الجزائر: حرص على البهجة والتكافل في عيد الفطر

01 مايو 2022
الأزمة تدفع الجزائريين إلى الأسواق المفتوحة والشعبية قبيل عيد الفطر (بلال بن سالم/ Getty)
+ الخط -

تحرص العائلات الجزائرية على الاستعداد لاستقبال بعيد الفطر بأفضل الطرق، وتبدأ ذلك في بداية الأسبوع الأخير من شهر رمضان في معظم الأحيان. فالاحتفال بهذه المناسبة لا بدّ من أن يكون مميّزاً، لذا تنظّف البيوت والشوارع وتصنع النساء الحلويات، خصوصاً التقليدية منها، فيما يشتري الأهل لأطفالهم ملابس وألعاب جديدة تفرح قلوبهم. لكنّ الظروف الاقتصادية والاجتماعية الصعبة في الجزائر، نتيجة ارتفاع أسعار المواد التموينية وملابس الأطفال، دفعت العائلات إلى تقليص نفقاتها في هذا العيد، في حين تحاول جمعيات خيرية التعويض على الأطفال المعوزين.
تقول كريمة مزهود، وهي أمّ لأربعة أطفال وموظفة في مديرية الشباب والرياضة بولاية ميلة، شرقي الجزائر، إنّ "ارتفاع الأسعار ألزمني بشراء بعض المواد الأساسية لصناعة الحلويات في المنزل، مع اختيار صنفَين فقط من الحلويات التقليدية المكلفة جداً"، الأمر الذي تعدّه "خطوة نحو التقشّف". وتؤكد مزهود أنّها "ملتزمة بصناعة المقروط والغريبية اللذَين تتميّز بهما مناطق الشرق الجزائري".

بدورها، تقول حليمة، التي تحفّظت عن ذكر اسم عائلتها: "على الرغم من أن عادات الجزائريين تقتضي في الغالب تحضير أكثر من ستة أصناف من الحلويات في هذه المناسبة، فإنّ كثيرين لا يلتزمون بذلك ويكتفون بما يناسب قدراتهم".
في المقابل، تتّجه عائلات عديدة إلى شراء حلويات العيد الجاهزة من المحال، خصوصاً التقليدية منها، لتوفير عناء صنعها في البيوت وشراء مستلزماتها بأسعار خيالية. وأخيراً، عجّت محال الحلويات التقليدية في حيّ بلكور الشعبي بقلب العاصمة الجزائرية بطوابير من النساء. بالنسبة إلى المدرّسة نادية عطوي، فإنّ "شراء الحلويات من المحال هو الحلّ الأنسب بالنسبة إلى كثيرين، لا سيّما النساء العاملات والموظفات، في ظلّ ارتفاع أسعار المواد الخاصة بصناعتها". وتوضح: "أنا شخصياً سوف أكتفي هذا العام بشراء ثلاثة أنواع من الحلويات فقط، من أجل إسعاد عائلتي من جهة والترحيب بضيوفنا من جهة أخرى".
وثمّة من يرفض شراء الحلويات الجاهزة ويستهجنه، من أمثال الإعلامية نايلة برحال. تقول إنّ "من عادات عائلتي إعداد حلويات تقليدية، منها حلوة الطّابع التي تأتي بأشكال متنوعة ومبهجة تحضّر خصوصاً للأطفال، بالإضافة إلى الغريبية والتشاراك المسكر وكعك النقّاش والمقروط". وتشير برحال إلى أنّ "ثمّة حلويات تصنعها عائلات عديدة هي دخيلة على عادات عيد الفطر، إذ هي خاصة بالأعراس فقط من قبيل البقلاوة والمخبز والقنيدلات التي تُصنع عادة بالمكسرات باهظة الثمن".
ومن عادات الجزائريين المبهجة شراء ملابس العيد للأطفال، لكنّها تأثّرت كذلك بالأزمة الاقتصادية، إذ تجاوزت أسعارها المعقول. وهو ما دفع كثيرين إلى العزوف عن شراء ملابس جديدة من المحال، وقد لجأ بعض الناس إلى ما يسمّى ملابس الاختيار الثاني والثالث، وهي سلع منخفضة الثمن تُعرض في الغالب بالأسواق المفتوحة والشعبية، وتكون موجّهة إلى العائلات ذات الدخل المتوسط والمنخفض. وفي هذا الإطار، تقول صليحة معمري، وهي ممرّضة في عيادة خاصة بمنطقة جيجل شرقي الجزائر، "انتهزت الفرصة لشراء الملابس لأبنائي الثلاثة قبل بداية شهر رمضان".

