قررت إدارة الغذاء والدواء الأميركية التخلّص من 60 مليون جرعة على الأقل من لقاح فيروس كورونا التابع لشركة جونسون أند جونسون، والمصنّع في معامل Emergent BioSolutions، وفق ما نقلته صحيفة "ذا واشنطن بوست".
أكّد مصدر خاص للصحيفة الأميركية، لم يصرّح عن هويته، أنّ الإدارة قامت بمراجعة شاملة لسجلات هذه اللقاحات، وتبيّن أنها غير مستوفية لشروط الصحة العامة.
وعلى الرغم من قرار إتلاف 60 مليون جرعة، إلاّ أنّ إدارة الدواء والغذاء قد وافقت، في المقابل، على الإفراج عن 10 ملايين جرعة بهدف التصدير الخارجي، كجزء من جهود الرئيس جو بايدن لمشاركة اللقاحات مع الدول الأخرى، من دون إعطاء المزيد من المعلومات حول هذه الجرعات، بحسب ما نقله المصدر.
قرار الإتلاف ليس الأول من نوعه، إذ سبق أن اتخذت الإدارة قراراً بإتلاف 15 مليون جرعة من اللقاح نفسه، بعدما تمّ تلويثه عن طريق الخطأ بلقاح "أسترازينكا" البريطاني، الذي يتم تصنيعه في المنشأة نفسها. وأوقفت حينها السلطات الفدرالية عمليات التصنيع، وطلبت من الشركة أن تولي اهتماما أكبر في إصلاح مشاكل المصنّع وإدارتها.
أشار تقرير التفتيش، الصادر عن إدارة الغذاء والدواء في إبريل/نيسان الماضي، إلى وجود ظروف غير صحية في عملية التصنيع، كما لا يوجد التزام بالبروتوكولات الأساسية التي تهدف إلى منع تلوث اللقاحات.
وفي أول تعقيب على هذه التطوّرات، صرّح مدير تقييم وأبحاث البيولوجيا في إدارة الدواء والغذاء بيتر ماركس، في بيان نشرته وسائل الإعلام الأميركية، "أنّ هذه الإجراءات تأتي بعد مراجعة شاملة لتاريخ المنشأ والجودة، كما أنها تأتي في إطار المراجعة الأولى لمراقبة الإنتاج، بعد محاولات مصنع Emergent Bio Solutions استئناف عمليات التصنيع للقاحات".
تداعيات دولية
من شأن القرار الأميركي أن يؤدي إلى امتناع الكثير من الدول عن استخدام اللقاح. إذ علّقت هيئة تنظيم الأدوية، في الحادي عشر من يونيو/حزيران الحالي، توزيع لقاحات جونسون أند حونسون، التي كان من المرجح توزيعها على عدد من المستشفيات ودور التطعيم، وعلّلت الهيئة قرارها بأنه يدخل في إطار التدابير الاحترازية.
كما أنّ شركة Aspen Pharmacare في جنوب إفريقيا، المتخصصة بتعبئة اللقاحات، أصدرت بياناً، نقلته وسائل إعلام محلية، بأنها تنتظر أيضاً معرفة أي من جرعاتها سيتم استخدامها، قبل أن يتم إتلاف باقي الجرعات.
ولا تقف تداعيات الموضوع عند هذا الحدّ، إذ يرى زين رضوي، وهو باحث في العلوم القانونية والسياسية، أنّ قرارات الإدارة الأميركية قد تشكّل ضربة واضحة وكبيرة لتوزيع اللقاحات في القارة الأفريقية، على اعتبار أنّه "قد تمّ الاتفاق على توزيع لقاح جونسون أند جونسون على عدد من الدول الأفريقية".
من جهتها، لم تعلق الشركة على قرارات إدارة الدواء والغذاء الخاصة بإتلاف الجرعات، بل أعلنت على لسان كاثي وينجل، نائبة الرئيس التنفيذي للشركة، أن الأخيرة تحترم جميع القرارات، وتقدّر التعاون الوثيق من أجل إحداث فرق على نطاق عالمي لمواجهة الوباء. ووفق وينجل، فقد تمّ السماح بإطلاق دفعتين من اللقاح، لكنها لم تحدّد الكمية التي تمّ الإفراج عنها بشكل دقيق.
تأثيرات سياسية
يأتي إطلاق جرعات جونسون أند جونسون في الوقت الذي يتعرّض فيه البيت الأبيض للانتقادات بأنه لم يفعل ما يكفي لمشاركة اللقاحات مع الدول الأخرى. قالت إدارة بايدن، هذا الأسبوع، إنها تشتري 500 مليون جرعة من اللقاح المضاد لفيروس كورونا الذي طوّرته شركة فايزر- بيونتك للتبرّع به. في الأسبوع الماضي، أعلنت إدارة بايدن تفاصيل خطة لمشاركة 25 مليون جرعة من اللقاحات على مستوى العالم، في ما وصفه المسؤولون بأنه دفعة أولى من 80 مليون لقاح سيتم إرسالها إلى الخارج بحلول نهاية الشهر الحالي.
خلال عطلة نهاية الأسبوع الماضي، بدأت الحكومة الفدرالية في نقل جرعات لم يحدد نوعها بالضبط، وما إذا كانت من قبل شركة "جونسون أند جونسون" أو غيرها، بهدف التبرّع الدولي، وفق ما أعلنه مسؤول إداري مطلع على التطورات.
وكان عقد شركة جونسون أند جونسون مع الحكومة الفدرالية قد دعا الشركة إلى تسليم 87 مليون جرعة بنهاية مايو/أيار الماضي، بقيمة 870 مليون دولار على شكل مدفوعات، إضافة الى تسليم 13 مليون جرعة متبقية بحلول 30 يونيو/حزيران.
أضف إلى ذلك، شكّلت هذه الحادثة محور نقاش في مجلس النواب الأميركي، إذ أصدرت اللجنة الفرعية المختارة للرقابة في مجلس النواب، والمعنية بأزمة فيروس كورونا، تقريراً عن مجريات ما حصل في مصنع Emergent. ووفق التقرير، فقد تم اكتشاف فيروس غير ضار في لقاح أسترازينكا، الذي يستخدم لتحفيز المناعة ضد الفيروس، في دفعة كبيرة من لقاحات جونسون، وهو ما يعتبر تهديداً للأمن الصحي في البلاد.
خلال جلسة استماع للجنة الفرعية لمجلس النواب، تعرّض مديرو المصنع للهجوم بسبب حصولهم على مكافآت ضخمة في الوقت ذاته الذي فشل فيه المصنع في إنتاج أي لقاح يمكن استخدامه في الولايات المتحدة أو في أي مكان آخر.
قال الرئيس التنفيذي لشركة Emergent روبرت كرامر، أمام اللجنة الفرعية المختارة للرقابة في مجلس النواب، في شهادة له بتاريخ 19 مايو/أيار، "إنّ المصنع احتفظ بشركة مستقلة لمراقبة الجودة، فيما قامت الأخيرة بأعمال التنظيف والتطهير والإصلاحات في جميع أنحاء المنشأة، لتحسين إجراءات معالجة النفايات وتعزيز تدريب العاملين في الموقع، وبالتالي، فإنّ المصنع اتخذ جميع الاحتياطات اللازمة لضمان الجودة".