الاحتلال يحاصر مستشفى طوباس الحكومي وسط اجتياح المدينة

11 سبتمبر 2024
صورة متداولة لعرقلة الاحتلال حركة الهلال الأحمر الفلسطيني، طوباس، 11 سبتمبر 2024 (إكس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- **حصار مشدد على مستشفى طوباس التركي الحكومي**: تفرض قوات الاحتلال الإسرائيلي حصاراً صارماً على مستشفى طوباس التركي الحكومي، مما يعطل نقل الجرحى ويهدد حياة المرضى، ويشمل إغلاق مداخل المحافظة وتفتيش دقيق.

- **تحديات الطواقم الصحية وخطة الطوارئ**: تواجه الطواقم الصحية صعوبات كبيرة في نقل الجرحى، وتعمل وفقاً لخطة طوارئ لنقلهم إلى محافظة نابلس بالتنسيق مع الهلال الأحمر الفلسطيني.

- **تداعيات الاجتياح الإسرائيلي وأهدافه**: أدى اجتياح قوات الاحتلال لمدينة طوباس إلى شلّ الحياة فيها، ويهدف إلى الضغط على الفلسطينيين وتهجيرهم لتحويل المناطق إلى مستوطنات.

تشدّد قوات الاحتلال الإسرائيلي حصارها على "مستشفى طوباس التركي الحكومي"، وهو المستشفى الوحيد في محافظة طوباس شمال شرقي الضفة الغربية، وذلك منذ بدء اجتياح المدينة في ساعات مبكّرة من اليوم الأربعاء. وتواصل قوات الاحتلال حصارها محافظة طوباس والأغوار الشمالية منذ فجر اليوم، وقد أغلقت حاجز تياسير حيث المدخل الرئيسي للمحافظة من جهة الشمال الشرقي، وكذلك طريق خربة عاطوف جنوب شرقي المحافظة، وحاجز الحمراء الواصل بين الأغوار الشمالية والوسطى والجنوبية، فيما تمنع قوات الاحتلال الحركة والتجوّل وتعمد إلى تنفيذ مداهمات وتفتّش المنازل.

ومنذ فجر اليوم، تمنع قوات الاحتلال وصول أيّ كان، سواء من المرضى أو الطواقم الصحية، إلى مستشفى طوباس التابع لوزارة الصحة الفلسطينية، إلا بعد تفتيش دقيق وسط تنكيل في الإجراءات. ويقول مدير إسعاف جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني في طوباس نضال عودة لـ"العربي الجديد" إنّ آليات الاحتلال العسكرية تتمركز عند المدخل الرئيسي للمستشفى، وعند مدخل آخر يؤدّي إلى ثلاجة الموتى. ولا تسمح قواته بنقل الجرحى إلى المستشفى، فيما تفتّش مركبات الطواقم الصحية في أثناء الدخول والخروج، بالإضافة إلى التدقيق في البطاقات الشخصية للعاملين في الكادر الصحي أو المرضى الذين يُنقَلون.

وعلى الرغم من عدم قيام أيّ اشتباكات مع الاحتلال في محيط مستشفى طوباس الحكومي، فإنّ الآليات العسكرية الإسرائيلية تلازم مواقع تمركزها ولا تبتعد عن المستشفى بضعة أمتار، بحسب ما يؤكده عودة الذي يفيد بأنّ بعد استشهاد خمسة شبّان فلسطينيين فجر اليوم، عطّل الاحتلال حركة مركبات الإسعاف التي تنقلهم إلى المستشفى وراح يفتّشها للتأكّد من أنّ هؤلاء الشهداء متوفّون بالفعل، وذلك في سياق "إجراءات تنكيل تنتهك خصوصية عمل الطواقم الصحية".

ويلفت مدير إسعاف جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني في طوباس إلى أنّهم يعملون وفقاً لخطة وضعتها لجنة الطوارئ العليا، بالتنسيق بين مديرية الصحة ومحافظة طوباس، وقد تقرّر بموجبها عدم نقل أيّ جريح إلى مستشفى طوباس التركي الحكومي بوصفه نقطة محاصرة، وبالتالي ترتيب نقل الجرحى إلى محافظة نابلس من خلال التنسيق مع إسعاف الهلال الأحمر هناك. يضيف عودة أنّ عدداً من من الجرحى نُقل بالفعل إلى هناك، منذ صباح اليوم.

