جنديان يوجهان بندقيتهما من طراز M16 نحونا، ما أدخل الخوف إلى قلوبنا لأنه يمكن لأي جندي إسرائيلي إطلاق النار ببساطة دون أن يحاسب".

ويضيف: "يدرك كل من يدخل إلى غزة أنه يخاطر بحياته، لكننا نؤمن بالقضاء والقدر، وأن الشهادة هي شرف لنا. أتينا إلى مستشفى كمال عدوان للتخفيف عن أهالي قطاع غزة ومد يد العون إليهم، وهذا أقل واجب تجاه الشعب المضطهد والمظلوم".

"طبيب الفقراء"

وكان الطبيب المغربي الذي اختار منذ 25 عاما أن يضع خبرته الطبية في خدمة ضحايا الحروب في العالم من الكونغو مرورا بأفغانستان وسورية ووصولا إلى فلسطين (4 مرات إلى الضفة الغربية ومثلها إلى قطاع غزة) قد تمكن، في 20 يناير / كانون الثاني الماضي، من الولوج إلى القطاع لتقديم يد العون إلى شعب أعزل يواجه آلة القتل والتهجير والتجويع.

ولما يقارب الشهر كان لهنا الملقب بـ"طبيب الفقراء" شاهداً من خلال عمله التطوعي بالمستشفى الأوروبي بخانيونس وبمستشفى الأم والطفل برفح، على جزء مما يعيشه الشعب الفلسطيني من جحيم ومعاناة حرص أشد الحرص على نقلها إلى العالم. وبينما كانت تجربته في جنوب غزة هي الأصعب التي عاشها خلال رحلاته الطبية في مناطق النزاع على مدى ربع قرن، حمل الطبيب المغربي روحه وقاده ضميره الإنساني هذه المرة إلى مستشفى كمال عدوان الواقع بين منطقتي بيت لاهيا وجباليا، لعله يُرمّم بعضا من جراح أهل شمال القطاع، بعدما تمكنت منظمة "رحمة" العالمية من الحصول على ترخيص لمدة أسبوع واحد للعمل هناك.

يقول: "لم يكن السفر إلى قطاع غزة سهلا، لكن رغبة قوية في العودة كانت تتملكني منذ نهاية رحلتي الأولى في يناير الماضي. سعيت جاهدا لتحقيق تلك الرغبة، وقد يسر الله الأمر بالانضمام إلى وفد طبي يتكون من عشرة أطباء (ضمنهم مغربيان اثنان إلى جانب أطباء من الأردن ومصر والولايات المتحدة الأميركية وفرنسا). عدت إلى القطاع تحقيقاً لوعد قطعته للناس في غزة ولإيماني أنه من الإجحاف ألا نمد يد العون لأهالي القطاع والتخفيف عنهم ولو بالقليل في ظل حجم  المأساة التي يعيشونها. لذا كان قراري هو تسخير تجربتي في العمل الإغاثي لمواجهة الحدث الجلل الذي يقع على أشقائنا".

ومنذ أمس الجمعة، شرع الوفد الطبي الذي يتكون من أطباء في الجراحة العامة وجراحة العظام والعناية المركزة والتخدير والمستعجلات والجراحة النسائية والرعاية المركزة للخدج وحديثي الولادة، في إجراء تدخلات جراحية وعلاجية داخل مستشفى كمال عدوان.

بألم واضح يتحدث الطبيب لهنا عن الأوضاع الإنسانية في شمال قطاع غزة، واصفاً إياها بالصعبة جداً، ولافتاً إلى أن مستشفى كمال عدوان مملوء عن آخره مقارنة بمستشفيات الجنوب، ويضم إصابات خطيرة جداً. يقول: "وجدنا نقصاً كبيراً في كل شيء، خاصة في المستعجلات والطوارئ في المستشفى الذي كان قد خرج عن الخدمة لمدة وكان محاصراً منذ أربعة أيام. آثار القذائف والقصف العنيف ما زالت شاهدة على ما جرى هناك مع وجود مقبرة جماعية في ساحته. منذ وصولنا نسمع دوي القصف غير بعيد عنا مع وصول الجرحى والمصابين بعدد كبير إلى المستشفى الوحيد الذي يعمل في شمال القطاع".

ويضيف: "ما زالت القذائف بالمستشفى ومدمر بعض الشيء. بعد خروج الجنود والآليات الحربية، استخرج العاملون في المستشفى جثامين القتلى ودفنوهم في مكان آخر ثم رمموا ما يمكن ترميمه ليستمر العمل رغم الجراح. الأطباء والممرضون يصرون على العمل بأقل الإمكانات، لا استسلام ولا خنوع، هذا ما نراه في وجوه هذا الشعب ونستشفه من ملامحهم".

المساهمون