الأمم المتحدة تحذّر من انهيار كامل للنظام الإنساني في غزة

27 أكتوبر 2023
غوتيريس: النظام الإنساني في غزة يواجه انهياراً كاملاً (سلجوق أكار/الأناضول)
+ الخط -

حذر الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس من الانهيار الكامل للنظام الإنساني في قطاع غزة، مع عواقب لا يمكن تخيلها لأكثر من مليوني شخص في غزة، في وقت تصوت فيه الجمعية العامة للأمم المتحدة على مشروع قرار أردني ينص على وقف لإطلاق النار، وإدخال مساعدات إنسانية إلى قطاع غزة.

جاءت تصريحات غوتيريس، في بيان على لسان الناطق الرسمي باسمه، ستيفان دوجاريك، خلال المؤتمر الصحافي اليومي الذي يعقد في مقر الأمم المتحدة في نيويورك. 

وشدد غوتيريس على أنه وقبل التطورات الأخيرة في غزة كانت هناك نحو 500 شاحنة تعبر يومياً إلى غزة قبل بدء الأعمال القتالية. وأضاف "في الأيام الأخيرة، دخلت 12 شاحنة فقط في المتوسط يومياً، على الرغم من أن الاحتياجات أكبر بكثير من أي وقت مضى". ولفت الانتباه إلى أن "الإمدادات التي تدفقت لا تشمل الوقود اللازم لعمليات الأمم المتحدة، والضروري لتشغيل المستشفيات، ومحطات تحلية المياه، وإنتاج الغذاء، وتوزيع المساعدات."

وحذر من أنه "نظراً للوضع المأساوي، لن تتمكن الأمم المتحدة من الاستمرار في تقديم المساعدات داخل غزة، ما لم  يحدوث تحول فوري وجوهري في كيفية دخولها." مؤكدًا على "ضرورة تجديد نظام التحقق وتفتيش الشاحنات عبر معبر رفح، من أجل السماح لعدد أكبر من الشاحنات بالدخول إلى غزة دون تأخر". وكرر دعوته لوقف إطلاق النار ولأسباب إنسانية و"الإفراج غير المشروط عن جميع الرهائن وتسليم الإمدادات المنقذة للحياة بالحجم المطلوب".

وختم بيانه بالقول "بدون تغيير جوهري، سيواجه شعب غزة سيلاً غير مسبوق من المعاناة الإنسانية. وعلى الجميع أن يتحملوا مسؤولياتهم. هذه لحظة الحقيقة. التاريخ يحكم علينا جميعاًً".

ورداً على أسئلة "العربي الجديد" حول ادعاءات الإدارة الأميركية والرئيس الأميركي جو بايدن أن الجانب الفلسطيني يقوم بتضخيم أرقام القتلى والجرحى من الفلسطينيين في قطاع غزة، قال دوجاريك، خلال نفس المؤتمر الصحافي: "عندما يتعلق الأمر بغزة، فإننا نعتمد على ما تقدمه وزارة الصحة كمصدر لأرقام الضحايا في تلك المنطقة. نواصل تضمين بياناتهم في تقاريرنا، ولكنها واضحة ومفصلة". وأضاف "أعتقد أنه في جميع التقارير الإنسانية التي نقوم بها حول العالم، من المهم جدًا أن نوضح بياناتنا (ومصادرها)، عندما نعطيكم أعداد القتلى والجرحى والمصابين، في أي مكان حول العالم، سنقول إذا كانت هذه بياناتنا، أو إذا كانت هذه البيانات تأتي من مصدر آخر، لذلك أعتقد أنه من المهم بالنسبة لنا أن يكون لدينا وضوح في البيانات. ما يميز غزة هو أن هناك 13 ألف موظف للأمم المتحدة على الأرض (أونروا، من أطباء ومدرسين وغيرهم). لذلك أعتقد أن لدينا مؤشر جيد لحقيقة ما يجري على الأرض".

ورداً على سؤال إضافي حول ما إذا كانت هناك أي مؤشرات لدى الأمم المتحدة بأن هذه الأرقام كاذبة، قال دوجاريك "لا يوجد أي إشارة لدينا بأن هذه الأرقام كاذبة، ومن الوضح أننا لسنا في وضع يسمح لنا بالتحقق من هذه الأرقام بشكل دقيق فهي ليست بياناتنا. ولكن كما قلت، أعتقد أنه نظرًا لوجودنا في المراكز الصحية والملاجئ غيرها، فإنه لدينا مؤشرات واضحة على ما يحدث". 

