اعتداءات جنسية على أطفال باكستان

04 يونيو 2022
تسعى الشرطة إلى توقيف المعتدين على الأطفال (بهروز مهري/ فرانس برس)
+ الخط -

يكاد لا يمر يوم في باكستان من دون تسجيل جرائم خطف أطفال والاعتداء عليهم، بينما تعلن الشرطة بين الحين والآخر توقيف الجناة، وتسليمهم إلى القضاء لمحاكمتهم، لكن الجريمة ما زالت تتكرر.

تعرض الطفل الباكستاني محمد ساجد (14 سنة) لجريمة خطف، قبل أن يتعرض للاعتداء الجنسي من قبل أفراد عصابة في مدينة أوكاره بإقليم السند الجنوبي. لم يقدم الجناة على قتل الفتى ساجد، على خلاف ما يحصل في معظم القضايا المشابهة، حسب ما تقول الشرطة، بل رموه في حقول قريبة من منزله مغمى عليه، وأثبتت الفحوص الطبية أن الطفل تعرض لاعتداء جنسي من قبل أشخاص عدة. وكالعادة، اكتفت الشرطة الباكستانية في اليوم التالي للحادث بإعلان ملاحقة الجناة، والعمل من أجل الوصول إلى العصابة التي ارتكبت الجناية بحق الطفل. وأفاد مسؤول شرطة أوكاره، فيصل كلزار، في تصريح صحافي، إن الشرطة لا تدخر جهداً في الوصول إلى الجناة الذين يهددون حياة الأطفال، مؤكدا أن تلك الجريمة الخطرة متفشية، لكنه شدد على أن معاقبة مرتكبيها يمكن أن يؤدي إلى استئصال جذورها من المجتمع.

سبق تلك الجريمة جريمة مشابهة انتهت بقتل طفل آخر في مدينة كوجرانواله، إذ اختطفه شاب ثم قتله بعد الاعتداء جنسياً عليه في العاشر من شهر مايو/أيار الماضي. وقالت شرطة كوجرانواله، في بيان لها في اليوم التالي، إن الطفل شعيب (سبع سنوات) اختُطف من أمام منزله، ثم رميت جثته بالقرب من المنزل بعد الاعتداء جنسياً عليه، وأوضح البيان أن الشرطة تمكنت من اعتقال مشتبه به بمساعدة كاميرات المراقبة، وهو أحد أقارب والدة الطفل، وستُحوّل قضيته إلى المحكمة.

وفي السادس من مايو الماضي، قام شخصان باختطاف طفلة تدعى عليشه من حديقة عامة في مدينة كراتشي (جنوب)، وتم اكتشاف الجريمة خلال محاولتهم نقلها في حافلة نقل جماعي من كراتشي إلى مدينة كويته مركز إقليم بلوشستان، وفي الطريق تعرف عليها الركاب، فهرب الجناة تاركين الطفلة في الحافلة. وبحسب بيان أمني، فإن ركاب الحافلة أبلغوا الشرطة، فتوصلت إلى أسرة الطفلة، وسلمتها إليهم.

المرأة
التحديثات الحية

ويرجع كثيرون تكرار جرائم خطف الأطفال والاعتداء عليهم في باكستان، إلى أسباب أهمها تفشي الفساد في المنظومة الأمنية، علاوة على وجود ثغرات في القوانين الجنائية، إذ يتمكن بعض الجناة من النجاة من السجن عبر دفع الرشاوى.

