أفاد المفوّض العام لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) فيليب لازاريني، اليوم الجمعة، بأنّه "من غير الممكن غضّ الطرف عن المأساة الإنسانية" الواقعة في قطاع غزة، وسط انهيار الخدمات الأساسية فيه، محذّراً من أنّ كثيرين "سوف يموتون" من جرّاء الحصار الإسرائيلي المحكم للقطاع.
وأتت تصريحات لازاريني في خلال مؤتمر صحافي عقده في القدس المحتلة، وذلك في اليوم الحادي والعشرين من عدوان الاحتلال الإسرائيلي المستمرّ على القطاع منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، مشدّداً على أنّ "تأجيل إنهاء الحرب (الإسرائيلية) على غزة من شأنه أن يزيد من خطر توسّع النزاع".
وقال المفوّض العام لوكالة أونروا إنّه "في الوقت الذي نتحدّث فيه هنا، يموت الناس في غزة". وأضاف أنّهم "لا يموتون من جرّاء القنابل والقصف فحسب"، مشيراً إلى أنّ "أشخاصاً كثيرين سوف يموتون كذلك، قريباً، نتيجة تداعيات الحصار المفروض على قطاع غزة". وبيّن أنّ "الخدمات الأساسية في حالة انهيار في حين أنّ الأدوية تنفد، وكذلك المواد الغذائية والمياه"، مضيفاً أنّ شوارع راحت تفيض بمياه الصرف الصحي في غزة.
As we speak, people in📍#Gaza are dying.
— UNRWA (@UNRWA) October 27, 2023
They are dying only from bombs and strikes. Soon, many more will die from the consequences of siege imposed on the Gaza Strip.@UNLazzarini: We cannot anymore turn a blind eye to this human tragedy ⬇️https://t.co/eTA1yKrJa7 pic.twitter.com/VMCoExUdqr
وأكّد لازتريني أنّ قطاع غزة "على شفى كارثة"، لا سيّما مع "مخاطر تفشّي الأمراض" فيه، لافتاً إلى أنّه "للمرّة الأولى نردنا أنّ أشخاصاً يواجهون المجاعة في غزة".
وجدّد المفوّض العام للوكالة الأممية تحذيره من أنّه "لن نكون قادرين على استكمال أعمالنا من دون تأمين الوقود"، مبيّناً أنّ "الوقود الذي نملكه لن يكفي لأكثر من يومَين لاستخدامه في إطار عملياتنا الخاصة".
يُذكر أنّ إدخال الوقود مقطوع كلياً عن قطاع غزة، منذ أحكم الاحتلال الإسرائيلي الحصار عليه بصورة كاملة، بعد عملية "طوفان الأقصى"، إلى جانب قطع السلطات الإسرائيلية الكهرباء والمياه والغاز كلياً عن أهل القطاع.
وقبل أيام قليلة، سُمح بإدخال بعض المساعدات من خلال معبر رفح عبر الحدود المصرية مع قطاع غزة، غير أنّ تلك المساعدات لم تتضمّن الوقود، على الرغم من أنّ منظمة الصحة العالمية كانت قد شدّدت قبيل ذلك على ضرورة إدخال الوقود من أجل تشغيل المستشفيات ومحطات تحلية المياه.
وفي هذا الإطار، قال المفوّض العام لوكالة أونروا إنّ "الشاحنات القليلة التي تصل إلى قطاع غزة لن تحدث فرقاً" بالنسبة إلى سكانّه واحتياجاتهم. كذلك شدّد على أنّ "ثمّة حاجة إلى تدفّق مستمرّ وغير متقطّع للمساعدات" التي تُخصَّص للقطاع الذي يعاني وسط الاستهداف الإسرائيلي المستمرّ منذ ثلاثة أسابيع.
وفي ردّ على "الذين يخشون وقوع المساعدات بالأيدي الخاطئة"، مشكّكين في وصولها إلى جهات غير تلك المقصودة، قال لازاريني "نوجّه المساعدات للأشخاص الأشدّ حاجة إليها".
وفي ظلّ محدودية الإمكانات والمساعدات التي تدخل إلى القطاع، يبدو أنّ وكالة أونروا والوكالات الأخرى التابعة للأمم المتحدة تجد نفسها مضطرة إلى التفضيل بين سكان قطاع غزة الذين يرزحون منذ نحو 16 عاماً تحت حصار إسرائيلي لا يرحم. وهذا ما يجعلهم في أكبر سجن مفتوح في العالم، بحسب ما يحاول اليوم ناشطون كثر تسليط الضوء عليه.
من جهة أخرى، تطاول الاعتداءات الإسرائيلية منشآت وكالة أونروا، وكذلك العاملين فيها. فإلى جانب استهداف مدارس تابعة لها تحوّلت إلى مراكز إيواء للنازحين في قطاع غزة، خسرت أفراداً من المنتسبين لها. وفي هذا الإطار، قال لازاريني في خلال مؤتمره الصحافي إنّه "تمّ تاكيد مقتل 57 من زملائنا على أقلّ تقدير" في خلال الحرب على غزة، في حين أنّ "آلافاً آخرين معرّضون للخطر نفسه وهم يكافحون يومياً" وذلك وسط "القصف والترهيب".
تجدر الإشارة إلى أنّ آلة الحرب الإسرائيلية لم تحيّد أيّ جهة في قطاع غزة منذ ثلاثة أسابيع، فإلى جانب "أونروا" استهدفت كذلك مستشفيات، ومراكز إيواء أخرى، وسيارات إسعاف، وعمّال إغاثة ومسعفين، بالإضافة إلى مئات الآلاف من سكان غزة، سواءً في شمال القطاع أو في وسطه أو في جنوبه الذي يدّعي الاحتلال أنّه آمن، في حين أنّه يرتكب جرائمه الأخيرة في الجنوب الذي أمر أهالي الشمال بالتوجّه إليه للنجاة بأنفسهم. وقد رأى لازاريني أنّ "من الضروري حماية المدنيين والمستشفيات خلال الهجمات".
وفي سياق متصل، قال المفوّض الأممي إنّه "من غير الممكن أن نعادل ما بين سكان غزة وحركة حماس"، مؤكداً أنّ "هذا أمر مضلّل". ويأتي كلامه هذا في ما يشبه التعليق على ادّعاءات الاحتلال الإسرائيلي التي تشير إلى أنّ الاستهداف العسكري مركّز على البنى التحتية لحركة حماس دون المدنيين. لكنّ المشاهد التي ترد من قطاع غزة تبيّن بوضوح أنّ كلّ ذلك ادّعاءات باطلة.