أفغان هربوا إلى باكستان للبحث عن بلدان أكثر أماناً

15 ابريل 2022
أفغان يحاولون الدخول إلى باكستان (بولنت كيليتش/ فرانس برس)
+ الخط -

لجأت الكثير من العائلات الأفغانية التي خرجت من البلاد مؤخراً إلى فنادق العاصمة الباكستانية إسلام آباد التي تعد المحطة الأولى للهاربين الراغبين في الانتقال إلى أماكن أخرى. ويواجه هؤلاء الكثير من المشاكل، من بينها الحصول على تأشيرة للدخول إلى باكستان، والتي تباع في السوق السوداء بنسبة أكبر من الطريقة القانونية المفروض اتباعها وهي اللجوء إلى السفارة الباكستانية لدى العاصمة القانونية كابول، ثم الخروج براً عبر الحدود أو مطار كابول، وتأمين العيش في إسلام آباد.

وتحكي الأفغانية غول مينه، التي تعيش في فندق في إسلام آباد في الوقت الحالي، قصة وصولها إلى إسلام آباد والعيش لمدة شهر في فندق. وتقول لـ "العربي الجديد" إنها تنوي التوجه إلى تركيا حيث زوجها وبعض من أقاربها. وتوضح أنها سجلت اسمها وأسماء أولادها الأربعة إلكترونياً للحصول على تأشيرة للدخول إلى باكستان حيث تنوي تقديم أوراقها إلى السفارة التركية. وعلى الرغم من انتظارنا أسابيع، لم نحصل على التأشيرات، الأمر الذي دفعها للجوء إلى أحد مكاتب السياحة التي وعدتها باستخراجها خلال خمسة أيام في مقابل مبلغ 800 دولار.
تضيف أن المبلغ كان كبيراً بالنسبة إليها، الأمر الذي دفعها إلى التراجع عن شراء التأشيرة. وبعد أيام عدة، لم تجد أي حل بديل، فلجأت إلى مكتب آخر طلب 650 دولارا في مقابل تأمين التأشيرة وتمكنت من القدوم إلى باكستان، حيث واجهت مشاكل أخرى وقدمت أوراقها إلى السفارة التركية. وتعيش وأولادها في فندق تصل تكاليفه إلى 300 دولار أسبوعياً. واضطرت العائلة إلى بيع قطعة أرض بثمن بخس للتمكن من السفر. يشار إلى أنه بعد سيطرة حركة طالبان على البلاد، تدهورت قيمة الأراضي والمنازل، إلا أن العائلة كانت مجبرة على البيع.
وبعد مرور 20 يوماً، انتقلت إلى مدينة راولبندي حيث استأجرت منزلاً في مقابل 200 دولار شهرياً، عدا عن مصاريف الخدمات من كهرباء وغاز وغيرها، وتأمين الطعام بالإضافة إلى أمور أخرى. ولا تعرف إلى أي مدى يمكنها المكوث في أفغانستان، كما أنها غير متأكدة من الحصول على تأشيرة للدخول إلى تركيا. وفي حال عدم الحصول على التأشيرة، لا تدري ماذا يمكنها أن تفعل وخصوصاً أن العيش في أفغانستان بات صعباً، على حد قولها.

من جهتها، تقول أقصى بي بي (اسم مستعار) إنها عملت في وزارة التعليم لمدة ثماني سنوات قبل سيطرة "طالبان" على الحكم، وهي تعيل أسرتها بسبب عدم قدرة زوجها على العمل لإصابته بشلل نصفي. وإلى جانب عملها في الوزارة، كانت تدافع عن حقوق النساء من خلال عملها في مؤسسة إسبانية. وبمساعدة المؤسسة، قدمت أوراقها إلى الحكومة الإسبانية، وتمكنت من الوصول إلى باكستان على أمل الانتقال وأفراد أسرتها إلى مكان أكثر أماناً بأسرع وقت ممكن. لكن بعد مكوثها في باكستان، أخبرتها مسؤولة إسبانية بأن عليها الانتظار حتى شهر أكتوبر/ تشرين الأول المقبل للبت في الطلب. ونتيجة لصعوبة الحياة في إسلام آباد وغلاء الأسعار، قررت العودة إلى أفغانستان مع جميع أفراد أسرتها، آملة أن تأتي إلى باكستان في أكتوبر/ تشرين الأول المقبل استناداً إلى كلام المسؤولة. 

لاجئون أفغان في مخيم في باكستان (حسين علي/ الأناضول)
لاجئون أفغان في مخيم في باكستان (حسين علي/ الأناضول)

في المقابل، قدمت بعض العائلات الأفغانية أو الأفراد إلى باكستان من دون أن يعرفوا وجهتهم. وفي الوقت الحالي، يطرقون أبواب مختلف السفارات في إسلام آباد علهم يجدون طريقاً للخروج من بلد لا عمل فيه ولا حياة. من بين هؤلاء محمد سيد الذي تخرج من إحدى الجامعات الخاصة في كابول وعمل مع مؤسسة أميركية إلا أن عقد العمل بينه وبينها انتهى قبل ستة أشهر من سيطرة "طالبان" على الحكم. بعدها، حاول التواصل مع المسؤولين في المؤسسة الذين سعوا إلى مساعدته من دون أن يتمكن من الخروج ضمن عملية الإجلاء التي قادتها الولايات المتحدة الأميركية، وما زال ينتظر. إلا أنه ريثما يتحقق مبتغاه بالانتقال إلى الولايات المتحدة الأميركية، قدم إلى إسلام آباد لصعوبة العيش في كابول، عله يجد عملاً. كما يحاول التسجل في إحدى الجامعات البريطانية بهدف متابعة الدراسات العليا، على غرار ما فعل عدد من أقاربه القاطنين في باكستان. وفي الأخيرة، واجه المشاكل نفسها على غرار العديد من الأفغان، من بينها بدل الإقامة في الفنادق واضطراره إلى تمديد مدة التأشيرة التي لا تتجاوز في العادة الشهر الواحد، لكنّه في حاجة إلى المال. 

ويحاول الخريجون الجامعيون والمثقفون الخروج من البلاد على الرغم من دعوتهم من قبل "طالبان" للبقاء في البلاد. إلا أن الحركة نفسها كانت قد أقالت شريحة كبيرة من هؤلاء من وظائفهن، الأمر الذي زاد من قناعتهم بضرورة الفرار من بلادهم. في هذا الإطار، يقول نائب الناطق باسم طالبان بلال كريمي، لـ "العربي الجديد": "لم نقل أحداً، بل نعمل على تأمين فرص عمل للمواطنين، وندعو الجميع إلى البقاء في البلاد". لكنّ الواقع يشير إلى غير ذلك، كما يرى معظم الأفغان.

المساهمون