الأردن: عيد الفطر وسط حظر جزئي

14 مايو 2021
في وداع رمضان (خليل مزرعاوي/ فرانس برس)
+ الخط -

 

حلّ عيد الفطر هذا العام والأردنيون يخضعون إلى حظر جزئي يبدأ من الساعة الحادية عشرة من قبل منتصف الليل وينتهي عند الساعة السادسة صباحاً، في ظل مراقبة من قبل السلطات للتأكد من التزام المواطنين بقانون الدفاع الذي جاء للحدّ من تفشّي فيروس كورونا الجديد في البلاد. وكانت التدابير الوقائية قد خُفّفت بعد انخفاض في عدد الإصابات اليومية بكوفيد-19 إلى ما دون ألف حالة يومياً بعدما كانت الحصيلة اليومية قد وصلت في فترات سابقة إلى نحو 10 آلاف حالة.

صحيح أنّ الأردنيين ينظرون إلى عيد الفطر كمناسبة دينية ترتبط بالروحانيات التي رافقت شهر رمضان، من قيام وصيام وأداء للعبادات، إلا أنّه بالنسبة إليهم كذلك استحقاق اجتماعي يرتبط ارتباطاً أساسياً بالمظاهر والعلاقات الاجتماعية. فتبادل الزيارات بين الأقارب وذوي الأرحام والأصدقاء هو الطقس الذي يرافق السكان في حركتهم وقضاء ايام العيد. 

وفي حين يشكّل العيد في العادة مناسبة للبهجة بالنسبة إلى الجميع، كباراً وصغاراً، تشير منى أحمد وهي أمّ لثلاثة أطفال إلى أنّ "الخوف من انتقال عدوى الفيروس، يقضي على جزء كبير من بهجة العيد المعتادة وكذلك على حرية الحركة التي كانت ترافق نشاط الناس في السنوات الماضية". وتقول منى لـ"العربي الجديد": "اكتفينا بزيارة الأقارب من الدرجة الأولى، أي أهلي وأهل زوجي، لتجنّب إصابة محتملة بفيروس كورونا الجديد، على الرغم من أنّ الأرقام الرسمية تشير إلى انخفاض كبير في الإصابات بالبلاد"، لافتة إلى أنّ "الحكومة لم تفرض الحظر الشامل، وبالتالي يستطيع المواطنون التنقل في ظل الحظر الجزئي المفروض في الوقت الحالي". تضيف منى أنّ "الأسواق في هذا العام لم تمتلئ كما العادة بالملابس الجديدة الخاصة بالأطفال، فالمتوفر منها قديم بمعظمه. وربّما يعود ذلك إلى عدم الاستيراد بسبب إغلاق الاسواق لمدة طويلة وضعف الحركة الشرائية".

من جهته، يقول محمد الخوالدة لـ"العربي الجديد" إنّ "الحركة محدودة"، لافتاً إلى أنّ "الأوضاع مختلفة في القرى، إذ إنّ الحركة هناك أكثر سهولة بعيداً عن أعين رجال الأمن. كذلك، فإنّ عادات القرى تختلف عن عادات المدن، ولا يستطيع المرء الهروب من تقديم الواجبات الاجتماعية للأقارب والأصدقاء، وإلا سوف سيقع تحت لائمة المجتمع. كذلك لا بدّ من زيارة ذوي المتوفي في العيد الأول بعد فقدانهم أحبتهم". لكنّه يرى "ضرورة أن يتوخّى الجميع الحيطة والحذر، خصوصاً أنّ تحذيرات الحكومة وأهل الاختصاص تشير إلى موجة ثالثة محتملة من الفيروس في البلاد".

قضايا وناس
التحديثات الحية

أمّا محمد بدوي فيؤكد لـ"العربي الجديد" أنّ "فرحة هذا العيد ناقصة، وعناوينها اقتصرت على صلاة العيد وزيارة الأهل اتصالات تهنئة في ظل انتشار الفيروس والحظر الجزئي"، مشيراً إلى أنّ "هذا العام لا يختلف كثيراً عن العام الماضي عندما احتفل المواطنون بالعيد في منازلهم، بغالبيتهم العظمى. فنحن أمام ظرف يحتّم علينا الانتهاء سريعاً من تقديم تهاني العيد إلى الأهل والأقارب بسرعة، في حين يُفضَّل اقتصار الاحتفالات على عدد محدود من الناس خوفاً من الفيروس الماضي في انتشاره وسط تحذيرات الجهات المسؤولة. ولا ننسى المخاوف اليوم من تفشّي المتحوّر الهندي في البلاد".

في سياق متصل، يقول الباحث الاجتماعي حسين الخزاعي لـ"العربي الجديد" إنّ "ثمّة تبايناً ما بين أبناء المجتمع الأردني من سكان المدن وسكان القرى في تعاملهم مع المناسبات ومنها الأعياد. وكثر هم سكان المدن الذين يعودون إلى القرى والأرياف والبوادي التي قدموا منها في الأساس، في خلال الأعياد، لتقديم التهاني إلى أقاربهم في مناطق سكناهم وأداء الواجبات الاجتماعية. وكثيرون منهم يقضون يومهم ويبيتون عند أهلهم في القرى، الأمر الذي يزيد من احتمالات العدوى بفيروس كورونا الجديد". يضيف الخزاعي "أمّا في المدن، فالزيارات تكون قليلة وسريعة، ولا يصطحبون الأطفال معهم"، مشدداً على "ضرورة عدم اصطحاب الأطفال وتقبيل هؤلاء كبار السنّ كما كان يحدث قبل انتشار الوباء". ويتابع الخزاعي "لا بدّ من الابتعاد عن السلوكيات التي تساهم في انتقال المرض، والتزام التباعد الجسدي واستخدام المعقمات بعد المصافحة عندما تحصل وعدم نزع الكمامة خصوصاً في خلال الزيارات".

وإذ يشير الخزاعي إلى أنّ "القرى بعيدة عن الضوابط التي تفرضها السلطات لمواجهة المرض"، يؤكد أنّ ثمّة أحياء كبيرة في عمّان الزرقاء تُعَدّ أحياء ريفية لجهة طبيعة العلاقات الاجتماعية، بسبب القربة. وهنا يجب أن تكون درجات الحذر في أعلى مستوياتها، حتى لا تُسجَّل انتكاسة في الوضع الوبائي". ويشدّد الخزاعي على "أهمية ثقافة الاعتذار، وتقبّل اعتذار الأقارب والأصدقاء إذا كانوا يعبّرون عن تخوّف من الإصابة بالمرض ولا يرغبون في الاختلاط تجنباً لاحتمال العدوى"، متحدثاً عن بدائل من قبيل "تقديم التهاني والمعايدات عبر وسائل التواصل الاجتماعي واستخدام الرسائل القصيرة والهاتف بدلاً من الزيارات الوجاهية". من جهة أخرى، يرى الخزاعي أنّه "كان من المفضّل أن تعمد الحكومة إلى فتح الاسواق لمدّة أطول في نهاية رمضان، حتى منتصف الليل مثلاً، حتى لا يزيد الاختلاط"، مشيراً إلى أنّ "فتح الأسواق مهم كذلك من أجل أصحاب محلات الملابس الذين عانوا في الفترة الأخيرة بسبب الوباء".

المساهمون