مع دخول الحرب التي يشنها جيش الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، شهرها الثالث على التوالي، اضطر الفلسطيني أحمد عزمي للتحول من مدينة خانيونس حيث كان يقيم في المنطقة الشرقية جنوب القطاع إلى مدينة رفح بسبب العملية البرية.
واضطر عزمي ومجموعة كبيرة من عائلته المكونة من نحو 60 فردا للنزوح للمرة الثالثة خلال فترة العدوان الإسرائيلي، حيث كانوا يقيمون في منزل أحد أقاربهم الذي نزحوا إليه بالأساس من حي النصر غرب مدينة غزة.
ولجأ النازح الفلسطيني إلى إحدى المدارس التابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، فيما توجه أفراد آخرون من عائلته نحو بعض المستشفيات أو المراكز التي تستقبل النازحين في ضوء استمرار تدفق الناس من خانيونس نحو رفح.
وشهدت الأيام الأخيرة تكدسًا كبيرًا في أعداد الفلسطينيين المتحولين من خانيونس إلى رفح في ضوء البلاغات العسكرية الإسرائيلية التي ألقتها الطائرات الحربية الداعية لإخلاء المناطق الشرقية من مدينة خانيونس تحت ذريعة العملية البرية التي تقوم بها.
الأمم المتحدة: 80% من سكان غزة، نحو 1.9 مليون شخص، هم نازحون داخليًا
ويتزامن النزوح المتكرر للفلسطينيين مع أوضاع معيشية واجتماعية هي الأقسى يعايشها أهالي القطاع المحاصر إسرائيليًا عند مقارنته مع جولات الحروب والتصعيد التي خاضتها غزة طوال الفترة منذ عام 2006 وحتى المواجهات الأخيرة.
ففي الوقت الذي كانت التقديرات شبه الرسمية للجهات الحكومية في غزة تشير إلى أن قرابة 250 إلى 300 ألف نسمة يعيشون في محافظة رفح فإن أعداد من يتواجدون في المحافظة تقترب من 800 ألف نسمة نتيجة لحالة النزوح التي جرت خلال الأسابيع الماضية.
لا مكان آمنا في قطاع غزة
في الأثناء، يقول عزمي لـ "العربي الجديد" إنه لجأ في نهاية المطاف نحو مدينة رفح وسط خشية من المصير المجهول في ظل اتساع رقعة القصف الإسرائيلي وامتداد العمليات البرية لتشمل المناطق الجنوبية للقطاع بعد أن حددها الاحتلال في البداية كمناطق آمنة.
ويشير إلى أنه لا توجد أي منطقة آمنة في القطاع في ظل تعمد الاحتلال الإسرائيلي استهداف المناطق التي يتواجد فيها المدنيون طوال فترة الحرب الإسرائيلية، وتواصل عمليات النزوح والتهجير من مكان إلى آخر وسط تسريبات تتحدث عن عمليات تهجير أخرى.
ويبدى عزمي خشيته من أن يتم تمرير مخططات النزوح إلى سيناء في ضوء اتساع العملية العسكرية وعدم وجود أية بوادر للوصول إلى اتفاق بوقف إطلاق النار يشمل عودة النازحين إلى بيوتهم ومنازلهم التي خرجوا منها بشكلٍ قسري بسبب الحرب.
ووفقًا لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية فإن "حوالي 80% من سكان غزة، نحو 1.9 مليون شخص، هم نازحون داخليًا، حيث نزح معظمهم إلى جنوب القطاع بعد أن تلقوا أوامر بالإخلاء ومغادرة الشمال، وتم إبلاغهم بأن الجنوب سيكون آمنا".
أما الفلسطينية هبة عبد العال فلم يكن حالها أفضل بكثير من سابقها إذ نزحت هي الأخرى للمرة الرابعة، بعد أن غادرت منزلها رفقة عائلتها المكونة من 10 أفراد من شمالي القطاع نحو مدينة غزة قبل أن تنزح منها إلى خانيونس قبل أن تغادرها مؤخرًا باتجاه رفح.
وتقول عبد العال لـ "العربي الجديد" إن الواقع المعيشي وتكرار النزوح من مكان إلى مكان انعكس بالسلب عليها وعلى عائلتها في ظل افتقار جميع مناطق القطاع للأمان إلى جانب النقص الكبير في السلع الغذائية والطعام، وهو ما ينعكس بالسلب على صغار السن.
وتطالب عبد العال بتدخل دولي عاجل يؤدي إلى عودة الهدوء إلى القطاع، ويسهم في وقف القصف الإسرائيلي ويعيد الفلسطينيين إلى مناطقهم التي خرجوا منها مع إدخال واسع للمساعدات الغذائية والسلع عبر المعابر الحدودية التي تفصل القطاع عن مصر أو الأراضي المحتلة.
بدوره، يقول مدير عام المكتب الإعلامي الحكومي في غزة إسماعيل الثوابتة، إن القطاع أمام كارثة إنسانية حقيقية ومتفاقمة بسبب تدمير جيش الاحتلال لأكثر من 60% من منازل المواطنين ووحداتهم السكنية التي يعيشون فيها، وخاصة في محافظتي غزة وشمال غزة.
ويضيف الثوابتة لـ "العربي الجديد" أن هذه الكارثة بالتزامن مع دخول فصل الشتاء والبرد القارص وهطول الأمطار وصعوبة الحصول على بيوت، إذ إن هناك 50 ألف وحدة سكنية دمرها الاحتلال تدميراً كلياً، و(250,000) وحدة سكنية دمرها الاحتلال تدميراً جزئياً وبحاجة إلى بناء وترميم.