- المواطنون، خاصة في البصرة، يعبرون عن استيائهم من الأوضاع السيئة للمباني الحكومية ويطالبون بتحسينات، لكن الحكومة لم تستجب بشكل فعال لهذه المطالب.
- الحكومة العراقية تواجه تحديات مالية وتخطط لتحسين البنية التحتية في مراكز رئيسية فقط، مما يؤدي إلى استمرار استخدام المباني القديمة والمستأجرة برغم المخاطر على السلامة وكفاءة الخدمات.
شكا مواطنون في العراق من استمرار اعتماد الحكومة مباني وبيوتاً قديمة دوائر رسمية في محافظات عدة، "لأنها لا تقدم الخدمات المطلوبة، فهي غير مؤهلة لأن تكون دوائر رسمية تتسع للموظفين والمراجعين، لذا من الأفضل تشييد مبانٍ حديثة لتكون دوائر رسمية".
وطبقت الحكومات العراقية بعد عام 2003 إجراءات لاستئجار منازل يملكها مواطنون أو استخدام أخرى سكنية تابعة للدولة دوائر رسمية. وزعمت أن الإجراءات ترتبط بالحاجة إلى استحداث دوائر جديدة تستوعب متطلبات المواطنين، منها كتاب العدل والمجالس المحلية في دوائر المحافظة، وتلك للنفوس في وزارة الداخلية، ودوائر المرور التابعة للداخلية أيضاً، ودوائر البطاقة التموينية التابعة لوزارة التجارة وغيرها.
وزعمت الحكومة حينها أن تدابيرها "مؤقتة"، لكنها استمرت وتوسّعت لأنها أقل كلفة من إنشاء الحكومة مباني جديدة لدوائرها الرسمية.
وتعتبر مرافق هذه الدوائر غير صحيّة وغير مناسبة، وتتسبب في اكتظاظ عدد المراجعين وصولاً إلى حصول اختناقات بينهم بسبب الزحام وعدم القدرة على استيعاب عدد كبير من المواطنين.
والأسبوع الماضي، أبدى مواطنون في محافظة البصرة انزعاجهم من دائرة كاتب العدل في المحافظة، بسبب سوء مبنى الدائرة الحكومية (وهو منزل صغير ومتهالك)، وقدموا شكاوى إلى وزارة العدل مطالبين بتغيير المبنى.
وناشد مواطنون عبر إذاعات محلية وعلى صفحات التواصل الاجتماعي إنهاء العمل الرسمي في المنزل القديم والصغير واستحداث مبنى جديد يستوعب عدد المراجعين، "إذ لا يمكن أن يستمر العمل في هذا المنزل".
ولم يصدر أي رد رسمي من قبل وزارة العدل والجهات المسؤولة عن متابعة شكاوى المواطنين، علماً أن السلطات تلتزم الصمت المطبق في شأن الملف المتفاقم منذ سنوات، والذي لم يجد أي حلول.
ولا يختلف الحال في المحافظات الجنوبية والوسطى والشمالية عنها في العاصمة بغداد. وأوضح إبراهيم الزيدي، العضو في المجلس المحلي لمحافظة بغداد، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أنّ "الفكرة الأساس من إنشاء دوائر رسمية في منازل سكنية هي خدمة المواطنين، وأن تكون الدوائر قرب مناطق سكنهم"، وهذه فكرة جيدة لكنها يجب أن تكون مؤقتة وغير دائمة، فالدوائر ذات تصاميم خاصة، ولا يمكن في أي حال تحويل تصميم بيت إلى تصميم دائرة".
تابع: "قدمت فكرة استخدام البيوت القديمة كدوائر لخدمات المواطنين على مدى سنوات طويلة، وحالياً يجب أن تنتهي في أقرب وقت. يعاني الموظفون أيضاً من هذه الدوائر، إذ يصعب العمل فيها، وهي لا تستوعبهم مع المراجعين. ويعيش موظفو هذه الدوائر في حالة فوضى وعدم تنظيم أثناء الدوام الرسمي، ما يجبرهم على ترك العمل لساعات من أجل تنظيم طوابير المراجعين. ويتطلب ذلك إيجاد حلول وتطبيق خطط حكومية للتخلص من هذه الدوائر".
لكن الحكومة لم تخطط حتى اليوم لاستحداث مبانٍ جديدة بدلاً من الدوائر المتهالكة. ويقول المسؤول في وزارة التخطيط محمد الهاشمي لـ"العربي الجديد: "تتمثل المشكلة في التراكمات التي تسلمتها الحكومة الحالية من الحكومات السابقة. تحتاج كل البنى التحتية للمؤسسات الحكومية إلى توسيع، والمخصصات المالية لا تكفي لفعل ذلك".
تابع: "تعمل الحكومة الحالية لتوفير الخدمات وتطوير العمل المؤسساتي، لكنها لا تستطيع أن تنجز كل المطلوب، فالموضوع يتعلق بالمخصصات المالية، وهو أمر صعب للغاية ويتطلب وقتاً وأيضاً أموالاً كثيرة لمعالجة التراكمات التي استمرت سنوات طويلة".
وأوضح أن "الحكومة لا تملك حالياً خططاً للمدى القريب تحديداً من أجل استبدال هذه الدوائر بمبان جديدة، وهي لا تستطيع بناء مبنى جديد وفقاً للمتطلبات الحديثة بدلاً من كل دائرة".
وأشار إلى أن "الحكومة تخطط حالياً لإنجاز مبانٍ مهمة فقط، واستحداث دوائر في مراكز رئيسية، وهي تحتاج إلى وقت للتخلي عن استخدام الدوائر الفرعية التي تنتشر داخل المناطق السكنية لخدمة المواطنين".
وأكد أن "الحكومة تهدف إلى تقديم خدمات، وتعتبر توجهاتها وخططها جيدة لإحداث تغيير في مستوى الخدمات، لكنها تحتاج إلى وقت لتنفيذها".
واعتمدت الحكومات على تقطيع المنازل القديمة بقواطع ألواح لتناسب استيعاب المراجعين، لكنها مصدر خطر لأنها سريعة الاشتعال.
يشار إلى أن الحكومات العراقية السابقة لم تستحدث مباني جديدة للدوائر الرسمية، واستأجرت منازل أو مباني مستحدثة من ألواح "بنل"، ما تسبب في تراكمات كبيرة، ونقص في عدد المباني الحكومية.