السلطة الفلسطينية مطالَبة بالتدخل لإنهاء الأزمة النقابية مع "أونروا"

رام الله

سامر خويرة

سامر خويرة
22 مايو 2023
تظاهرة للمطالبة بإنهاء الأزمة النقابية مع “الأونروا”
+ الخط -

 

للمرّة الأولى منذ أشهر، طالب ممثلو اللاجئين الفلسطينيين في مخيمات الضفة الغربية السلطة الفلسطينية بالتحرّك والتدخّل الجادَين والفعليَّين لإنهاء الأزمة النقابية المتفاقمة ما بين وكالة إغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) واتحاد العاملين فيها الذي يخوض إضراباً نقابياً عن العمل منذ أكثر من تسعين يوماً.

وكانت المؤسسات التي تمثل اللاجئين الفلسطينيين طيلة الفترة الماضية وفي خلال الأزمات السابقة قد تحاشت ذكر السلطة الفلسطينية والضغط عليها للوقوف إلى جانبهم في وجه ما وصفوه بتعنّت إدارة وكالة أونروا، لكنّ الصوت رُفع اليوم وطُلب من السلطة بصفتها "الدولة المستضيفة" بأن تتّخذ موقفاً لمصلحة اللاجئين والابتعاد عن موقف الحياد الذي لطالما اتّخذته.

في هذا الإطار، قال منسق لجنة "سنعود" في محافظة نابلس عماد اشتيوي لـ"العربي الجديد" إنّه "يتوجّب على الدولة المستضيفة والقيادة الفلسطينية أن تترك موقف الحياد. فالذين يتعرّضون للظلم هم أبناء شعبها، بالتالي فإنّ المطلوب اليوم من السلطة الفلسطينية أن تنتصر للمظلومين وتضغط على وكالة أونروا للجلوس إلى طاولة الحوار، وهذا أقلّ ما يمكنها فعله".

أضاف اشتيوي أنّ "السلطة الفلسطينية ترى الحال التي وصلت إليها المخيمات بعد نحو ثلاثة أشهر على إضراب العاملين في الوكالة"، شارحاً أنّ "هذه التجمعات السكنية تعاني من حال مزرية غير مسبوقة... فالتلاميذ في الشوارع، وعيادات أونروا أغلقت أبوابها في وجه المرضى، والنفايات متراكمة، ونسب الفقر تزداد".

وشدّد اشتيوي على أنّ "المطلوب من السلطة وقيادتها أن يسمعا صوتهما للإدارة الأميركية وكلّ المؤسسات المشرفة على عمل الوكالة، وأن تجتمعا مع لجان المخيمات وتستمعا إلى أهلها للخروج بموقف وخطاب موحّدَين".

من جهته، أفاد القيادي في حركة فتح تيسير نصر الله الذي يعيش في مخيم بلاطة للاجئين الفلسطينيين شرقي مدينة نابلس لـ"العربي الجديد" إنّ "ثمّة لجنة مؤلفة من اللجنتَين التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية والمركزية لحركة فتح، قطعت شوطاً كبيراً في المفاوضات بين طرفَي الأزمة، لكنّها لم تصل إلى إنهاء الإضراب وإحقاق حقوق العاملين في الوكالة".

وأوضح نصر الله أنّ "اللجنة هي بقيادة عضو اللجنتَين المركزية والتنفيذية الفريق جبريل الرجوب ومعه نائب رئيس الوزراء الفلسطيني زياد أبو عمرو ووزير العمل أحمد مجدلاني وغيرهم". أضاف أنّ "ثمّة وعوداً تُطلَق، لكنّ أونروا تتنصّل دوماً منها، زاعمة أنّها في حاجة إلى مبالغ مالية كبيرة، وأنّ ثمّة ديوناً تراكمت عليها بملايين الدولارات، بالتالي فإنّها في حال أقرّت بحقوق العاملين سوف تتضاعف الديون".

