الأمراض المزمنة في سورية... "موت مستشرٍ"

03 ديسمبر 2022
يرتفع عدد مصابي السكري في سورية (عز الدين قاسم/ الأناضول)
+ الخط -

قدّرت منظمة الاتحاد الدولي للسكري، في تقرير أصدرته العام الماضي بعنوان "أطلس مرضى السكري"، عدد المصابين بالمرض في سورية بنحو مليون ونصف مليون.
ويشير الدكتور يحيى سعدون، أخصائي الأمراض الداخلية العصبية، في حديثه لـ"العربي الجديد"، إلى أن تفشي مرض السكري يرتبط بالعوامل الوراثية والضغوط النفسية والنظام الغذائي السيئ، وعدم وجود رقابة صحية ومتابعة صحية إلى جانب الفقر. ويقول: "يعاني المرضى من عدم توفر العلاج والرقابة الدورية من المجتمع، لأن غالبيتهم يجهلون بهذه الأمراض، ويواجهون صعوبات في تأمين العلاجات التي لا تتوفر أحياناً. ويزيد الواقع السيئ، كون الطبابة على حساب المواطن وليس الدولة، صعوبة تلقي العلاجات. ولو تكفلت الدولة بالرعاية الصحية لكان الوضع أفضل، علماً أن مرضى كُثراً يعيشون تحت درجة الفقر، ما يمنعهم من مراجعة الأطباء والمراكز الصحية لتلقي العلاجات".
ويقول الدكتور محمد الصالح، منسق شبكة الإنذار المبكر في منطقة درع الفرات، لـ"العربي الجديد": "منذ مطلع عام 2020، بدأت الأمراض المزمنة ترتفع في دول العالم النامية ودول العالم الثالث، ومنها سورية. وبين هذه الأمراض، السكري والقلب والأوعية الدموية والضغط والأمراض المرتبطة بالصحة العقلية بسبب الحرب. وتشير دراسات كثيرة إلى ارتفاع عدد مصابي الأمراض المزمنة". 
وحول أسباب الإصابة بالأمراض المزمنة، يشرح الصالح: "يلعب العامل النفسي الدور الأكبر في ظهور هذه الأمراض، التي ترتبط أيضاً بتغيّر نمط الحياة وتقليل الجهد البدني. ويتسبب الضغط والسكري وارتفاع الكولسترول والشحوم، التي تؤدي بدورها إلى أمراض الأوعية الدموية. كما تتأثر الأمراض المزمنة باضطرابات الصحة العقلية، ومنها القلق والاكتئاب، المرتبطة بدورها بظروف التهجير والنزوح وضيق المعيشة في سورية".
وقبل عامين، اضطر الأطباء إلى بتر قدم الستيني محمد أبو خليل المقيم في تجمع مخيمات أطمة. يقول قريبه أحمد لـ"العربي الجديد": "بعد النزوح المتكرر منذ عام 2015 ووفاة زوجة أبو خليل بمرض السكري عام 2019، ساءت حالته حتى اضطر الأطباء إلى بتر قدمه، بعدما أخبرونا أن الأدوية لم تعد نافعة، وهو يعاني حالياً من حصى في المرارة، لا يمكن إجراء عمل جراحي لها بسبب السكري والضغط".
وكان رئيس الرابطة السورية لأطباء القدم السكرية بلال حماد كشف، في حديثه لصحيفة "الوطن" الموالية للنظام في 29 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، أن نحو 10 بالمائة من سكان سورية مصابون بداء السكري من النمط الثاني، وأن نحو 20 بالمائة منهم معرضون للإصابة بالقدم السكرية. وأوضح أن كل 13 من أصل 1000 شخص أعمارهم دون سن الثلاثين مصابون بداء السكري من النمط الأول، ونسبة بتر القدم المرتبطة بداء السكري مرتفعة في الفئتين بسبب إهمال المرضى وتأخرهم في مراجعة الأطباء.

وتطول قائمة الأمراض المزمنة المنتشرة في مناطق سيطرة النظام، ومنها الفشل الكلوي الذي لا إحصاءات دقيقة لعدد المصابين به في مناطق النظام السوري، وبينها السويداء، بسبب عدم وجود أرشيف حقيقي لكافة الأمراض.
وفي المحافظة الجنوبية، يضطر المرضى إلى المغادرة للحصول على علاج بعد تعطل غالبية الأجهزة في المستشفى العام التابع لوزارة صحة النظام، وافتقاد الأدوية والأطباء.

نازحون سوريون في سورية (أحمد الأطرش/ فرانس برس)
ينشر الفقر الأمراض في سورية (أحمد الأطرش/ فرانس برس)

وسبق أن نفذ مرضى وعائلاتهم احتجاجات واعتصامات أمام مبنى المحافظة الجنوبية، لأن الموت كان يحاصرهم. ويقول المريض عصام الحسين لـ"العربي الجديد": "يواجه مرضى غسل الكلى في محافظة السويداء مخاطر حقيقية بسبب عدم توفر خدمة الغسل في المستشفى العام، نتيجة تعطّل معظم الأجهزة، وعدم توفّر الأدوية الخاصة بالمرضى بشكل دائم، واضطرار المرضى إلى جلبها على حسابهم الشخصي رغم أنها غالية جداً".

يضيف: "لا يعمل إلا 6 أو 7 من أجهزة غسل الكلى الـ24، وهي معرضة للتوقف في أي لحظة نتيجة الضغط عليها، ما يجعل المرضى في خطر شديد.
ويتهم الحسين مديرية الصحة بالفساد والإهمال وبيع الأدوية والمستلزمات الطبيّة الخاصة بتشغيل الاجهزة، مثل المحاليل وأملاح البيكربونات والأنابيب الخاصة بنظام الترشيح أو دورة ترشيح الدم، وفقدان الأدوية كالحديد وحُقن "إيبركس" و"إيبوئيتين ألفا" لعلاج فقر الدم بالجسم.

وقد توفي المريض معتز سلوم المصاب بفشل كلوي في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، واتهمت عائلته مديرية الصحة في السويداء بالإهمال المتعمد. وهو اعتبر المريض الثالث الذي يتوفى في المستشفى جرّاء الإهمال، بحسب زعم عائلات الضحايا.
ويوضح أحد الكوادر الطبية في المستشفى العام بمدينة السويداء، والذي طلب عدم كشف اسمه، لـ"العربي الجديد": "قلّة سحب السوائل وتراكمها في جسم المريض وقلّة التنقية وارتفاع قيم الخطورة بلوحات المريض المخبريّة، من دون أي رد فعل من قبل الكادر الطبي، تعرض المريض للموت المحتم".

المساهمون