جمعيات خيرية وكسوة العيد في الجزائر (رياض كرامدي/ فرانس برس)
جمعيات خيرية عديدة تهيّئ كسوة العيد في شهر رمضان (رياض كرامدي/ فرانس برس)

ولا تقتصر استعدادات العائلات لاستقبال العيد على الحلويات وملابس الأطفال، فبيوت جزائرية كثيرة تتمسّك بعادتَين متجذّرتَين، أولاهما تزيين أيدي الأطفال الصغار، خصوصاً البنات، بالحنّاء في ليلة العيد للدلالة على الفرحة. أمّا العادة الثانية فهي تنظيف البيوت والمباني والأحياء وتزيينها للعيد.
كذلك يُعَدّ عيد الفطر فرصة لمواصلة عمليات التكافل الاجتماعي والتضامن مع الفئات الفقيرة في الجزائر، فلا تتوقّف مساعدات الجمعيات الخيرية عند فتح مطاعم الرحمة لعابري السبيل طوال شهر رمضان، يل تُجمع تبرّعات مختلفة وملابس تحت شعار"كسوة العيد للعائلات المحتاجة".
وقبيل عيد الفطر، استنهضت الجمعيات الخيرية جهودها في مختلف المدن الجزائرية، علماً أنّ ثمّة عشرات الجمعيات التي تنشط على مدار العام، فيما يمثّل شهر رمضان وعيد الفطر مناسبتَين لإدخال البهجة والفرحة إلى قلوب المعوزين.
وتحضّر الجمعيات الخيرية برنامجها الميداني لتقديم المساعدات للفقراء والأيتام قبل أسابيع من شهر رمضان، ومن شأن هذا الاستعداد أن ينظّم العمل الخيري والتضامني بشكل فعّال ومجدٍ، بحسب ما يؤكد محمد الأمين فلاحي وهو ناشط في جمعية خيرية تُعنى بالأطفال والأرامل في ولاية الشلف، غربي الجزائر. ويشرح فلاحي أنّ "الجمعية تستعدّ لأعمالها الخيرية في شهر رمضان، فتستقبل المساعدات الخاصة بعيد الفطر، بعد إعداد قائمة بأسماء الأطفال وأعمارهم واحتياجاتهم من الملابس". يضيف فلاحي أنّ "أولوية الجمعية في الأسبوع الأخير من شهر رمضان هي توصيل الملابس للأطفال المعوزين والأرامل"، لافتاً إلى أنّ "المحسنين قد يساهمون مالياً في الغالب".

من جهتها، وزّعت "جمعية الرحمة الخيرية" في ولاية البليدة، شمالي الجزائر، الملابس على أكثر من 3500 طفل يتيم، بحسب ما يشير الناشط عز الدين سلحاني. ويوضح أنّ "العملية انطلقت في منتصف شهر رمضان، فيما كان الإعداد لها قبل ثلاثة أشهر من حلول هذا الشهر". ويشدّد سلحاني على أنّ "تقديم المساعدة للفقراء والأطفال اليتامى قبل عيد الفطر يسعدهم كثيراً، خصوصاً أنّهم في حاجة إلى من يُدخل الفرحة إلى قلوبهم في مثل هذه المناسبات".

المساهمون