الحوادث المرورية أزمة قديمة في أفغانستان، غير أن وتيرتها ارتفعت في الآونة الأخيرة، وعادة ما تزداد الحوادث في المواسم الخاصة، مثل الأعياد، وعطلات الصيف، والتي يتوجه فيها الأفغان بأعداد كبيرة إلى المصايف والمناطق السياحية، ما يؤدي إلى مقتل وإصابة العشرات سنوياً.
وتشير الأرقام الرسمية إلى أن عشرات الحوادث وقعت خلال عطلة عيد الأضحى، وراح ضحيتها 19 شخصاً وأصيب 587 آخرون، عدد منهم في حالة خطرة، بينما عشرات الحوادث لم تسفر عن قتلى أو جرحى، لكنها خلفت أضراراً في المركبات والمتعلقات والطرق. وأكدت وزارة المواصلات، في بيان، في 2 يوليو/ تموز، أن حوادث المرور في تزايد متواصل، وأن الحكومة تتخذ خطوات جادة من أجل التصدي لهذه الظاهرة المتفاقمة.
وقال الناطق باسم شرطة العاصمة كابول، خالد زدران، لـ"العربي الجديد"، إن "العاصمة شهدت 7 حوادث مرورية كبيرة خلال أيام العيد الثلاثة، ما أدى إلى مقتل خمسة أشخاص وإصابة آخرين"، مؤكداً أن "السبب الرئيسي وراء تلك الحوادث كان السرعة الزائدة، وعدم مراعاة قوانين المرور، وبالتالي، ثمة حاجة ملحة لتطبيق القانون على الجميع، كما أن على المواطنين تجنب السرعة غير المسموح بها وفق القوانين".
وأضاف زدران أنه "من بين الخطوات التي اتخذتها الحكومة، التدقيق في منح تراخيص القيادة. في السابق كانت عملية منح التراخيص سهلة، وبالتالي كان الناس يحصلون على التراخيص من دون وعي بقوانين المرور، ومن دون أن يكونوا سائقين مهنيين، لكن الأمر لن يظل على هذا النحو، ووزارة الداخلية تدرس القضية بشكل دقيق، وتسعى لإيجاد حل مناسب على المدى الطويل".
وكانت ولاية ننجرهار (شرق) من بين الولايات التي شهدت الكثير من حوادث المرور، والتي قُدرت بـ"العشرات"، حسب إدارة الصحة المحلية، ومعظمها وقعت على الطريق الرئيسي الذي يربط العاصمة كابول بمناطق شرقي البلاد.
وقالت إدارة الصحة في ننجرهار، في بيان، إن "أيام عيد الأضحى شهدت عشرات حوادث المرور، ما أدى إلى مقتل شخصين وإصابة 170 آخرين، وعدد كبير منهم يتلقون العلاج في مستشفيات مدينة جلال أباد عاصمة الولاية، ومستشفيات المديريات، والسبب عادة السرعة الفائقة، والحكومة قررت اتخاذ إجراءات صارمة من أجل التصدي للظاهرة المتفاقمة".
وقال الناطق باسم إدارة الصحة المحلية في الولاية، ويدى نقيب الله رحيمي، لـ"العربي الجديد"، إن "معظم المصابين في حوادث المرور هم من المراهقين والشباب، وحصلت معظم الحوادث بسبب التسابق بين السيارات على الطرق داخل مدينة جلال أباد، وعلى الطرق التي تربط بين المديريات"، معرباً عن أسفه حيال وقوع كل تلك الحوادث، ومؤكداً أن "الحكومة ستتخذ إجراءات صارمة في ما يتعلق بتنفيذ قوانين المرور، ومنح تراخيص القيادة".
وفي ولاية قندوز (شمال) وقعت العديد من الحوادث المرورية خلال عطلة عيد الأضحى، كونها ولاية مركزية تربط العديد من المناطق، كما تضم منفذ "شير خان بندر" الحدودي مع طاجكستان، والحوادث المرورية فيها باتت جزءاً من يوميات السكان، إذ راح ضحيتها في أيام العيد سبعة أشخاص، فضلاً عن إصابة 150 آخرين، بحسب إدارة الصحة المحلية.
يقول حجة الله ميوند، من قندوز، لـ"العربي الجديد": "تعبنا من تكرار الحوادث المرورية، فكل يوم يقتل شباب ومراهقون على الطرق، ولا شك أن جزءاً كبيراً من اللوم يقع على عاتق المواطنين الذين يمارسون القيادة بسرعات فائقة، والشبان الذين يتسابقون على الطرق، لكن هناك جزءاً من اللوم على عاتق الحكومة، فتراخيص السواقة توزّع من دون تدقيق، بل تُباع في مقابل مبالغ زهيدة، وكل من يريد يمكنه أن يحصل على الرخصة من دون امتحان أو تدقيق، ومن دون إلمام بقواعد المرور، كما أن حكومة طالبان ألغت الغرامة المالية على من يخالف قواعد المرور، بحجة أنها تخالف الشريعة الإسلامية، وهو ما جعل المواطنين لا يحتاطون، رغم أنهم يدركون أن عدم الاحتياط يزهق الأرواح".
يضيف ميوند: "شهدت الفترة الأخيرة استقراراً أمنياً على الطرق الرئيسية، وهناك توجه كبير صوب السياحة، فكثيرون يذهبون إلى المناطق السياحية في أيام الإجازات، ومعظمهم من الشباب، وبعض هؤلاء يتسابقون على الطريق، ما يؤدي إلى وقوع الحوادث".
في منتصف يونيو/ حزيران الماضي، كشفت إدارة المرور الأفغانية، أنه "خلال عشرة أشهر، لقي 900 شخص حتفهم من جراء حوادث مرورية، وكان عدد الجرحى بالمئات، وإلى جانب وعورة بعض الطرق، فإن السرعة الفائقة وعدم مراعاة قوانين المرور كانت أبرز أسباب الحوادث"، وشهد عام 2021، أكثر من 1500 حادث مروري، أسفرت عن مقتل 870 شخصاً، وإصابة مئات آخرين.