الزلازل وتغير المناخ

07 أكتوبر 2023
خلّف زلزال المغرب دماراً كبيراً (بولنت كيليتش/ فرانس برس)
+ الخط -

 

قد لا يسبّب تغير المناخ حدوث زلازل مباشرةً، ولكنه يمكن أن يسبّب طقساً أكثر تطرفاً يمكن له أن يسبّب الزلازل. على سبيل المثال، في جبال الهيمالايا، يتأثر تكرار الزلازل بدورة هطول الأمطار السنوية لموسم الرياح الموسمية الصيفية. من المعروف أن الزلازل تحدث بسبب الإطلاق المفاجئ للطاقة في القشرة الأرضية، ما يخلق موجات زلزالية، وتعتمد قوة الزلزال على مقدار الطاقة المنطلقة، وحركة الأرض، وعمق الزلزال. في المقابل، لم يثبت بعد أن الزلازل تتأثر بتغير المناخ مباشرةً، على الرغم من أن تكتونية الصفائح التي تُعَدّ الزلازل أحد مظاهرها، يمكن أن تؤثر في المناخ على مدى فترات طويلة من الزمن الجيولوجي.

وينقسم سطح الأرض إلى حوالى 14 صفيحة رئيسية (والعديد من الصفائح الصغيرة). تتحرك هذه الصفائح دائماً وتحدث معظم الزلازل على طول حوافها في أثناء اصطدامها أو انزلاقها أو انفصال بعضها عن بعض. تُدفَع الصفائح بواسطة تيارات الحمل الحراري (convection) في الوشاح (mantle)، أي بين القشرة الخارجية والنواة، ما يحركها ما بين 2 إلى 20 سم سنوياً (1 ملم سنوياً في جبال الأطلس المغربية). وفي كثير من الأحيان، تنغلق الألواح المنزلقة وتنحني مع تزايد الضغط، وتحدث الزلازل من جراء الإطلاق المفاجئ لهذا الضغط.

كان الزلزال الذي ضرب تركيا وسورية في 6 فبراير/ شباط 2023 زلزالاً سطحياً (17 كيلومتراً تحت السطح) بقوة 7.8 درجات، وكان له آثار كبيرة. فالمنطقة المحيطة بتركيا نشطة جيولوجياً للغاية. وهناك ثلاثة حدود للصفائح في المنطقة؛ العربية والأناضولية (معظم تركيا في هذا المكان) والأفريقية. وتدفع الصفيحة العربية صفيحة الأناضول غرباً، وقد حدث الزلزال بين هاتين الصفيحتين (صدع شرق الأناضول). كان آخر زلزال كبير (بقوة 7.6 درجات في عام 1999) على طول صدع شمال الأناضول، وأدى أيضاً إلى أضرار جسيمة في البنية التحتية، ما أدى إلى مقتل أكثر من 17000 شخص وترك ربع مليون شخص بلا مأوى.

موقف
التحديثات الحية

اليوم، هناك أفكار بأن الزلازل أصبحت أكثر تواتراً وأكثر شدة نتيجة لظاهرة الاحتباس الحراري. وفي حين أن الزلازل تسبب موجات تسونامي، فإن الأبحاث الجديدة تكشف أن العواصف مثل الأعاصير، إلى جانب الأحداث الأخرى الناجمة عن تغير المناخ، يمكن أن تؤدي إلى زيادة في النشاط الزلزالي، وبالتالي تسبب المزيد من الزلازل. ووفقاً للإدارة الوطنية للملاحة الجوية والفضاء (ناسا)، فإنه عندما تحدث تغيرات كبيرة في الضغط الجوي بالتزامن مع الأعاصير، فإن ذلك يسبب إطلاق الطاقة المخزنة في القشرة الأرضية. ويؤدي هذا إلى حدوث زلازل قد لا تكون بالعنف نفسه، ولكنها تستمر لفترة طويلة نسبياً، حتى بعد أن تهدأ مياه العواصف.

واكتشف العلماء أيضاً أن موسم الرياح الموسمية يزيد بالفعل من وزن الماء (خصوصاً في البحيرات) على القشرة الأرضية إلى درجة أدت إلى تغيير النشاط الزلزالي في جبال الهيمالايا. علاوة على ذلك، ومع ذوبان الأنهار الجليدية بسبب ظاهرة الاحتباس الحراري، تتحرك الصهارة magma تحت السطح وتسبب تغيرات في الضغط على قشرة الأرض. والمثير للدهشة أن هذا يمكن أن يؤدي إلى زيادة النشاط البركاني، والذي يرتبط ارتباطاً مباشراً بتطور الزلازل. حتى إن هناك مصطلحاً لها: الزلازل الجليدية.

وعادة ما تبلغ ذروتها في أشهر الصيف في أماكن مثل غرينلاند، ولكن مع ارتفاع درجات الحرارة العالمية وتراجع الأنهار الجليدية، تتزايد قوة الزلازل الجليدية وتواترها. والطريقة الأكثر أهمية التي يبدو أن تغير المناخ يتسبب بها في زيادة الزلازل هي من خلال الجفاف. تظهر الدراسات التي أُجريت في عام 2017 أن أحمال الضغط المتزايدة والمنخفضة في المناطق على طول خطوط الصدع وحدود الصفائح المرتبطة بالجفاف أدت إلى حركة سلاسل جبلية بأكملها. وقد يكون هذا هو ما حصل جنوب مراكش في المغرب حيث وقع الزلزال الكارثي شمال جبال الأطلس الغربي جنوب مراكش بقوة 6.8 درجات. وبحسب تقديرات المعهد الوطني للجيوفيزياء المغربي وهيئة المسح الجيولوجي الأميركية، فإن الزلزال نتج من ظاهرة جيولوجية تسمى "الصدع العكسي". ويحدث هذا عندما تصطدم الصفائح التكتونية، ما يؤدي إلى زيادة سماكة القشرة الأرضية. يمكن أن يؤدي الضغط على طول خطوط الصدع هذه إلى حدوث زلازل حيث تتحرك الصخور فجأة لتحرر الضغط المتراكم.

(اختصاصي في علم الطيور البريّة)

المساهمون