يقول القانوني الباكستاني، محمد أمير ختك، لـ"العربي الجديد"، إن "المشكلة الأساسية تتركز حول عدم وجود رقابة كاملة، فضلاً عن الفساد المستشري في المنظومة الأمنية، كما أن القانون الباكستاني فيه كثير من الثغرات، ويمكن لأي مجرم الخروج من السجن مقابل كفالة، أو بعد دفع رشى، وإلى حين ترميم هذه الجوانب، ستظل تلك الجريمة منتشرة، حتى أنها آخذة في التفشي". ويوضح أمير ختك أن "التربية الأخلاقية لعامة الناس، وخصوصاً الشباب، أصبحت ضعيفة، كما أن لمنصات التواصل الاجتماعي دورا كبيرا في انتشار الجرائم، فالشباب يشاهدون كل شيء في الإنترنت، ولا توجد وسائل كافية لإقناعهم بمخاطر اختطاف ضعاف الناس، مثل الأطفال، أو الاعتداء عليهم".

ويؤكد الخبير القانوني أن "على الجميع لعب دور في القضاء على الجريمة، فللحكومة دور، وللآباء دور، كما أن لعلماء الدين ورموز القبائل دورا مهما، وتفعيل النظام القبلي يمكنه القضاء على تلك الجريمة أكثر من القوانين، خصوصاً أن الاعتداءات الجنسية في مناطق البشتون (حيث يسود العرف القبلي) قليلة للغاية مقارنة بالمناطق الباكستانية الأخرى، فالنظام القبلي الصارم يجرّم ذلك، ولا يفلت منه الجناة".

الصورة
ينتقد كثيرون الثغرات في القانون الجنائي الباكستاني (عرفان علي/الأناضول)
ينتقد كثيرون الثغرات في القانون الجنائي الباكستاني (عرفان علي/ الأناضول)

وحول النظام القبلي وتأثيراته على الحد من الجرائم، يقول الزعيم القبلي محمود خان، من مقاطعة خيبر الباكستانية، لـ"العربي الجديد"، إن "النظام القبلي أصبح ضعيفاً إلى حد ما بعد وصول القوات الأميركية إلى المنطقة في عام 2001، ووقوع حروب كبيرة في مناطق القبائل، لكنه رغم ذلك ما زال يلعب دوره في بعض المجالات، ومنها الجرائم الأخلاقية، ومنها الاعتداء الجنسي على الأطفال، وهذا نادراً ما يحدث في مناطق القبائل، لأن الجناة من خارج القبيلة لا يمكنهم الدخول إلى المناطق القبلية، أما شباب القبائل فجميعهم يعرفون مدى حساسية النظام القبلي تجاه هذه الجريمة".

يضيف محمود خان: "تقوم القبائل بقتل الرجل الذي يرتكب جريمة الاعتداء الجنسي على الأطفال، وحرق منزله، وإبعاد أقاربه، وينظر إليه وإلى أسرته إلى الأبد نظرة احتقار، بالتالي لا أحد يمكن له أن يقدم على هذا الفعل، بالإضافة إلى قيود النظام القبلي التي تحد من الجرائم إلى أبعد الحدود، إذ تفرض الحجاب، وتجعل نظام الزواج سهلاً وميسوراً على كل الشباب، كما مناطق القبائل بعيدة عن انتشار الإنترنت، والأفلام التي يتأثر بها الشباب".

الأرشيف
التحديثات الحية

وتقول مؤسسة "ساحل" المعنية بشؤون الطفل، إنها سجلت خلال العام الماضي، 2960 حادث اعتداء على أطفال، من بينهم 1510 طفلات، و1450 طفلاً، وحدثت جرائم الاعتداء عليهم في أماكن مختلفة، من بينها الحدائق العامة، والفنادق، والمدارس، وبعضهم اختُطفوا من قبل الجناة، وبعضهم جرى قتلهم لاحقاً بعد الاعتداء عليهم.

وتشير المؤسسة إلى أن إقليم البنجاب، أكبر الأقاليم الباكستانية، يأتي على رأس القائمة، فقد وقعت فيه 1707 جرائم، يليه إقليم السند، والذي وقع فيه 861 جريمة، ولم تنجُ من تلك الجرائم العاصمة إسلام أباد، حيث سجلت فيها 102 جريمة اعتداء جنسي على أطفال.

المساهمون