مشروع قرار أردني: وقف لإطلاق النار وإدخال للمساعدات

ومن المقرر أن تصوت الجمعية العامة للأمم المتحدة على مشروع قرار قدمته الأردن، بالتشاور مع الجانب الفلسطيني والمجموعة العربية، حول وقف إطلاق النار وإدخال المساعدات الإنسانية. ويأتي التصويت ضمن جلسة عقدت منذ الخميس بتوقيت نيويورك، ومستمرة حتى ساعة متأخرة من اليوم الجمعة، ضمن الدورة الاستثنائية العاشرة التي تحمل عنوان "الأعمال الإسرائيلية غير القانونية في القدس الشرقية المحتلة وبقية الأرض الفلسطينية المحتلة."

ويأتي التصويت في الجمعية العامة بعدما فشل مجلس الأمن الدولي بتبني أي من مشاريع القرار الأربعة التي طرحت عليه خلال الأيام العشرة الماضية، واستخدمت فيها كل من روسيا والصين والولايات المتحدة الـ"فيتو" ضد مشاريع بعضها البعض. 

ومن أبرز ما تشمله مسودة المشروع الذي سيصوت عليه الليلة الدعوة إلى "هدنة إنسانية فورية ودائمة ومستدامة تفضي إلى وقف الأعمال العدائية". ومطالبة جميع الأطراف "بالامتثال الفوري والكامل للالتزامات التي تقع على عاتقها بموجب القانون الدولي، بما في ذلك القانون الدولي  الإنساني بحماية المدنيين والأعيان المدنية، وحماية العاملين في مجال تقديم المساعدات الإنسانية (...) كما توفير السلع والخدمات الأساسية للمدنيين في شتى أنحاء قطاع غزة على الفور وبشكل مستمر وكاف دون عوائق، بما في ذلك الماء والغذاء واللوازم الطبية والوقود والكهرباء" على سبيل المثال لا الحصر.

كما ينص المشروع على "دعوة إسرائيل لإلغاء الأمر الصادر عنها كسلطة قائمة بالاحتلال "بإخلاء المدنيين الفلسطينيين وموظفي الأمم المتحدة (...) ويرفض رفضاً قاطعاً أي محاولات ترمي إلى نقل السكان المدنيين الفلسطينيين نقلاً قسرياً". ويدعو المشروع إلى "الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المدنيين الذين يوجدون رهن الاحتجاز بصورة غير قانونية (...) وإلى حماية جميع المرافق المدنية (...) بما فيها المستشفيات والمدارس وجميع العاملين في المجال الإنساني والطبي والصحافي."، كما يدين المشروع كذلك "جميع أعمال العنف التي تستهدف المدنيين الفلسطينيين والإسرائيليين، بما في ذلك أعمال الإرهاب والهجمات العشوائية، فضلاً عن جميع أعمال الاستفزاز والتحريض والتدمير". 

وقدمت كندا طلباً بإدخال فقرة على المشروع تدين "حركة المقاومة الإسلامية (حماس)"، ومن المفترض أن يتم التصويت عليها قبل التصويت على المسودة، وحول ما إذا كانت الدول الأعضاء توافق على إدخالها  إلى النص أم لا.  ويحتاج المشروع لتبنيه نسبة الثلثين من عدد الدول التي ستصوت بنعم أو لا، ولا تحسب أصوات الدول التي تمتنع عن التصويت أو تتغيب.

وفي السابع من الشهر الجاري، أطلقت حركة حماس عملية "طوفان الأقصى"، التي نجح فيها مقاتلوها في الوصول إلى المستوطنات المحاذية للقطاع، وخاضوا اشتباكات في أكثر من نقطة في هذه المناطق، فيما وصف الهجوم بأنه أسوأ اختراق للدفاعات الإسرائيلية منذ حرب أكتوبر عام 1973.

تجدر الإشارة إلى أنّ آلة الحرب الإسرائيلية لم تحيّد أيّ جهة في قطاع غزة منذ ثلاثة أسابيع، فإلى جانب "أونروا" استهدفت كذلك مستشفيات، ومراكز إيواء أخرى، وسيارات إسعاف، وعمّال إغاثة ومسعفين، بالإضافة إلى مئات الآلاف من سكان غزة، سواءً في شمال القطاع أو في وسطه أو في جنوبه الذي يدّعي الاحتلال أنّه آمن، في حين أنّه يرتكب جرائمه الأخيرة في الجنوب الذي أمر أهالي الشمال بالتوجّه إليه للنجاة بأنفسهم.

المساهمون