- الحصار المفروض على غزة منذ 17 عاماً يمنع إدخال معدات الإنقاذ، ما زاد من صعوبة مواجهة الكوارث خلال الحرب الأخيرة.
- تهالك معدات الدفاع المدني برفح يعيق جهود الإنقاذ، مع دعوات للمجتمع الدولي للتدخل والضغط لإدخال المعدات اللازمة.
لم تستطع طواقم الدفاع المدني الفلسطيني انتشال نحو 30 شهيداً من تحت أنقاض منزل عائلة أبو شريعة جنوبي قطاع غزة، بعدما قصفته الطائرات الحربية الإسرائيلية. ونتج ذلك من وجود عجز كبير في معدات الحفر والإنقاذ تسبب في فُقدان أكثر من 10 آلاف فلسطيني تحت الركام، واستشهاد نحو 35 ألفاً، من بينهم 68 شهيداً من طواقم الدفاع المدني نفسه التي استهدفت مباشرة بهدف إعاقة عمليات الإنقاذ.
تعود فصول معاناة جهاز الدفاع المدني في غزة إلى ما قبل الحرب الإسرائيلية في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، إذ يخضع القطاع لحصار مُشدد منذ 17 عاماً، بمنع إدخال المعدات الثقيلة وسيارات الإسعاف والشاحنات المخصصة للحفر وإزالة الركام وتنفيذ مهمات الإنقاذ وإخماد الحرائق. وزاد الاستهداف الإسرائيلي لمنازل المواطنين والبنى التحتية خلال الحرب الحالية حجم المأساة.
وحالياً تتضاعف التحديات التي يواجهها جهاز الدفاع المدني في مدينة رفح جنوبي قطاع غزة التي تتعرض لعملية عسكرية. ويفتقر جهاز الدفاع المدني في المدينة إلى وسائل تسمح بتنفيذه عمليات الإنقاذ والتعامل مع الأزمات بتأثير تهالك المعدات جراء طول مدة الحصار، والتداعيات الخطيرة للعدوان المتواصل منذ 7 أكتوبر الماضي، وعدم السماح بدخول معدات جديدة للتعامل مع الأحداث المتسارعة.
يقول عمار عبد الرزاق الذي فقد شقيقين مع أبنائهما تحت أنقاض مبنى جرى تدميره، لـ "العربي الجديد": "لم نستطع إلقاء نظرة الوداع الأخيرة على المتوفين، بسبب عدم قدرة طواقم الدفاع المدني على انتشال جثامينهم، واعتبروا جميعهم في عداد الشهداء المفقودين". ويؤكد أن "الأوضاع كارثية في غزة، ولم يستطع كثير من الأهالي دفن أبنائهم بسبب القصف المتواصل وانعدام الإمكانات الخاصة بإزالة الركام، علماً أنه كان يمكن إنقاذ البعض لو امتلك جهاز الدفاع المدني أدوات تدعم مهمات الإنقاذ".
من جهته، يصف المتحدث باسم جهاز الدفاع المدني، الرائد محمود بصل، في حديثه لـ "العربي الجديد"، واقع الجهاز بأنه "صعب جداً في ظل تهالك نحو 80% من قدرة العمل على صعيد المعدات، وتواصل التهديدات الإسرائيلية بشن عملية عسكرية واسعة في رفح ستتسبب في كوارث، في ظل تكُدّس مئات آلاف النازحين فيها. وفي حال حصلت هذه العملية لن يستطيع جهاز الدفاع المدني التحرك لإنقاذ الضحايا أو إجلاء الشهداء".
ويُرجِع بصل صعوبة تحرّك طواقم الدفاع المدني إلى ثلاثة أسباب رئيسية، أولها عدم توفر التصريحات اللازمة لفعل ذلك في المناطق المستهدفة التي يصفها الاحتلال الإسرائيلي بأنها "مناطق قتال مُغلقة وخطيرة يستحيل التحرك فيها، ما يعني أن كل من يُصاب فيها سيفقد حياته بشكل حتمي لأننا لن نستطيع الوصول إليه".
ويوضح أن السبب الثاني يرتبط بصعوبة التحرك وسط كثافة النيران. أما السبب الثالث فيتمثل في الشح الكبير في الإمكانات "فالجهاز غير قادر على انتشال ضحايا من تحت الأنقاض، بسبب عدم توفر الجرافات والحفارات، ما يتسبب في ارتفاع عدد شهداء المجازر الإسرائيلية المتواصلة، وأيضاً في توسيع رقعة المخاطر الصحية الناجمة عن سرعة تحلل الجثامين بتأثير ارتفاع درجات الحرارة".
ويوضح بصل أنه "مع بداية التهديدات الإسرائيلية لرفح، وصلت مناشدات عدة إلى الدفاع المدني الذي لم يستطع التحرك لتلبية طلبات الاستغاثة. وسيتضاعف جحم الأزمة والمأساة إذا جرى توسيع العملية العسكرية إلى كل مناطق مدينة رفح". ولا يستبعد تكرار السيناريو الذي اقترفته قوات الاحتلال الإسرائيلي في المحافظات الشمالية لقطاع غزة، أو في مدينة خانيونس جنوبي القطاع، حيث فقد جهاز الدفاع المدني نسبة 80% من قدراته العملية. ويرجح أن يتفاقم سوء الوضع الإنساني، في ظل عدم القُدرة على الإنقاذ والتعامل مع التهديدات والأزمات الكبيرة.
ويطالب بصل المجتمع الدولي، وفي مقدمته الأمم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية والمنظمة الدولية للحماية المدنية، والجهات ذات العلاقة، بالتدخل فوراً لحماية الشعب الفلسطيني الذي يتعرض للعدوان الإسرائيلي، والضغط للسماح بإدخال المعدات الثقيلة اللازمة لتنفيذ طواقم الدفاع المدني مهمات إنقاذ حياة المصابين وانتشال الشهداء الذين تتحلل جثامينهم تحت الركام الذي خلّفه الاحتلال، والذي يقدّر خبراء بأن كمياته وصلت إلى 37 مليون طن في كلّ محافظات غزة.