ويبيّن عودة أنّ التحديات التي تواجهها الطواقم الصحية لا تقتصر على التعامل مع الجرحى ونقلهم إلى المستشفيات، فقد واجهت فرق من الهلال الأحمر صعوبة في نقل 18 حالة تستعدي غسل كلى من مختلف مناطق محافظة طوباس إلى المستشفى الوحيد فيها، لأنّ قوات الاحتلال عمدت إلى تفتيش المركبات المعنية، على الرغم من علمها المسبق بأنّها لا تقلّ إلا مرضى كلى وأفراد طواقم صحية. ويؤدّي ذلك، بحسب عودة، إلى تهديد حياة المرضى والطواقم الصحية، إذ تضطر مركبات الإسعاف إلى سلوك طرقات بديلة وطويلة قبل أن تتمكّن من بلوغ مراكز ونقاط طبية.

ويشدّد مدير إسعاف الهلال الأحمر في طوباس على احترام القوانين الدولية، ولا سيّما تلك المعنية بعمل الطواقم الصحية، وعلى تسهيل عمل المهام الإنسانية. ويتابع عودة أنّ "اتصالات كثيرة تصلنا من المواطنين، خصوصاً أنّ ثمّة منع تجوّل في طوباس وأنّ الاحتلال لا يحترم ظروف عملنا. لذا نضطر إلى التجاوب مع قيود القوات الإسرائيلية، حفاظاً على حياة المرضى والطواقم".

من جهته، يقول محافظ طوباس أحمد الأسعد لـ"العربي الجديد" إنّ "جهات تابعة للأمم المتحدة تواصلت مع المحافظة، وأطلعتنا على حيثيات الاجتياح الإسرائيلي لمدينة طوباس اليوم. كذلك أوكلت جمعية الهلال الأحمر بالتواصل والتنسيق مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر، من أجل التعامل مع الحالات الإنسانية في ظلّ العدوان". يضيف الأسعد أنّ لجنة الطوارئ الصحية تتابع أوضاع المرضى والجرحى، بما أنّ مستشفى طوباس التركي الحكومي مغلق، فتحوّل الجرحى إلى مراكز صحية في بلدات طمون وعقّابا ورأس الفارعة في نطاق المحافظة".

ويشير الأسعد إلى أنّ "اجتياح الاحتلال طوباس أدّى إلى شلّ كلّ مناحي الحياة فيها، وتحديداً ما يتعلّق بالعملية التعليمية والصحة، وباتت قوات الاحتلال الإسرائيلي تتعامل مع مدينة طوباس بوصفها ساحة للعمليات العسكرية". ويتابع أنّ "محافظة طوباس شهدت نحو 20 اقتحاماً في شهر أغسطس/ آب الماضي، ولم يمضِ أسبوع على انسحاب الاحتلال منها بعد عملية عسكرية ارتقى خلالها ثمانية شهداء".

ويشرح محافظ طوباس أنّ "ما يميّز اقتحام الاحتلال الحالي عن السابق هو أعداد الآليات العسكرية المقتحمة التي توحي بأنّ العملية سوف تطول بخلاف ما كانت عليه الحال في عمليات الاقتحام السابقة، التي كانت تستمرّ لساعات محدّدة بين 12 و24 ساعة". ويبيّن أنّ "أكثر من 50 آلية اقتحمت طوباس منذ الصباح، عدا عن التعزيزات المتوفّرة بصورة دائمة، يُضاف إلى ذلك حصار الاحتلال منازل مواطنين وتفتيشها، وإجراء تحقيقات ميدانية، وتنفيذ عمليات اعتقال في حقّ مواطنين".

ويؤكد الأسعد أنّ خطة الطوارئ الصحية تُنفَّذ وفقاً للإمكانات المتاحة، مثلما جرى عند نقل الجرحى إلى مراكز طبية مجاورة أو إلى نابلس وكذلك ترتيب نقل مرضى الكلى، ويتحدّث إلى جانب ذلك عن استعدادات في جهاز الدفاع المدني في حال نشوب أيّ حريق، وذلك بهدف إسعاف المواطنين بقدر الممكن.

ويرى الأسعد أنّ "الاقتحام يتخطّى فكرة العملية العسكرية الأمنية، ليحمل في مضامينه أهدافاً سياسية إسرائيلية للضغط على الفلسطينيين، في المخيمات تحديداً، مثلما جرى في مخيم الفارعة في طوباس (في وقت سابق) من أجل تهجير اللاجئين فيه، وبالفعل خرج نحو 50% من سكانه. وبعد ذلك، يُصار إلى تحويل المناطق الفلسطينية إلى مستوطنات، تنفيذاً للمشروع الذي اقترحه أحد قادة جيش الاحتلال الإسرائيلي يغال ألون على مجلس الوزراء الإسرائيلي في تموز/ يوليو من عام 1967".

المساهمون