وشدّد نصر الله على "عدم وجوب أن يتحمّل اللاجئ تبعات أيّ خلاف، ويكفيه ما هو فيه من ظروف معيشية صعبة. والمسؤولية الأولى والأخيرة تقع على كاهل إدارة أونروا والدول المانحة".

الصورة
تحرك في الضفة الغربية من أجل حل أزمة العاملين في أونروا (العربي الجديد)
لاجئون فلسطينيون يطالبون بحقوقهم المكفولة (العربي الجديد)

"مؤامرة"

وفي السياق نفسه، رأى رئيس لجنة الخدمات في مخيم بلاطة عماد زكي أنّ "الأمر أكبر من مجرد أزمة مالية"، مشيراً لـ"العربي الجديد" إلى "محاولات حثيثة لإنهاء عمل أونروا التي تُعَدّ الشاهد الدولي على نكبة الشعب الفلسطيني. وثمّة مخطط متّفَق عليه لإنهاء وجود المخيمات كمحطات للعودة وإجبار اللاجئين على تركها في ظلّ انعدام الخدمات".

أضاف زكي متسائلاً "وإلا فما هو التفسير المنطقي لحالة الصمت، بل والإهمال الدولي والعربي والإقليمي، إزاء الإضراب المستمرّ منذ أكثر من 90 يوماً؟". وشدّد على أنّ هذا "يؤكد أنّ هذه مؤامرة".

أمّا حسن كعبي وهو عضو في اتحاد العاملين في وكالة أونروا، فقال لـ"العربي الجديد" إنّه "أمام تعنّت المفوض العام للوكالة فيليب لازاريني، لجأنا إلى أهلنا في المخيمات لحمايتنا وتشكيل حاضنة شعبية لنا في معركتنا لتحقيق مطالبنا العادلة". أضاف كعبي: "هم يمنعوننا من أيّ موقف وطني، ويُفصَل بعض منّا ويجمّد وضع بعض آخر. لكنّنا نحن فلسطينيون ولن ننفصل عن واقعنا".

وحمّل كعبي لازاريني "المسؤولية الكاملة عمّا آلت إليه الأمور وعمّا قد يحصل للمضربين عن الطعام في الكلية الجامعية للعلوم التربوية في مدينة رام الله، علماً أنّها تابعة لوكالة أونروا".

إضراب مستمر

وكان العضوان في اتحاد العاملين العرب في وكالة أونروا بالضفة الغربية، صلاح رشيد وإبراهيم زواهرة، قد أعلنا في 26 إبريل/ نيسان الماضي الإضراب عن الطعام، احتجاجاً على سياسة الوكالة تجاه قضايا اللاجئين.

وقد أفاد رشيد "العربي الجديد" بأنّه يعمل في وكالة أونروا منذ 27 عاماً، و"ما دفعني إلى خطوة الإضراب هو شعوري بالخطر الداهم من سياسات الوكالة الجديدة على جموع اللاجئين؛ فثمّة تراجع واضح في مجمل الخدمات، خصوصاً في قطاعَي الصحة والتعليم. يُضاف إلى ذلك عدم توظيف أيّ موظف جديد وتثبيته، والاعتماد فقط على نظام العمل بالمياومة. وبالتالي لا حقوق لهؤلاء، ولا أمان وظيفياً لهم ولعائلاتهم".

وإذ قدّر رشيد أنّ "أونروا تتّجه إلى التخلي عن مسؤولياتها نحو اللاجئين"، قال: "نحن نخشى من أن يكون ذلك من ضمن مخططٍ لتصفية قضية اللجوء برمّتها. ويُضاف هذا إلى هضم حقوق العاملين لجهة عدم الالتفات إلى غلاء الأسعار الفاحش، في وقت ينال فيه كبار الموظفين الأجانب رواتب خيالية ومكافآت، أمّا الموظف الفلسطيني فيعيش كفاف يومه ولا يستطيع إرسال أبنائه ليتابعوا دراساتهم الجامعية".

