اقتراب رمضان يُحيي المشاريع الصغيرة في غزة
علاء الحلو
تنشغل الفلسطينية غدير زنداح، في الأيام المتبقية قبيل حلول شهر رمضان، في تصنيع الزينة الرمضانية داخل بيتها في مدينة خان يونس جنوبي قطاع غزة، في محاولة منها لمواكبة المواسم، على أمل توفير دخل يعين أسرتها على مصاريف شهر الصوم.
وتحاول غدير عبر مشروع الأشغال اليدوية تطويع قدرتها برفقة زوجها خالد سويدان لصناعة المنتجات الخاصة بالمناسبات، فيما بدأ الزوجان العمل على تجهيز زينة رمضان، من فوانيس خشبية بقماش "الخيامي" بأحجام مختلفة، وتطعيم بعض الفوانيس بالخشب، وهلال رمضان المزين بالفانوس.
ويعتمد الزوجان في عملهما، الذي يحاولان من خلاله توفير مصدر دخل مناسب، على "الأخشاب، القماش، والستان، والكُلفة الخاصة بالتزيين، والإنارة، علاوة على المؤثرات الصوتية التي تميز منتجاتهما عن باقي المنتجات، بعد أن تدرج العمل على مدار خمس سنوات، باستخدام خامة "الفوم" والكارتون ومواد بسيطة أخرى.
ويقوم الزوج بتجهيز الهياكل والمجسمات الأساسية، فيما تقوم زوجته بوضع اللمسات الجمالية النهائية، وفق وصفهما لـ "العربي الجديد"، إلى جانب تركيب جهاز الصوت والإضاءة، وقد اتجها مؤخرًا إلى صناعة الفوانيس الدوارة، وهي فانونس داخل فانوس، والفانوس 2×1 ويدخل في صناعته مختلف المؤثرات، وبأحجام تتراوح بين متر ونص حتى مترين ونصف، والمفارش و"الخداديات" وأطقم العصير والقهوة المُزينة بعجينة السيراميك لتصبح ذات شكل مميز ومبهج، فيما لا يزالا غير قادرين على بيع منتجاتهما سوى عبر صفحات مواقع التواصل الاجتماعي.
ويستغل عدد من الفلسطينيين في قطاع غزة اقتراب شهر رمضان لتنشيط أو ابتكار مشاريعهم الصغيرة، والتي تعنى بتقديم الفوانيس وأحبال الزينة والإضاءة، في تقليد سنوي، يسعى أصحابه إلى تحسين ظروفهم الاقتصادية المُتردية بفعل استمرار الحصار الإسرائيلي منذ نحو 15 عامًا.
وتتزين نواصي الشوارع في قطاع غزة بـ "البسطات" الصغيرة، التي يصفف أصحابها الفوانيس القماشية أو البلاستيكية، وإلى جانبها أدوات الزينة الرمضانية، ويعلقون أحبال الزينة الملونة، التي تتم إضاءتها ليلًا، لجذب أنظار المارة والزبائن، فيما يتجه البعض الآخر إلى ترويج تلك البضاعة عبر صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، نتيجة عدم قدرته على افتتاح محله التجاري الصغير، أو النزول إلى الشارع لافتتاح بسطة.
وإلى الغرب من مدينة غزة، وفي شارع حميد الرئيسي في مخيم الشاطئ للاجئين الفلسطينيين يفرش الفلسطيني محمد الجمل الزينة الرمضانية على طاولة خشبية، عَلَّق على أطرافها أحبال الإضاءة الملونة، وصفف إلى جانبها الفوانيس مختلفة الأحجام، والتي قام بتوفيرها من تاجر وفق نظام "حسب البيع"، ويتم بموجبه البيع وفق حال السوق، ومن ثم إرجاع البضائع الزائدة، التي لم تُباع خلال الموسم.
ويقول الجمل لـ"العربي الجديد" إنه ينتظر الموسم الرمضاني لكسب المال من بيع تلك الزينة، ويبدأ التجهيز له قبل شهر من حلول رمضان، فيما ينتهي مع بدء أيامه الأولى، مضيفًا "اعتاد جيراني على هذه البسطة الصغيرة، والتي نبيع من خلالها الزينة بأسعار بسيطة".
ويبيّن الجمل والذي يعيل أسرة مكونة من أربعة أفراد أن موسم بيع تلك الزينة يشتد في الأسبوع الأخير قبل رمضان، حيث تستخدم في تزيين الشرفات والنوافذ ومداخل البيوت والأحياء والمحال التجارية، استقبالًا لشهر رمضان.
ويتجه عدد من الفلسطينيين إلى الشراء من البسطات الصغيرة لأسباب مختلفة، حيث يرى البعض أنها تقدم أسعارًا زهيدة - مقارنة بأسعار المحال التجارية المرتفعة - تتناسب مع الحالة الاقتصادية المتردية، فيما يرى البعض الآخر أنها فرصة لدعم أصحاب المشاريع الصغيرة، على اعتبار أن تلك المشاريع، المصدر الأساسي لرزقهم.
وتساهم الأعداد الكبيرة للمتعطلين عن العمل، والتي كان لجائحة كورونا أثر إضافي في زيادتها، في زيادة ظاهرة البيع على الأرصفة ومفترقات الشوارع سنويًا، حيث يستسهل أصحابها افتتاح مصادر صغيرة لرزقهم، تعينهم على مواجهة المتطلبات اليومية، والتي تزداد في شهر رمضان.
وتؤثر الأوضاع الاقتصادية المتردية في قطاع غزة على مئات آلاف الأُسر بفعل الحصار الإسرائيلي وإغلاق المعابر، وما تلاه من تأثير مباشر على نسب الفقر والبطالة، والتي وصلت إلى نسب قياسية، حيث تخطى الفقر حاجز 85% فيما تعدت البطالة نسبة 65 في المائة.