كشفت الحكومة الإسرائيلية عن جملة امتيازات مالية ستمنحها لمؤسسات التعليم المخصصة لأتباع التيار الديني، سواء التابعة لوزارة التعليم أو تلك المستقلة، وكان لافتاً أن تجاهر الحكومة بأن هذا الدعم المادي سيتم وفق توجهات تلك المؤسسات الأيدلوجية.
وأوضح وزير المالية، بتسلال سموتريتش، والذي يرأس حركة "الصهيونية الدينية"، أن الحكومة ستعمل على تقليص كلفة التعليم في المؤسسات المخصصة لأتباع التيار الديني، بحيث يتم خفض الأعباء المادية المفروضة على كاهل أولياء الأمور، وتعهد خلال مؤتمر في القدس المحتلة، بأن يتم تصميم الموازنة القادمة لتضمن زيادة الاستثمارات الهادفة إلى تطوير المؤسسات التعليمية التي يتوجه إليها أتباع التيار الديني.
وأضاف أن الحكومة التي تعترف بدور "الصهيونية الدينية" وأنشطتها في مجال التعليم والاستيطان، ودورها في تكريس الهوية اليهودية، ستعمل على ضمان مواصلتها هذا الدور من خلال دعم مؤسساتها الدينية.
ولفت نائب مدير "صندوق بيرل كتسنلسون" الذي يراقب أنشطة المؤسسات التعليمية في إسرائيل، أفياد هومنير، إلى أن تصريحات سموتريتش تعني "مواصلة توسيع الهوة بين حجم الموازنات المخصصة للمؤسسات التعليمية التي تستوعب أتباع التيار الديني وتلك التي يؤمها العلمانيون"، وأوضح أن "سموتريتش معني بزيادة الدعم للمؤسسات التعليمية التي يعتمد عليها التيار الديني، وتحديدا الصهيونية الدينية، في بناء نخبته، وهذا الدعم سيوجه إلى المدارس الثانوية والمعاهد الخاصة التي تفضل العوائل ميسورة الحال من أتباع التيار الديني إرسال أولادها للدراسة فيها"، وعرض جدولاً يظهر أن عوائل الأغلبية الساحقة من الطلاب الذين يتلقون التعليم في المؤسسات التي يريد سموتريتش زيادة الدعم المالي لها هم من المتدينين من أصول غربية.
وحسب صحيفة "كاكليست" الاقتصادية، فإن حجم الموازنات التي تحصل عليها مؤسسات التيار الديني تفوق بنسبة 26 في المائة المخصصة للمدارس التي يؤمها العلمانيون. وتستند الصحيفة إلى تقرير صادر عن وزارة التعليم، يظهر أن متوسط الكلفة السنوية لتدريس طالب في مدرسة ثانوية مخصصة لأتباع التيار الديني يبلغ 41400 شيكل (12 ألف دولار)، في حين أن متوسط الكلفة السنوية لطالب يدرس في مدرسة ثانوية عادية 32800 شيكل (9,6 آلاف دولار)، في حين أن متوسط الكلفة السنوية لطالب في مدرسة ثانوية في مدن الداخل الفلسطيني يبلغ 28800 شيكل (8,4 آلاف دولار).
وربطت الصحيفة الموازنات التفضيلية التي تحصل عليها المدارس المخصصة لأتباع التيار الديني مقارنة بتلك المخصصة للعلمانيين بسيطرة ممثلي تلك الأحزاب على وزارة التعليم، وتطاول الموازنات التفضيلية بشكل خاص المدارس التابعة للتيار الديني الحريدي، والتي لا تعد جزءا من منظومة التعليم الرسمي، وتصر على عدم تدريس المواد الأساسية مثل الإنكليزية، والرياضيات، والعلوم.
وذكرت صحيفة "ذي ماركير" أن وزارة التعليم، وتحت ضغط الأحزاب الدينية المشاركة في الحكومة، قررت مؤخراً "زيادة الموازنات المخصصة للمدارس الحريدية"، ولفتت إلى أن هذا القرار يتناقض مع توجهات الحكومات الإسرائيلية الهادفة إلى تشجيع المدارس الحريدية على تعليم المواد الأساسية.
وتمكنت الأحزاب والحركات الدينية المشاركة في الحكومة من إلزام رئيسها، بنيامين نتنياهو، بعدم الربط بين الموازنات المخصصة للمدارس الحريدية وبين تدريسها المواد الأساسية. بينما أقرت حكومة بينت/لبيد السابقة، في آخر أيامها، خطة لتشجيع تلك المدارس على تدريس المواد الأساسية عبر موازنات تفضيلية.
وبرر وزير المالية السابق، أفيغدور ليبرمان، الذي يتزعم حزب "يسرائيل بيتينو" العلماني في حينه، إعداد الخطة بأنها تهدف إلى زيادة نسبة مشاركة أتباع التيار الحريدي في سوق العمل، على اعتبار أن تعلم المواد الأساسية يعد أساسياً لتحقيق هذا الهدف.
لكن المزايا التفضيلية التي تمنحها الحكومة الحالية للمؤسسات التابعة للتيار الديني لا تقف عند المخصصات المالية والموازنات، بل تتعداها إلى منحها تسهيلات تنظيمية تمكنها من تنفيذ مشاريع لبناء مزيد من المدراس من دون أن تكون مطالبة بالحصول على تصاريح من سلطات الحكم المحلي.
وحسب صحيفة "ذي ماركير" الاقتصادية، فقد توصلت حركة "شاس" الدينية الحريدية المشاركة في الحكومة إلى اتفاق مع نتنياهو يقضي باعتبار شبكة التعليم الخاصة بها "همعيان" بمثابة سلطة محلية، ليكون بوسعها تصميم مخططات البناء المتعلقة بتدشين مرافق ومدارس جديدة من دون أن تكون مضطرة للحصول على تراخيص بناء من المجالس المحلية، ما يمنحها هامش مرونة كبير في تدشين مؤسساتها، مع عدم تجاهل أن ممثلين عن حركة "شاس" يديرون وزارة الداخلية التي تشرف على عمل السلطات المحلية.
ولم تكتف الأحزاب الدينية بضمان مصالح مؤسساتها التعليمية من خلال الاتفاقات التي توصلت إليها مع حزب الليكود الذي يقوده نتنياهو، بل استطاعت تعيين مسؤولين يتقاسمون الصلاحيات مع وزير التعليم الليكودي، يوآف كيش. إذ تم تعيين النائب عن حركة شاس، الحاخام حاييم بيطون، وزيراً في وزارة التعليم، وتعيين آفي معوز، زعيم حزب "نوعم" الديني، كنائب وزير في ديوان رئيس الحكومة، ليكون مسؤولاً عن البرامج غير المنهاجية في المدارس، وقد أعلن بالفعل أنه سيعيد النظر في 3000 برنامج تعليمي غير منهاجي بزعم أنها لا تسهم في تعزيز مضامين الهوية اليهودية.