ولفت رشيد إلى أنّه، بمبادرة شخصية منه، أضرب عن الطعام في المقرّ الرئيسي لوكالة أونروا في حيّ الشيخ جرّاح في مدينة القدس. وأقرّ: "تعمّدت الذهاب إلى هناك لأُضرَب تحت كاميراتهم حتى لا يتمّ الهمز واللمز بجدية خطوتي. حينها أبدوا استعداداً للحديث معي، إنّما بشرط خروجي من مقرّ أونروا العام. وبالفعل، بضمانة من السلطة الفلسطينية أتيت إلى هنا، إلى رام الله، لكنّهم نكثوا بوعدهم وبقوا على موقفهم المتعنّت".

زواهرة هو المضرب الثاني وهو يعاني من هزال عام وهبوط في ضغط الدم وكذلك في سكر الدم، ونُقل مرّات عدّة إلى المستشفى. وقد أكّد لـ"العربي الجديد": "أنا ماضٍ في خطوتي، لأنّ إدارة وكالة أونروا تضرب بعرض الحائط كلّ الوساطات، وهي فقدت كلّ معاني الإنسانية وتخالف أبسط مبادئها... احترام حقوق الإنسان".

وأكد زواهرة أنّ "لا أحد يتحرّك. ثمّة نحو 950 ألف لاجئ محرومين من الخدمات، من بينهم 45 ألف طالب في الشوارع، و70 ألف مصاب بأمراض مزمنة ينتظرون الدواء"، وقد حمّل زواهرة "إدارة وكالة أونروا كلّ النتائج المترتبة على الإضراب"، معبّراً عن استغرابه من "ضعف الحراك الشعبي الرافض لاستمرار الأزمة".

وكانت الأزمة قد تفجّرت يوم الجمعة في الثالث من مارس/ آذار الماضي، وأعلن الاتحاد عن استئناف الإضراب الشامل والمفتوح في كلّ القطاعات التابعة لوكالة أونروا، كاشفاً أنّ هذا التصعيد يأتي بعد فشل المفاوضات مع إدارة الوكالة، وبسبب عدم احترام إدارة الوكالة المبادرة التي قدّمتها السلطة الفلسطينيّة ومنظمة التحرير الفلسطينية بكلّ مكوناتها في التاسع من فبراير/ شباط 2023.

ومنذ 22 يناير/ كانون الثاني 2023، شرع موظفو الوكالة في الضفة الغربية في إضراب دعا له "اتحاد العاملين العرب بالوكالة". وعلى الرغم من قبول الاتحاد تعليق الإضراب كاستجابة لوساطات حملت ضمانات بتخلّي "أونروا" عن تعنّتها تجاه مطالبهم، فإنّ الإضراب سرعان ما استُئنف كنتيجة لاستمرار هذا التعنّت.

ذات صلة

الصورة

سياسة

اقتحمت قوات الاحتلال الإسرائيلي، فجر اليوم الاثنين، بلدة عزون شرقي قلقيلية في الضفة الغربية المحتلة، وسط انتشار عسكري كثيف
الصورة
جنود الاحتلال قرب مقر أونروا في غزة بعد إخلائه، 8 فبراير 2024 (فرانس برس)

سياسة

أقر الكنيست الإسرائيلي، مساء اليوم الاثنين، تشريعاً يحظر عمر وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين التابعة للأمم المتحدة (أونروا) داخل الأراضي المحتلة.
الصورة
آلية عسكرية إسرائيلية قرب حدود قطاع غزة، 6 أكتوبر 2024 (ميناحيم كاهانا/فرانس برس)

سياسة

شهر أكتوبر الحالي هو الأصعب على إسرائيل منذ بداية العام 2024، إذ قُتل فيه 64 إسرائيلياً على الأقل، معظمهم جنود، خلال عمليات الاحتلال في غزة ولبنان والضفة.
الصورة
مسيرة وفاء للسنوار في رام الله (العربي الجديد)

سياسة

نظمت حراكات شعبية وقوى فلسطينية وقفة ومسيرة في مدينة رام الله وسط الضفة الغربية المحتلة ظهر اليوم السبت، وفاءً لبطولة وتضحية الشهيد يحيى السنوار.
المساهمون